السؤال
السؤال يرحمك الله أن كثيراً ما تذكر زوجتي أمامي مدى حبها لسيدنا عمر رضي الله عنه و انبهارها به. فأجد في نفسي ضيقا، أعلم أن الحب مختلف، و لكنني أغار عليها كثيرا، وحقاً أتضايق عند سماعي تلك العبارات منها، حتى ولو عن شخص كريم قد فارق الحياة منذ أمد بعيد ... فآمرها أن تتوقف عن الكلام، ولكنها تعيده مرة أخرى بعد ذلك، ظناً منها بأن ما حدث من قبل مزاحا .. فماذا أفعل ؟ !
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالغيرة تنقسم إلى قسمين:
1- غيرة محمودة كأن يرى الرجل أهله في فعل محرم أو في موضع تهمة.
2- غيرة مذمومة وهي الغيرة في غير مواطن الريبة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من الغيرة ما يحبه الله، ومنها ما يبغضه الله، فأما الغيرة التي يحبها الله، فالغيرة في الريبة، والغيرة التي يبغضها الله، فالغيرة من غير ريبة. رواه أبو داود وابن ماجة وصححه الألباني.
جاء في شرح سنن ابن ماجه للدهلوي قوله: فالغيرة في الريبة أي يكون في مواضع التهم والشك والتردد بحيث يمكن اتهامها فيه، كما لو كانت زوجته تدخل على أجنبي أو يدخل أجنبي عليها، ويجري منهما مزاح وانبساط، وأما ما لم يكن كذلك فهو من ظن السوء الذي نهينا عنه. انتهى
وغيرتك أيها السائل من حديث زوجتك عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب من الغيرة المذمومة، ولا شك لأنها غيرة في غير موضعها، ولو أنك أنصفت لفرحت بحديث زوجتك عن عمر رضي الله عنه، ولسعدت بذلك فإن حب عمر هو من علامات الإيمان، وبغضه من علامات النفاق .
أتدري أيها السائل من عمر؟ إن عمر كان بركة على الإسلام وأهله من أول لحظة اعتنق فيها الإسلام، كان إسلامه رضي الله عنه فتحاً، وكانت هجرته نصرا، وكانت خلافته قسطا وعدلا. ولو ذهبنا نستقصي فضله وأخلاقه وبركته على الإسلام وأهله لأعيانا البحث ووهنت منا القوى، ثم لم نرجع إلا ببعض فضائله، ويكفي عمر أنه كان يوافق الله سبحانه، فلكم تكلم بالحديث فينزل الوحي إثر ذلك موافقا ومصدقا، قال علي رضي الله عنه: ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر. رواه البيهقي في دلائل النبوة.
ولسنا بصدد الحديث عن فضائل عمر وفضله فهذا مما لا يتسع له هذا المقام، لكن الذي نؤكد عليه خطأ موقفك، وأن غيرتك ليست في موضعها، وأنك غير معذور فيها.
نسأل الله أن يقيك شرها، وأن يذهب عنك شؤمها. وراجع الفتاوى رقم: 44234، 31042، 114065. ففيها بعض الحديث عن فضائل عمر.
والله أعلم.