السؤال
اشتريت أرضًا من شخص على أنها ملكية خاصة له، ووضعت فيها كل ما أملك، ثم تبين لي فيما بعد أنها من أملاك الري بالدولة، وأن من باعها لي كان قد وضع يده عليها منذ سنوات طويلة. فهل يجوز لي بيعها للغير كما باعها لي من سبق؟ مع العلم بأن الري لا يسمح بتمليك أراضيه إذا علم عنها.
وأيضًا كل المنطقة هناك وضع يد، وإذا لجأت إلى المحاكم لاستعادة أموالي، فإن المحكمة دائمًا تحكم بحسن النية لمن باع، ولن أحصل على شيء. فما العمل؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن من اشترى أرضاً مملوكة لغير بائعها وهو لا يعلم ذلك لم يجز له بيعها لغيره، لأنها ملك للغير، وليست ملكاً له هو، ولا يجوز للشخص أن يبيع ما لا يملك، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل بيع وسلف، ولا شرطان في بيع، ولا بيع ما ليس عندك. أخرجه النسائي وأبو داود.
فمجرد وضع البائع اليد على الأرض ليس سبباً شرعياً لتملكه لها حتى يحق له التصرف فيها بما شاء من بيع أو هبة أو غيرهما، فلا بد من سبب شرعي للتملك كإقطاع الحاكم أو نائبه إذا كانت غير موات، أو إحياء إذا كانت مواتاً...
وبناء على هذا، فإنه لا يصح بيعك لهذه الأرض، ولك الرجوع على البائع بالثمن الذي دفعته له، فهذا حكم عام في من اشترى من غاصب أو متعد أنه يرجع عليه بالثمن، ولا تأثم إذا لم تكن عالماً بتعديه أو غصبه، وإذا لم تحصل على حكم باستحقاق الرجوع عليه ولم يقبل هو رجوعك عليه امتثالاً للشرع، فتلك مصيبة، فعليك أن تحتسبها لله لتنال الأجر الكثير الذي بشر الله الصابرين به، فقد قال سبحانه تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ* أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ {البقرة:155-156-157}، وإذا كظمت غيظك وعفوت عنه كان ذلك أكمل، فقد قال سبحانه وتعالى: وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (البقرة:237}، وللفائدة في الموضوع راجع الفتوى: 110070، والفتوى: 110628.
والله أعلم.