السؤال
مربي أبقار يقوم ببيع الحليب للعديد من الزبائن دائمي الشراء منه على مدار السنة، ويبيع لهم اللتر بسعر معين، وما إن يأتي شهر رمضان، فيزداد الطلب على شراء الحليب، فيقوم هو بالزيادة في السعر على المشترين الجدد الآتين في هذا الشهر، وكذلك يقوم بالزيادة على الزبائن الدائمين، فما حكم هذه الزيادة في السعر على القائمين بالشراء بصفة مستمرة؟ وهل يجوز التفريق في السعر بين الصنفين؟ علماً أنّه بعد انصراف هذا الشهر يعود البيع للزبائن المستمرين بذات السعر المستقر عليه فيما مضى؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلأصل أنه يجوز لمن عنده بضاعة أن يعرضها بما شاء من ثمن، فإذا عرضها واشتراها منه مشتر راض غير مكره، فالبيع جائز صحيح، لعموم قول الله تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا {البقرة:275}، ولقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء:29]، ولكن ينبغي للتاجر المسلم أن لا يكون جشعاً أنانياً، لا يهمه في تعامله إلا الجانب المادي فقط، بل عليه أن يكون الجانب الخلقي في مقدمة اهتماماته، ومن أساس أهدافه، فييسر على المتعاملين معه، ويراعي مصالحهم كما يراعي مصلحة نفسه قدر الإمكان، فيبيع بضاعته بيعاً سمحاً، ويشتري شراء سمحاً، من غير شره ولا شح، فإنه بفعله ذلك سيكسب الكثير والكثير، ويكفيه أنه سيكون مشمولاً بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، وإذا اشترى. أخرجه البخاري وغيره.
وبناء على ما تقدم، فإنه يجوز لصاحب الأبقار أن يبيع اللبن بما شاء، وأن يفاضل بين المشترين في السعر، وأن يرفع السعر تارة ويخفضه تارة أخرى، حسب العرض والطلب، إلا أنه يندب له أن يراعي أحوال الناس وظروفهم، ويتخلق بأخلاق التاجر المسلم السمح في معاملاته.
كما أن عليه أن يعلم أن رمضان متجر رابح، وظرف مواتٍ للمواساة، والتخلق بالأخلاق الفاضلة النبيلة.
والله أعلم.