السؤال
تقوم الدولة بدعم الأسمدة الزراعية للفلاحين وصرفها فقط من خلال الجمعيات الزراعية وتمنع بيعها فى القطاع الخاص وتوزعها من خلال بطاقات توضح مساحة الأرض ونوع المحصول ومن خلال ذلك تحدد الكمية ونوع السماد والسؤال هو: إذا قام صاحب الأرض بتأجيرأرضه بمبلغ معين فهل يحق له صرف الأسمدة الخاصة بأرضه وبيعها والاستفادة من فرق السعرمع عدم استفادة المستأجر منها حيث إنه يعتبرها من منافع أرضه علما بأن المستأجر يقوم بشراء الأسمدة التى يحتاجها لزراعة الأرض المستأجرة من القطاع الخاص بسعر عال إن وجدت.
الإجابــة
خلاصة الفتوى:
إذا اشترط البائع على المشتري أن لا يبيع المبيع فجمهور أهل العلم على أنه شرط باطل، وهل يبطل به البيع؟ على قولين. وقد ورد عن الإمام أحمد روايه تقول بصحة البيع والشرط.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فينظر في المقصود بهذا الدعم هل هو الفلاح الذي يزرع الأرض مالكا كان أو مستأجرا، أم المقصود به مالك الأرض ولو أجر أرضه ولم يقم هو بزراعتها.
وعلى معرفة من يستحق الحصول على السماد المدعوم من قبل الدولة ينبني الجواب على السؤال المذكور.
وفي حال كان المقصود هو الفلاح وهذا هو المتبادر إلى الذهن وبه تتحقق المصلحة فلا يحق لمالك الأرض أن يحتال للحصول على هذه الأسمدة المدعومة ولا التصرف فيها على غير الوجه التي حددته الدولة، وهذا إذا كانت الدولة تمنح الأسمدة مجانا أو تبيعها بسعر رمزي لا يساوي نسبة معتبرة من قيمتها. وأما إن كانت تبيعها بشرط أن يستعملها المشتري في أرض دون ببيعها لغيره فهذا الشرط باطل لأنه ينافي مقتضى العقد من جهة انتفاع المشتري بالمبيع على أي وجه شاء.
وهل يبطل العقد أم لا؟ ذهب بعض أهل العلم إلى بطلان عقد البيع إذا اشترط البائع على المشتري أن لا يبيع المبيع، وعللوا هذا البطلان بأن هذا الشرط يعود على الثمن بالجهالة وعلى عقد البيع بمخالفة موجبه.
جاء في الإتقان والأحكام شرح عمدة الحكام وهو من كتب المالكية: فمثال الشرط الحلال المؤثر في الثمن جهلا أن يشترط البائع على المشتري أن لا يبيع ما اشترى منه ولا يهبه، فنفس الشرط وهو كون المشتري يتمسك بما اشترى ولا يبيعه ولا يهبه حلال جائز واشتراطه الدخول عليه ممنوع لأن البيع على هذا الشرط إنما يكون غالبا برخص ونقص عن الثمن ذلك المبيع... ومقدار ما انتقص من الثمن لأجل ذلك الشرط مجهول، والجهل في الثمن لا يجوز ويفسد به البيع... ثم ذكر فيه علة أخرى فقال: فيه زيادة على التأثير في الثمن علة أخرى للمنع وهي كون ذلك المؤثر من باب اشتراط ما يوجب الحكم خلافه لأن الحكم يوجب جواز تصرف المشتري فيما اشتراه على أي وجه شاء مما أباحه الشارع من بيع وهبة أوغير ذلك، فالتحجير بأن لا يبيع ولا يهب شرط مناقض لمقتضى عقد البيع واشتراط مثله ممنوع ويفسد به البيع. انتهى
وذهب آخرون إلى بطلان الشرط وصحة البيع.
جاء في الإنصاف وهو من كتب الحنابلة: شرط ما ينافي مقتضى العقد نحو أن يشرط أن لا يبيع ولا يهب فهذا باطل في نفسه وهل يبطل البيع على روايتين؛ إحداهما: لا يبطل البيع وهو الصحيح من المذهب. انتهى
وفي المسألة قول آخر وهو صحة البيع والشرط كما جاء في المصدر السابق في رواية عن أحمد: لو شرط أن لا يبيع ولا يهب فنص أحمد على الصحة، وقال: ونصوصه صريحة بصحة هذا البيع والشرط. انتهى
وعلى هذا الرواية فيثبت الخيار للبائع في فسخ المبيع وإمضائه. وقيل: له أرش ما نقص من الثمن بإلغائه الشرط، فإن هذا الشرط ينقص الثمن عادة، فإذا خالف المشتري الشرط رجع البائع عليه بالنقص من الثمن بسبب هذا الشرط.
والله أعلم.