السؤال
نعلم أن الفجر نوعان فجر كاذب وفجر صادق، وأجمع أهل العلم بأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي صلاة الصبح في الفجر الصادق عند ظهور الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وحث على تحريه. عندنا في بلاد المغرب نصلي صلاة الصبح ومازال الظلام شديدا يعني حتى بعد الاتنهاء من الصلاة، وهذا حال أغلبية بلاد المسلمين والله أعلم، ونعلم أيضا أن من شروط الصلاة : دخول الوقت.
هل الصلاة صحيحة مادام الوقت لم يدخل ؟ و ما العمل في هذه الحالة ؟ نرجو منكم التوضيح و التبيين؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذكرته من كون الفجر فجرين صادق وكاذب، وأن صلاة الصبح لا تصح إلا بعد دخول الفجر الصادق مجمع عليه بين الأئمة.
قال ابن قدامة رحمه الله: وقت الصبح يدخله بطلوع الفجر الثاني إجماعا وقد دلت عليه أخبار المواقيت وهو البياض المستطير المنتشر في الأفق ويسمى الفجر الصادق، لأنه صدقك عن الصبح وبينه لك، والصبح ما جمع بياضا وحمرة ومنه سمي الرجل الذي في لونه بياض وحمرة أصبح. فأما الفجر الأول فهو البياض المستدق صعدا من غير اعتراض فلا يتعلق به حكم ويسمى الفجر الكاذب.
وقد بينا علامة الفجر الصادق في الفتوى رقم: 23811.
فمن أمكنه معرفة دخول الوقت بالمشاهدة فإنه يصلي عند تحققه من دخول الوقت، ومن لم يمكنه ذلك فإنه يكفيه تقليد عارف بدخول الوقت كالمؤذن الثقة، ويمكن كذلك الاعتماد على تقويم موثوق إذا علم أن واضعيه من أهل المعرفة بهذا الشأن وانظر الفتوى رقم: 33586.
وما ذكرته من كون غالبية بلاد المسلمين يصلون الفجر قبل دخول الوقت غير صحيح إن شاء الله، فإن أكثر بلاد المسلمين يعتمد أهلها على التقاويم، وقد بينا حكم الاعتماد على هذه التقاويم في معرفة دخول الوقت في الفتوى رقم: 126606.
ولو فرضنا أن فيها نوعا من الخلل، فإن المعتاد هو تأخير صلاة الفجر عن وقت الأذان بزمن يكفي لتحقق دخول الفجر الصادق، أو لحصول غلبة الظن بدخول الوقت وهي كافية في استباحة الصلاة، وعلى كل فإن الصلاة قبل الوقت لا تصح وتجب إعادتها، ولا تجوز الصلاة حتى يحصل اليقين أو غلبة الظن بدخول الوقت.
قال ابن قدامة رحمه الله: فصل : إذا شك في دخول الوقت لم يصل حتى يتيقن دخوله أو يغلب على ظنه ذلك. انتهى.
فإذا تحققت من كون صلاة الصبح تصلى قبل دخول الوقت فلا تجوز لك الصلاة إذن وعليك بتحري مسجد تؤخر فيه الصلاة وتفعل بعد تحقق دخول الوقت، وإذا لم تتحقق من ذلك ولم يمكنك الاجتهاد لمعرفة دخول الوقت، فإنك تقلد من يحصل لك اليقين أو غلبة الظن بإصابته كالمؤذن الثقة أو التقاويم التي يعرف واضعوها بالعلم على ما مرت الإشارة إليه.
قال البهوتي في كشاف القناع: (فإن أخبره ) أي الجاهل بالوقت أعمى كان أو غيره ( مخبر ) عارف بدخول الوقت ( عن يقين ) لا ظن ( قبل قوله ) وجوبا ( إن كان ثقة ) لأنه خبر ديني فقبل فيه قول الواحد كالرواية ( أو سمع أذان ثقة ) يعني أنه يلزم العمل بأذان ثقة عارف لأن الأذان شرع للإعلام بدخول وقت الصلاة فلو لم يجز تقليد المؤذن لم تحصل الحكمة التي شرع الأذان لها ولم يزل الناس يجتمعون للصلاة في مساجدهم، فإذا سمعوا الأذان قاموا إلى الصلاة وبنوا على قول المؤذن من غير مشاهدة للوقت ولا اجتهاد فيه من غير نكير فكان إجماعا ( وإن كان ) الإخبار بدخول الوقت ( عن اجتهاد لم يقبله ) لأنه يقدر على الصلاة باجتهاد نفسه وتحصيل مثل ظنه أشبه حال اشتباه القبلة زاد ابن تميم وغيره ( إذا لم يتعذر عليه الاجتهاد فإن تعذر ) عليه الاجتهاد ( عمل بقوله ) أي قول المخبر عن اجتهاد. انتهى.
وبه يتبين لك ما يجب فعله في هذه المسألة.
والله أعلم.