السؤال
أكتب لكم من غزة وأنتم تعلمون ما يحصل في غزة، تقوم المخابرات الإسرائيلية بالاتصال على أئمة المساجد وتخبرهم أن المسجد سيتم قصفه وتدميره، وقد قصف أكثر من مسجد، ولكن الناس تصر على الصلاة في تلك المساجد المهددة بالقصف ، فهل الصلاة في المسجد المهدد هو نوع من الجهاد والرباط والثبات أم هو ضرب من إلقاء النفس إلى التهلكة؟
و أيضاً يتصل اليهود على بعض المنازل ويطلبون من أهلها تركها لأنهم سيدمرونها، وقد دمر الكثير ولكن بعض الناس لا يترك منزله وقد دمر المنزل عليه ، فهل البقاء في المنزل المهدد جهاد أم ضرب من الانتحار؟ بالله عليكم أن تعجلوا في الإجابة لخطورة المسألة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فينبغي التنبه أولا إلى أن الأولى أن يرجع في هذه المسألة إلى أهل العلم الموثوقين في بلادكم ، فهم أعرف بالواقع هنالك، وأجدر بتحديد ما إذا كان في هذا الأمر مصلحة أم لا؟ ومدى اعتبار هذه المصلحة من عدمه.
والذي يظهر لنا – والله أعلم - أنه إن كانت هنالك مصلحة مرجوة من عدم ترك الصلاة في المسجد أو عدم مغادرة البيوت فلا حرج إن شاء الله في البقاء في هذه البيوت، وأداء الصلاة في المساجد، وليس هذا من الانتحار في شيء، ولا من إلقاء النفس إلى التهلكة.
قال القاضي أبوبكر ابن العربي في كتابه "أحكام القرآن" عند تفسير قول الله تعالى: وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ.{البقرة:195}
وبعد أن نقل أقوال العلماء في المراد بالتهلكة قال رحمه الله: قال الطبري: هو عام في جميعها لا تناقض فيه , وقد أصاب إلا في اقتحام العساكر، فإن العلماء اختلفوا في ذلك . فقال القاسم بن مخيمرة , والقاسم بن محمد , وعبد الملك من علمائنا : لا بأس أن يحمل الرجل وحده على الجيش العظيم إذا كان فيه قوة وكان لله بنية خالصة، فإن لم تكن فيه قوة فذلك من التهلكة . وقيل : إذا طلب الشهادة وخلصت النية فليحمل؛ لأن مقصده واحد منهم , وذلك بين في قوله تعالى: ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله {البقرة:207} . والصحيح عندي جوازه ; لأن فيه أربعة أوجه : الأول : طلب الشهادة . الثاني: وجود النكاية . الثالث : تجرئة المسلمين عليهم . الرابع : ضعف نفوسهم ليروا أن هذا صنع واحد، فما ظنك بالجميع.انتهـى.
والله أعلم.