الشعور بالتعب وبضيق الحياة... التشخيص والعلاج
2010-06-19 11:29:57 | إسلام ويب
السؤال:
أنا متعبة، ودائماً أشعر بهذا الشعور، كما أنني لا أشعر بأنني أعيش كما يعيش البشر، أشعر وكأنني أطير عن الأرض، ودائمة الحزن والتعب والإرهاق ولا أحب أي شيء، الكل يشتكي مني أنني دائمة الحزن، أحاول أن أضحك ولكن يكون ظاهريا ولكن بالداخل أنا حزينة، وأشعر بضيق الحياة، حتى خطيبي أحياناً أتجاهله لأنني متعبة، علماً بأن وظيفتي عادية وليست بشاقة، عندي كلام كثير أود من أصحاب الدين والعلم والدراية أن يساعدوني لأعود إلى طبيعتي.
أحب أن أعمل كل ما يرضي الله، أرجوكم يا من عنده مخافة من الله وحب لله أنا تعبانة جداً، أنشدكم باسم الأخوة الإسلامية أن تساعدوني، فأنا لا أعلم ما أفعله!
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أميرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فنشكرك أيتها الفاضلة الكريمة على تواصلك مع إسلام ويب، وعلى كلماتك الطيبة، ونقول لك إن مناشدتك تجد عندنا كل تقدير، ونسأل الله لك العافية والشفاء، وأقول لك أيتها الفاضلة الكريمة أن هذه الأعراض تدل وتشير على أنك تعانين من كدر وعسر في مزاجك، وهذا أحد المؤشرات الرئيسية التي تدل على وجود اكتئاب نفسي، وأعتقد أن هذا الاكتئاب الذي تعانين منه ليس من الدرجة الشديدة، قد يكون من الدرجة البسيطة أو المتوسطة.
والأعراض التي ذكرتها والمشاعر التي تنتابك هي واضحة جدّاً وتدل على وجود اكتئاب نفسي، والاكتئاب النفسي ليس من الضروري أبداً أن تكون له أسباب، وإن كان في كثير من الحالات قد نرى الجوانب الوراثية والظروف الحياتية السالبة، وكذلك التكوين الغريزي للشخصية ربما يلعب دوراً في الاكتئاب النفسي، ولكن في كثير من الناس لا توجد أي أسباب.
أيتها الفاضلة الكريمة: حالتك إن شاء الله تستجيب استجابة ممتازة للأدوية، وأنت في حاجة لدواء واحد، من أفضل الأدوية دواء يعرف علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine)، ويسمى تجارياً باسم (بروزاك Prozac) وهو متوفر في الأردن، أرجو أن تسألي عنه تحت اسمه العلمي (فلوكستين) وهو لا يحتاج لوصفة طبية.
جرعة البداية أن تتناولي كبسولة واحدة في اليوم، يفضل تناولها بعد الأكل، استمري على هذه الجرعة لمدة شهر، بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى كبسولتين في اليوم، استمري عليها لمدة أربعة أشهر، ثم خفضيها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم إلى كبسولة واحدة يوماً بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
هذا الدواء من الأدوية الفاعلة والممتازة وغير الإدمانية وغير التعودية، كما أنه لا يؤثر مطلقاً على الهرمونات النسوية، وأنا إن شاء الله أرى أنه سوف يكون سبباً في إزالة هذا الكدر وهذا الحزن عنك، وإن شاء الله سوف تعود لك طاقاتك النفسية والجسدية، وعليك من جانبك الاجتهاد بالدعاء والذكر والصلاة في وقتها وتلاوة القرآن، وأن تتذكري الأشياء الجميلة والإيجابية في حياتك، فأنت الحمد لله مخطوبة ومُقدمة على الزواج إن شاء الله، نسأل الله أن يجعله زواجاً موفقاً، وهنالك إيجابيات كثيرة في حياتك حقيقة يجب أن لا يلهيك هذا الاكتئاب عنها.
الدواء سوف يساعدك كما ذكرت لك؛ لأن الاكتئاب غالباً يكون ناتجاً من اضطراب في بعض المواد الدماغية التي تعرف بالموصلات العصبية، وهذا الدواء إن شاء الله يؤدي إلى توازنها ويرجعها إلى وضعها الصحيح، ومن ثم سوف تحسين أن خاطرك ومعنوياتك ومقدراتك الجسدية والنفسية بدأت في التحسن.
وعليك بالطبع بأن تدفعي نفسك نحو ما هو إيجابي، لا تضعي صورة مشوهة أبداً حول نفسك، وأنصحك أيضاً بممارسة الرياضة، وإدارة وقتك بصورة طيبة، وعليك أن تستعيني بالقدوة الصالحة ووسعي من شبكتك الاجتماعية مع أخواتك خاصة الصالحات منهنَّ، استعيني بعد الله تعالى بهنَّ في أمور الدين والدنيا، فالرفقة الصالحة مطلوبة، والإنسان اجتماعي بطبعه، لا يستطيع أن يعيش لوحده.
وهذا الحزن الذي يجده الإنسان ولا يعرف له سبب هو الغم، وأحسن من قال عجبت لمن اغتم كيف يذهل عن قوله تعالى: (( لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ))[الأنبياء:87]، فإني سمعت الله يعقبها يقول: (( فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ))[الأنبياء:88]، وهي ليست خاصة لنبي الله يونس عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، ولكنها لكل مؤمن (( وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ))[الأنبياء:88]، وعجبت لمن خاف أو خوف كيف يغفل عن قوله تعالى: (( حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ))[آل عمران:173]، وهي حكمة قالها خليل الرحمن فقال الله: (( يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ))[الأنبياء:69].
وقالها رسولنا صلى الله عليه وسلم حين قيل له: (( إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ))[آل عمران:173]، فإني وجدت الله في عقبها يقول: (( فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ))[آل عمران:174]، وهكذا يجد الإنسان راحته في ذكر الله وطاعته، ويطرد بذلك الهموم والأحزان، فأكثري من الذكر واللجوء إلى الله، والتضرع إليه سبحانه، وتذكري أن للمعاصي شؤمها وآثارها، ومن ثمارها المرة فقد الطمأنينة والسعادة والعياذ بالله.
أسأل الله تعالى لك الشفاء والتوفيق والسداد، وأشكرك على تواصلك مع استشارات إسلام ويب.