من أساليب معاملة الطفل العنيد
2009-01-12 11:44:58 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله، وكل عام وأنتم بخير.
مشكلتي مع طفلي ذي الثلاث سنوات، وهو أول أولادي، منذ كان صغيرا إلى غاية بلوغه السنتين، كان جيدا ومطيعا، وحتى أنه من عمر سنة ونصف أنظفه من الحفاظ وأصبح يستعمل ـ أجلكم الله الحمام ـ ولكن بعد أن أصبح عمره سنتين ونصف أصبحت أضع له الحفاظات فقط في الليل؛ لأنه أصبح ـ يعملها على نفسه ـ ويضع أصبعه في فمه بشكل دائم، حاولت معه بجميع الطرق لكن دون فائدة، بل أشعر أنه يعاند عندما أقسو عليه وأشتمه على وضع الأصبع، مع العلم أن أخاه الأصغر منه سنا يضع أصبعه هو الآخر في فمه، ربما شيء من الغيرة وأصبح عنيدا لا يسمع الكلام، وإذا طلبت أنا أو والده شيئاً يجعل نفسه وكأنه لا يسمع أو ليس منتبها، رغم أن هذا السلوك لم يكن موجودا عنده إلا عندما أصبح يذهب عند طفل جارتنا، وهذا الطفل كثير الحركة وذو أفعال جنونية.
مع العلم أني لا أقدر أن أمنع طفلي من الذهاب إليه؛ لأن أولادي يعانون من قلة الاختلاط بالأطفال بسبب السكن، أي لا يوجد عندنا أهل أو أصدقاء، كوننا نعيش في بلد أجنبي، وأحياناً أرى أنه يفعل هذه الأشياء لأنه لا يوجد ما يشغله عنها أو يلهيه، أصبح عنيفا مع أخيه الأصغر ويضربه باستمرار، أكله قليل ويعتمد على أشياء لا فائدة فيها مثل الكاندي أو الشوكلاته.
أنا أحياناً أصرخ في وجهه بعنف، أو ربما والده أيضاً عندما يقوم بأي عمل مزعج يمد يده بالضرب على والده أو علي! مع العلم أن هذا لم يكن موجودا عنده إلا هذه الفترة.
سافر زوجي فترة ثلاثة أشهر وهو متعلق جداً بوالده، وسافر وهو نائم واستيقظ في الصباح يسألني عنه ومرض في هذه الفترة، طفلي عندما يخطئ يعرف ذلك ويأتي لكي يتأسف ولكن يعاود الخطأ مرة أخرى.
ما يقلقني كيف أعوده من جديد على الحمام بدون حفاظ، مع العلم أنه بالنهار يذهب وحده ولكن بالليل أضع له فوطة.
أنا آسف على طول الرسالة، ولكن كلي أمل أن تفيدوني في إعادة سلوك طفلي، ولا يوجد من يساعدني؛ لأني الآن سوف أنجب طفلي الثالث إن شاء الله، وأشكركم على هذا الموقع الذي من شأنه مساعدة الناس وإرشادهم.
وجزاكم الله عنا كل خير.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ غربة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
جزاك الله خيراً وبارك الله فيك..
فإن مثل هذه السلوكيات تعتبر عادية لدرجة كبيرة عند الأطفال، الطفل ممكن أن يعاند، الطفل يمكن أن يغير، الطفل يمكن أن يكون كثير الحركة. ونحن حقيقة حين يشتكي الآباء والأمهات من أطفالهم ويكون هنالك صعوبة حقيقة من جانب الوالدين في التعامل مع الطفل نحاول أن ننظر في حالة الطفل، وفي نفس الوقت لا نتجاهل حالة الوالدين؛ لأن الكثير من الوالدين يقل صبرهم؛ لأن الواحد منهم ربما يعاني من اكتئاب نفسي أو شيء من هذا القبيل خاصة وسط الأمهات.
أنا لا أقول لك أنك تعانين الآن من اكتئاب نفسي، ولكن أرجو أن تراجعي نفسك وأن تراجعي موقفك وأن تعرفي مستوى تحملك ومستوى صبرك: هل قلَّ أم فعلاً أن الطفل قد أصبح مسلكه وطريقته صعبة للدرجة التي لا يستطيع أحد أن يتحملها.. هذه نقطة ذكرتها لأني أعرف أنها مهمة جدّاً، وكثير من الأطفال تم تحويلهم إلينا في العيادات واتضح لنا أن الشخص المريض في الأسرة هو شخص آخر: الأم أو الأخت أو هكذا.. هذا أيضاً لمجرد التذكرة.
المبادئ العامة للعلاج لمثل حالة طفلك هو أن تتجاهلي التصرفات السلبية بقدر المستطاع، وهذا يتطلب الصبر، كل سلوك سلبي من الطفل يتم تجاهله - وهذا هو الأفيد وهذا هو الأفضل - وفي نفس الوقت يحفز الطفل ويثاب على كل تصرف إيجابي مهما كان بسيطاً ومهما كان صغيراً، نحفز الطفل بالكلمة الطيبة، بالابتسامة، باحتضانه، بإعطائه الأشياء المحببة إليه في حدود المعقول، وفي نفس الوقت نتجاهل تصرفه السلبي... هذه هي أفضل وسيلة لتعديل سلوك الأطفال خاصة في مثل عمر طفلك، فأرجو أن تتجاهلي كل السلبيات التي ظهرت على طفلك وتشجعيه وتعززي الإيجابيات لديه.
ويمكنك أيضاً في هذا العمر أن تستعملي طريقة النجوم، ضعي لوحة فوق سرير الطفل على الحائط، واشرحي للطفل بلغة مبسطة أنه حين يقوم بكذا وكذا – اذكري الأعمال الإيجابية التي يجب أن يقوم بها في مثل عمره – أنك سوف تعطينه أو تضعين ثلاث نجمات على اللوحة، وحينما يقوم بأي عمل سلبي سوف تسحبين من هذه النجوم، ويجب أن يعرف أن هديته المحببة أو لعبته المحببة سوف تُعطى له حسب عدد النجوم التي سوف يكتسبها.. هذا المنهج إذا طُبق بصورة صحيحة يعتبر مفيدا وجيدا وفعالا جدّاً.
لاشك أن اعتماد الطفل في أكله على الأشياء التي لا فائدة منها مثل الكاندي والشكولاتا، هذا أمر يرجع لكم، فيجب ألا توفر هذه الأشياء للطفل ويُشرح له ويُعطى أشياء بديلة، ولا مانع أن يعطى شيئاً من هذه الحلويات بعد فترة وأخرى، وتذكري أن الشكولاتا تحتوي على بعض المكونات التي تزيد من حركة الطفل وربما تؤدي أيضاً إلى ظهور نوع من العنف لدى بعض الأطفال، هذه الآن أثبتت عن طريق الدراسات، فأرجو أن تكوني حريصة في هذا الجانب، ومرة أخرى لابد أن يكون لك الصبر، لابد أن تتجاهلي التصرفات السلبية وتبني في طفلك التصرفات الإيجابية، وهذا ممكن وممكن جدّاً.
أرجو أن تستفيدي أيضاً من الألعاب، اللعبة وسيلة تعليمية ممتازة للطفل وتغير من سلوكه، العبي مع طفلك، اختاري بعض الألعاب التي تتطلب شخصين، كوني أنت الشخص الآخر مع طفلك.. هذه المشاركة لها عائد تربوي وسلوكي عظيم جدّاً.. هذا أيضاً واحد من المناهج التي يكون من الجميل اتباعها.
لاشك أن الطفل يتعلم من بقية الأطفال، أنت ذكرت أن طفلك قد تعلم بعض السلبيات من ابن الجيران، هذا إن شاء الله سوف ينتهي وليس مزعجاً في نظري؛ لأن أمر اختلاط الطفل بالأطفال الآخرين هو أهم من أمر حرمانه خوفاً على سلوكه، وأنا أعرف أن البلاد التي تعيشون فيها ربما الإنسان لا يستطيع أن يكون مطمئناً على وجود طفله إلا وسط من يعرف ووسط من يطمئن إليهم، هذا هو الذي أود أن أنصحك به، ويوجد كتاب جيد جدّاً.
أيضاً يوجد كتاب جيد جدّاً للدكتور/ مأمون مبيض، هذا الكتاب عنوانه: (أولادنا من الطفولة إلى الشباب) هو من الكتب الجيدة التي إذا تحصلت عليه سوف يكون ذا فائدة كبيرة جدّاً بالنسبة لك.
بارك الله فيك وجزاك الله خيراً.
وبالله التوفيق.