السؤال
حكم من أخبر امرأة متزوجة بأن شخصا غير متزوج يحكي عنه بسوء ويخدعها حتى يزني معها بحجة أنه يحبها؟
حكم من أخبر امرأة متزوجة بأن شخصا غير متزوج يحكي عنه بسوء ويخدعها حتى يزني معها بحجة أنه يحبها؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالسؤال غير واضح، فإن كان المقصود إخبار امرأة أن شخصا يخدعها حتى يزني بها فهذا له حالان، إما أن يكون المخبر كاذبا في ذلك أو صادقا؛ فإن كان كاذبا فما فعله إثم عظيم وجريمة منكرة، فقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال و ليس بخارج. رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني. وردغة الخبال هي عصارة أهل النار، وهذا هو البهتان الذي جاء في الحديث، ففي صحيح مسلم وغيره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: الغيبة ذكرك أخاك بما يكره قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فقد بهته.
جاء في عون المعبود: ( فقد بهته ) بفتح الهاء المخففة وتشديد التاء على الخطاب أي قلت عليه البهتان وهو كذب عظيم يبهت فيه من يقال في حقه. انتهى.
أما إن كان صادقا في قوله بمعنى أن قوله لم يكن محض تخرص أو ظن، فهذا مأجور فيما فعل لأن نصيحة المسلمين واجبة، جاء في صحيح البخاري عن جرير بن عبد الله قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم.
وهذا الموطن - موطن النصح - مستثنى من الغيبة المحرمة؛ لأن الأصل هو الستر على عيوب المسلمين وزلاتهم إلا في مواضع هذا أحدها، قال الإمام ابن حجر الهيتمي في الزواجر عن اقتراف الكبائر: الأصل في الغيبة الحرمة؛ وقد تجب أو تباح لغرض صحيح شرعي لا يتوصل إليه إلا بها. ثم ذكر الأبواب التي تجوز فيها الغيبة ومنها قوله: الرابع: تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم كجرح الرواة والشهود والمصنفين والمتصدين لإفتاء أو إقراء مع عدم أهلية، أو مع نحو فسق أو بدعة وهم دعاة إليها ولو سراً فيجوز إجماعاً بل يجب.
جاء في كتاب الأذكار للإمام النووي عند ذكره للمواضع التي تباح فيها الغيبة : ..الرابع : تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم. انتهى.
أما إذا كان مقصود السائل أن هناك شخصا يتحدث مع امرأة ويجاريها وهو بهذا يخدعها حتى يزني هو بها بحجة أنه يحبها، فهذا إنسان فاجر فاسق، وفعله هذا محرم لأنه يريد التوصل به إلى الزنا الذي هو من أكبر الكبائر، وما يتوصل به إلى الحرام فهو حرام؛ حيث إن الوسائل تأخذ حكم الغايات في الشريعة الإسلامية.
يقول ابن القيم في إعلام الموقعين: لما كانت المقاصد لا يتوصل إليها إلا بأسباب وطرق تفضي إليها؛ كانت طرقها وأسبابها تابعة لها معتبرة بها، فوسائل المحرَّمات والمعاصي في كراهتها والمنع منها، بحسب إفضائها إلى غاياتها وارتباطها بها انتهى
وقد بينا في الفتاوى رقم: 114945 ، 96395 ،56149 ، قبح جريمة الزنا .
وللفائدة راجع الفتويين رقم: 10849, 96951 .
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني