السؤال
عندي فلاش- جهاز إلكتروني يحمل مساحة خالية للتحميل من الكمبيوتر- ويطلبها مني أصدقائي فأعطيها لهم بعد ما آخذ منهم العهد بألا يستخدموها في جلب المحرمات، أو توزيعها إلى أجهزة الكمبيوتر كالأغاني والأفلام وغيرها، ولكن بعضهم يحلف لي ثم يستخدمها في نقل المحرمات، وأعلم بذالك فيما بعد. فهل أنا شريك في الإثم؟ وهل يجب علي ألا أعطيهم إياها؟ وكيف أتصرف ؟
جزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان قد غلب على ظنك أن طالب الفلاش لن يستخدمها فيما حرمه الله، فلا حرج عليك في إعطائها له، ولست شريكا له في الإثم وإن استعملها في المحرمات في باطن الأمر؛ لأنك إنما تكلف بما يظهر لك. لكن إن علمت بعد ذلك أنه قد استخدمها في أمر محرم، فلا تعطها له مرة أخرى؛ لأنه بذلك قد تبين أن هذا الشخص وأمثاله لا أيمان لهم.
أما إن كان قد غلب على ظنك أنه سيستخدمها في المحرمات، وأنه لا يعبأ بالكذب ولا بالحلف، ومع ذلك أعطيتها له تهاونا أو حياء منه ونحو ذلك، فإنك حينئذ شريك له في ارتكاب المحرم؛ لأنك أعنته على فعله، والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ. {المائدة:2}.
وكن يا أخي الكريم قويا في الحق، لا تأخذك فيه لومة لائم، ولا تخش فيه أحدا؛ فإن الله عز وجل أحق أن تخشاه. وينبغي أن تنصح هؤلاء الأشخاص وتعظهم بالحياء من الله وترك المحرمات، وتذكرهم بخطر إخلاف العهد، وخطر الكذب واليمين وما يترتب على الحنث فيه. كما ينبغي أن تنتقي أصدقاءك بعناية، وأن تكون رابطتك بهم قائمة على البر والتقوى وعلى الحب في الله؛ فإن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله. رجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه وتفرقا عليه. متفق عليه. وفي المعجم الكبير للطبراني: أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله. حسنه الألباني. وقال عليه الصلاة والسلام: الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل. رواه أبو داود والترمذي وأحمد، وحسنه الألباني. وقال عليه الصلاة والسلام: مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحا خبيثة. متفق عليه. يحذيك: يعطيك.
وكما قيل: الصاحب ساحب. فاحذر أن يزينوا لك فعل المحرمات أو يهونوا عليك من إثمها أو يجعلوك معينا لهم عليها.
والله أعلم.