الدوخة والتعرق وآلام الأمعاء وعلاقة ذلك بالأمراض النفسية وحالات الخوف الوسواسي
2009-01-14 10:53:57 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
مشكلتي بدأت منذ أربع سنوات ونصف تقريباً، حيث أنه في أحد الأيام استيقظت من النوم وشعرت أنني لم أنم ذلك اليوم، وفي الصباح التالي نفس الحالة وحالتي في ذلك اليوم تزداد سوءاً، أريد أن أطيل عليكم وأبين الأعراض والتي هي كما يلي:
1- في البداية كانت دوخة (اليوم بأكمله) وإحساس بحرارة تسري في جسمي وتعرق شديد وخاصة في الصيف.
2- بعد سنة رافق الدوخة والحرارة آلام في الأمعاء وفي الصدر.
3- أما الآن وقبل 7 أشهر تقريباً ساءت حالتي جداً، حيث أحس بالدوخة بشكل أقوى وتعرق شديد واسوداد في أطراف العين وآلام في المعدة والصدر، علماً أن حالتي ساءت خاصة عندما كنت في العمل، وقبل 7 أشهر انتابني ألم فظيع في صدري وظهري والمريء، وبعدها بيوم بدأت أحس كأن معدتي والمريء يحترقان، وحتى الآن أحس في بعض الأوقات بتقلصات في المعدة وآلام في الصدر خاصة جهة القلب.
علماً أنني عملت كافة الفحوصات (تخطيط القلب وإيكو - تحاليل عامة للدم - تحليل للغدة السامة - وأشعة للصدر - ومفراس للدماغ- ومنظارا للمعدة - وسونار للبطن (للأحشاء) والحمد لله كلها سليمة، (كل التحاليل أكثر من مرة ) حيث آخر مرة قال لي طبيب الباطنية علاجك ليس عندي بل عند الطبيب النفسي، ولكنني ما زلت أحس بأنني مريض، والسبب أني أحس بهذه الأعراض.
وأعراضي الآن كما يلي: (سرعة في ضربات القلب تقريباً معظم اليوم - دوخة ـ ومرات عندما أكون في مكان عام أحس أنني أسقط - وآلام في الصدر والأمعاء وتقلصات في المعدة - والضغط مضطرب بين (14- 6) أو (13-7) أو 12 أو 13- 7:30 أو 8) ومرات أحس بأن فروة الرأس تحترق وأتصبب عرقاً وخاصة في منطقة الجبين (الرأس) ويصبح الجبين بارداً كالثلج، واسوداد في أطراف العين وانتفاخ وغازات في البطن.
علماً أن الطبيب قال لي أن عندي القولون العصبي، ومرات أحس بضيق في التنفس، علماً أن الرغبة الجنسية طبيعية، عذراً لقولي ذلك لأنه إذا كان اكتئاباً فبالنتيجة يضعف الجنس ولكنني على العكس ووزني 105، علماً أنه قبل 7 أشهر كنت 110 تقريباً أما الآن وزني لا يزداد ومستقر على 105، وأفكاري كلها سوداوية ولا أستطيع أن أفكر في الغد وما سيحصل، علماً أن والدي رحمه الله مع أموات المسلمين كان مريضاً بالقلب عندما كان عمري 17 سنة، وكنت أنصدم كثيراً عندما تأتيه آلام المعدة بسبب القرحة وآلام القلب أيضاً، وأنا طبيعتي أخاف من الأمراض كثيراً، والطبيب يقول لي أن حالتي نفسية لكن أنا في أعماق نفسي أحس بأنني مريض بمرض خطير وأنني سأموت عن قريب، وحالتي ساءت أكثر عندما توفي والدي ـ رحمه الله ـ.
أعتذر عن الإطالة، لكن والله يئست من حالتي، وأرجو الجواب والعلاج إن وجد، وبارك الله فيكم وسدد خطاكم ومن الله التوفيق، وشكراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سلطان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد تدارست رسالتك بكل دقة وبكل تمعن، وأقول لك بكل صدق وأمانة أن حالتك بسيطة جدّاً بالرغم مما تسببه لك من إزعاج.
أنت تعاني من قلق المخاوف، هذا يسمى بقلق المخاوف، بمعنى أن النواة القلقية النفسية لديك مرتفعة وقد تولد عن ذلك مخاوف متعددة منها مخاوف الأمراض ومخاوف الموت، وقد انتابتك أيضاً نوبة من نوبات الهلع حين أتاك الشعور بأنك لن تستطيع أن تسيطر على نفسك أو على الموقف.
أرجو ألا تنزعج لكل هذه المسميات فهي أمر واحد وهو أنك تعاني من قلق نفسي، والقلق النفسي له عدة أنواع – كما ذكرت – والشعور بالكآبة التي تنتابك هو شعور ثانوي، فأنت محق أنك لا تعاني من اكتئاب نفسي، ولكن يعرف تماماً أن الإنسان حين يصاب بالخوف والقلق وتكون الأمور ليست واضحة حول صحته فهذا بالطبع يؤدي إلى نوع من عسر في المزاج وشعور بالاكتئاب الثانوي وليس اكتئاباً أساسياً.
كما سردتَ فمعظم أعراضك هي جسدية بحتة، وهذا مكون أساسي للقلق، القلق فيه المكون النفسي الذي يتمثل في القلق والتوتر والشعور بالضيق وعدم الارتياح، أما المكون الجسدي فهو ظهور آلام أو تقلصات في أجزاء مختلفة في الجسم، ويعرف أن أكثر الأماكن القابلة لهذه التقلصات هي عضلات المريء وعضلات الأمعاء والمعدة، وكذلك عضلات الصدر وعضلة فروة الرأس وعضلات أسفل الظهر. كما أن الشعور بالدوخة هو عرض جسدي نجده دائماً أو في معظم الحالات مع القلق النفسي الذي يتسم بالمخاوف.
أنت قمت بكل الفحوصات المطلوبة فجزاك الله خيراً وكلها الحمد لله كانت سليمة، وأقول لك - إن شاء الله تعالى – أنا صادق في القول في أنك إذا قابلت طبيباً نفسياً مقتدرا من أول وهلة لن يطلب منك كل هذه الفحوصات؛ لأن الحالة واضحة أنها نفسية، وهي توفي كل الشروط التشخيصية النفسية العلمية المطلوبة، فأرجو أن يساعدك هذا التفسير في تفهم حالتك.
بعد ذلك أنصحك ألا تكثر التردد على الأطباء، استقر مع طبيب واحد – طبيب الأسرة – ويمكنك أن تذهب إليه مرة كل ستة أشهر، وذلك للقيام بفحوصات عامة. أعرف أنك ربما لا تلتزم بذلك ولكني أقول لك أن هذا جزء أساسي في العلاج.
ثانياً: سوف أصف لك أدوية فعالة وممتازة وتساعد في مثل حالتك وهي أدوية مجربة ومعروفة وليست إدمانية وليست تعودية وليست لها أي آثار جانبية تضر بصحتك - إن شاء الله تعالى -.
الدواء ينقسم إلى شقين: علاج دوائي أساسي، وعلاج مساعد، أما العلاج الأساسي فيعرف تجارياً باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علمياً باسم (استالوبرام Escitalopram)، فأرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة عشرة مليجرام ليلاً، وتستمر على هذه الجرعة لمدة شهر، ويفضل أن تتناول الدواء بعد تناول الأكل، وبعد انقضاء الشهر ترفع الجرعة إلى عشرين مليجراماً ليلاً بعد تناول الأكل، يجب أن تستمر على هذه الجرعة العلاجية لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى حبة واحدة (عشرة مليجرام) ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
أما العلاج المساعد فيعرف تجارياً باسم (دوجماتيل Dogmatil) ويعرف علمياً باسم (سلبرايد Sulipride)، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة كبسولة واحدة (خمسين مليجراماً) صباحاً ومساءً لمدة ستة أشهر، ثم تتوقف عن تناوله.
هذه الأدوية سوف تفيدك - إن شاء الله تعالى – فائدة كبيرة، عليك أن تلتزم في تناولها وأن تصبر على فعاليتها والتي تبدأ بعد أسبوعين إلى ثلاثة من تناول الدواء.
يأتي بعد ذلك أن تكون حريصاً على ممارسة الرياضة – أي نوع من الرياضة – كرياضة المشي أو الجري، فإنها تفيد كثيراً في الأعراض الجسدية النفسية، فكن حريصاً على ممارسة الرياضة.
هنالك أيضاً تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء، هي تمارين سلوكية مفيدة جدّاً تتطلب التأمل والتركيز في تطبيقها، ولذا أنصحك بالذهاب إلى أخصائي نفسي لكي يدربك على هذه التمارين، وتوجد أيضاً كتيبات كثيرة وأشرطة وسي دي في المكتبات المختلفة توضح كيفية إجراء هذه التمارين، فأرجو أن تلتزم بتطبيقها وأن تستشعر قيمتها العلاجية؛ لأني أعرف - بإذن الله تعالى – أنها مفيدة جدّاً.
الشعور بالخوف من الموت هو شعور طبيعي في حالات القلق وفي حالات الإصابة بنوبات الهلع والهرع، وإن شاء الله بتناولك للدواء وتطبيق الإرشادات السابقة سوف تجد أن هذا الشعور قد تقلص إلى الشعور الطبيعي وهو الخوف من الموت الذي يجب أن يتحلى به أي مسلم؛ لأن الموت حق وأن الخوف من الموت يعطينا الدافعية لأن نعمل لآخرتنا، وكما قال صلى الله عليه وسلم : (تذكروا هادم اللذات ومفرق الجماعات) يعني الموت، ويجب أن نتذكر دائماً أن الموت هو الحقيقة الثابتة وأن الخوف منه لن يقدم ولن يؤخر في عمر الإنسان ثانية واحدة.
أنت الحمد لله تعمل مهندساً وهذه وظيفة محترمة، فحاول أن تبدع في وظيفتك وأن تقدم إضافات جديدة وأن توسع من آفاقك وأن تستمتع بعملك.. هذا ضروري جدّاً. وأرجوك أيضاً من أن توسع من علاقاتك ومهاراتك الاجتماعية، التواصل الاجتماعي مع الأخوة الخيرين والصالحين هذا فيه الكثير من الدافع النفسي الإيجابي الذي يبعث على الطمأنينة.
هذا هو الذي أود أن أقوله لك، وأرجو أن تطمئن تماماً أن حالتك هي حالة نفسية وليست هي حالة نفسية معقدة، بالرغم من جسامة وكثرة الأعراض التي لديك، ولكن هذا هو القلق النفسي يظهر بهذه الصورة لدى بعض الناس، وإن شاء الله سوف يزول منك - بإذن الله تعالى -.
أشكرك على تواصلك مع موقعك إسلام ويب.
وبالله التوفيق.