كيف يمكنني العصمة من الفتن واضطراب الهوية الجنسية دون زواج؟
2020-04-06 14:18:31 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم، أنا شاب مريض باضطراب الهوية الجنسية، لا أستطيع الزواج لكن عندي الرغبة الجنسية، وكنت أشاهد بعض الأفلام السيئة، فما العمل حتى لا أغضب الله ولا أعود للمعصية؟ كما أنني لا يمكنني الصوم، فما العمل بارك الله فيكم.
إن كنت أريد التوبة فكيف يمكنني أن أعصم نفسي دون زواج؟ فأنا كباقي البشر، هل هناك علاج أو نصيحة؟ جزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أيوب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، ونهنئك بشهر رمضان الكريم، نسأل الله تعالى أن يجعله موسم رحمة ومغفرة وعتق من النار.
فإني أود أن أبدأ معك بموضوع الهوية الجنسية، حيث ذكرت أنك تعاني من اضطراب الهوية الجنسية، أعرف أن هذه المسميات يتم تداولها بين الناس، وكثير من هذه المصطلحات لا تستعمل بالدقة المطلوبة، وحتى نقول إن ترجمتها من اللغة الإنجليزية ربما لا تكون أيضاً بالدقة المطلوبة.
اضطرابات الهوية الجنسية، أو اضطرابات التفضيل الجنسي، أو اضطرابات التوجه الجنسي، هي أنواع معروفة من الشذوذات الجنسية، وإن كان البعض قد لا يتفق معنا في هذا المسمى؛ لأنه وبكل أسف أصبح الآن التشخيص لكثير من الحالات لا يعتمد على مقاييس الأخلاق أو ما تحتمه الفطرة والغريزة البشرية.
عموماً أنت تقول إنه لديك الرغبة الجنسية، وأتمنى أن تكون هذه الرغبة الجنسية هي رغبة غيريَّة، بمعنى أنها موجهة نحو الجنس الآخر، ومن سياق ما ورد في رسالتك فإن هذا هو الذي أحسسته، أنه لديك الرغبة الجنسية نحو النساء، بالرغم من أنك ذكرت أنك تعاني من اضطراب الهوية الجنسية، وهنا ربما يكون شيئا من التناقض ما بين وجود هذه الرغبة وفي ذات الوقت يكون هنالك اضطراب في الهوية الجنسية، عموماً أتمنى أن تكون رغبتك الجنسية رغبة سوية، وإن لم تكن كذلك فأقول لك: إنك أنت الشخص الذي تستطيع أن تغير وأن تعدل ما بك.
مشاهدتك للأفلام السيئة - أنا سعيد أنك قد وصفتها بأنها سيئة – أرجو ألا تشاهدها مطلقاً، وأن تتوب وأن تستغفر وأن تندم على ما مضى، هذا هو الذي يجب أن تفعله وتقوم به، الرؤيا واضحة وأنت إنسان مستبصر وإنسان مسؤول، وتُسأل أمام الله عن تصرفاتك وعن كل ما تقوم به، فنحن من باب النصيحة فقط نذكرك بهذه المبادئ العامة، وأنت تعرفها تماماً، والعودة إلى المعصية هو أمر اختياري جدّاً وتحت اختيار الإنسان، نعم نقول أن هنالك الكثير من المغريات وكثير من المحفزات لهذه المعاصي، ولكن الإنسان يجب أن يُبعد نفسه من كل هذه المحفزات، ويجب أن يكون صارماً مع نفسه، يجب أن يختار طريق العفة وطريق الهداية، فهو الأفضل وهو الأكرم وهو الأقوم.
كثير من الناس يتحدثون عن مشاكل وصعوبات تتعلق بشهواتهم وميولهم دون أن يفرضوا على أنفسهم أي نوع من التحكم، فهذا حقيقة نوع من أنواع تحطيم الذات، وهو أن تعرف مشكلتك وأن تعرف خطأك وأن تعرف المساوئ التي تتسم بها هذه الفواحش، وفي نفس الوقت تسأل الآخرين أن يساعدوك في التخلص منها، فإن هذا في رأيي نوع من تحطيم الذات، هذا نوع من التهرب، هذا نوع من النكران، هذا نوع من التبرير السالب.
نحن بالطبع نشكر لك كثيراً إشاراتك التي أوردتها وطلبت العون من المختصين في إسلام ويب، ولكننا نقول لك إن الأمر واضح والرؤية واضحة والحق واضح والباطل واضح والخير واضح والشر واضح، والإنسان له طاقات نفسية إيجابية مختبئة يمكنه أن يُخرجها، ويستطيع أن يسير على طريق الهدى.
أنا أنصحك أن تتذكر أنك رجل، أنك شاب، أنك مسلم، وأن تقوي هذه المفاهيم في داخل نفسك، فهذا - إن شاء الله تعالى – يساعدك على الثبات في الطريق الصحيح من ناحية التوجه الجنسي، وكل متطلبات وقيم ومفاهيم الحياة بصفة عامة.
الأمر الآخر هو أن لا تبني في داخل نفسك أنك لا تستطيع الزواج، فما الذي يمنعك من الزواج؟ الزواج أمر فيه الاستقرار وفيه المحبة وفيه الرحمة وفيه السكينة، وحتى المشاعر الجنسية الإيجابية لا تُبنى إلا عند اللقاء الحقيقي بين الرجل والمرأة، وهذه أمور غريزية وفطرية.
أنت أيضاً مطالب بالرفقة الطيبة والقدوة الحسنة، فيجب أن تلتقي بالخيرين من الناس، من الصالحين من الشباب، وهم الحمد لله كثر وموجودون في المساجد وفي الجمعيات الخيرية، ومن يبحث عن الخير سوف يجده، وأنت مطالب بذلك حقيقة، هذا - إن شاء الله تعالى – يساعدك ألا تعود إلى المعصية، والرفقة الصالحة والتقية والطيبة دائماً تعين على الخير.
دائماً تذكر أنك رجل ويجب أن تكون رجلاً ويجب أن تسلك سلوك الرجال، يجب أن ترفع همتك وهذا هو الذي نقوله لك، أرجو أن تمسح من تفكيرك وعقلك ووجدانك هذا المفهوم الذي سميته باضطراب الهوية الجنسية، لا تلتفت إلى هذه المسميات، العب الدور الرجولي، العب الدور الشبابي، العب الدور الذي يجب أن يسلكه كل شاب مسلم، وتذكر أن هنالك حساب، تذكر أن هنالك حياة البرزخ، تذكر أن هنالك ضمة القبر، هذه كلها يجب أن تتذكرها، نحن لا نريد أن نرهبك في داخل نفسك، ولكن نريد أن نذكرك أن عمل الإنسان هو الذي يقيه من كل ما هو سيء في الدنيا وفي البرزخ وفي الآخرة - بإذن الله تعالى -.
أيضاً عليك أن تستعين بالدعاء، وعليك أن تكون لك ضوابط على نفسك، الإنسان لا يطلق لنفسه العنان في الشهوات، والذين يقعون في الشهوات ويتبعون هوى أنفسهم دائماً يصابون بالندم، إذن الندم هو النتيجة والنهاية، أما الذين يكبحون جماح شهواتهم وينتهجون منهج العفة ربما يعانون قليلاً من صعوبات في هذا الأمر، ولكن بعد ذلك يحسون ويشعرون بالراحة والسعادة والرضا، وهذا هو الذي يجب أن يكون مبتغاك.
أنا استغربت جدّاً لما ذكرت أنه لا يمكنك أن تصوم، كيف لا تصوم؟ هذا ركن من أركان الإسلام، هذا باب من أبواب الدين تدخل منه لحظيرة الإسلام، وإذا لم تصم أخاف عليك أن تخرج من دائرة الإسلام، وهذا من كبائر الذنوب، وقد قال صلى الله عليه وسلم عندما سأله جبريل: ما الإسلام؟ قال الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً ).
إذن سؤالك ما العمل؟ العمل هو أن تصوم وأن تلتزم بذلك، ولا شيء يمنعك، وحتى الصيام سوف يفيدك في توجهاتك وطاقاتك الجنسية السالبة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) أي وقاية وحصن حصين من الشهوات المحرمة والوقوع في الفواحش ووقاية من النار أيضاً، فقد قال صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: (والصيام جُنَّة)، أي وقاية من النار.
إذن لا تقل لا أستطيع، أنت تستطيع، ولا أحد لديه لك أي حلول، الحل عندك أنت وبيدك، والله قد أعطاك الطاقات الداخلية، واعلم أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، ولقد قال الله تعالى: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ )[التغابن:16] وقال: ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)[البقرة:286] وقال: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا)[الطلاق:7] التغير منك وبيدك أنت، ويجب أن تتذكر ذلك، وأنا أنصحك بأن تنقذ نفسك، وأن تعيش الحياة بكل جمالها، وأن تعيش المستقبل بكل رجاء وبكل أمل، واعلم أن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة، ألا وهي لذة القرب من الله ومناجاته وطاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه.
أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يمنَّ عليك بالهداية، وأن يكرمك بطاعته ورضاه، وبالله التوفيق.