الشعور بالضيق والدوخة والقلق خارج البيت فقط
2008-11-11 10:39:59 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أعاني من الخوف عند الخروج من البيت، وعندما أخرج إلى مكان بعيد أخاف ويأتيني ضيق في البطن والنفس ودوخة وبرودة في الرجلين وقلق، وعند الرجوع للبيت لا أشعر بشيء من هذا الذي كان معي عند الخروج، علماً بأني أعاني من القولون، فما الحل؟!
وشكراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن هذه الحالة التي تعاني منها هي معروفة في الطب النفسي بـ (رهاب/مخاوف الساحة)، وهي نوع من القلق النفسي أو المخاوف النفسية التي تأتي للإنسان حين يخرج من أمام البيت خاصة إذا خرج بدون رفقة مأمونة، وهذه الحالة هي حالة مكتسبة، والبعض قد يكون الأمر متطوراً لديه لدرجة أنه يخاف من الأماكن المزدحمة خارج المنزل ويبتعد عن الأسواق أو الأماكن التي تكون فيها نوع من التجمعات.
والعلاج يتمثل في العلاج السلوكي والعلاج الدوائي، ومن الواضح أن لديك الميول الفطري للقلق؛ لأن أعراض القولون العصبي هي ناشئة وناتجة ومرتبطة بطاقات قلق نفسي داخلي، يكون في الغالب هو جزء من شخصية الإنسان، وعليه يعتبر العلاج السلوكي علاجاً ضرورياً وهاماً.
أولاً: لابد أن تقوم مما نسميه بالتعريض، بمعنى أن تعرض نفسك لمصدر خوفك ولا تتجنبه، ومصدر الخوف هنا هو أن تبقى خارج المنزل، فلابد إذن أن تجبر نفسك بأن تظل خارج المنزل يومياً لمدة ساعتين على الأقل، ويمكن أن تبدأ في الخروج من المنزل وتكون معك رفقة في بداية الأمر لمدة يومين أو ثلاثة، ثم بعد ذلك تخرج وحدك، ولابد أن تحدد برنامجاً معيناً حين الخروج، فعلى سبيل المثال: (اذهب لزيارة أحد أصدقائك، وصل صلاة الظهر أو العصر في مسجد يبعد عن منزلك، وقم بالذهاب للسوق للشراء)، فلابد أن تخرج ويكون هناك برامج وتصورات مسبقة في تفكيرك.
وحين يأتيك القلق أو الخوف وأنت خارج المنزل خذ نفساً عميقاً وبطيئاً، واملأ صدرك بالهواء عن طريق الأنف ثم بعد ذلك أخرج الهواء عن طريق الفم، كرر هذا التمرين مرتين أو ثلاثة حين تشعر بالخوف خارج المنزل.
إذن العلاج السلوكي هو أن تعرض نفسك لموقف الخوف دون أن تستجيب استجابة سلبية، بمعنى ألا تهرب من الموقف ولا تهرب من الموقع، هذا نسميه بالتعريض، وهذه هي الوسيلة السلوكية التي يجب أن تطبقها.
ثانياً: أؤكد لك أنك تقسو على نفسك، فأنت تعتقد أن هذه الأعراض أعراض ضخمة وأنه سوف يحدث لك كذا وكذا وأنك سوف تنهار، أو أنك سوف يأتيك مكروه وأنت خارج المنزل، هذا كله ليس صحيحاً، فيجب أن تقلل من هذه المشاعر وذلك بتحقيرها وبتصحيح مفاهيمك، فلا تحمل نفسك مسئولية فوق طاقتها، بمعنى أنك حين تشعر خارج المنزل بهذا الضيق لا تظن أن هناك كارثة سوف تقع، لن يحدث أي شيء، فانظر إلى ملايين الناس الذين يسيرون في الطرقات ويبتعدون عن بيوتهم وعن منازلهم.. هذا ضروري، وهو علاج نسميه بـ(العلاج المعرفي) الذي يقوم على تصحيح المفاهيم الخاطئة.
وعليك بتطبيق بعض العلاجات السلوكية الأخرى وهي علاجات جماعية، فعليك أن تمارس الرياضة مع مجموعة من الناس من الأصدقاء مثل كرة القدم أو كرة السلة أو كرة الطائرة أو السباحة أو خلافه، فهذه وجد أنها تساعد كثيراً.
وعليك أيضاً بحضور حلقات التلاوة، فانخرط في أحد حلقات التلاوة في المساجد؛ لأن هذه تعطيك الشعور بالطمأنينة إن شاء الله وفي نفس الوقت لا تجعلك تفكر في الرجوع إلى المنزل، وهي تزيل هذا النوع من المخاوف، وسيكون من المفيد لك أن تنضم إلى أحد الجمعيات الخيرية – أي نوع من العمل التطوعي – هذا يشعرك بقيمتك الذاتية ويزيل هذه المخاوف أيضاً.
بقي بعد ذلك أن تمارس تمارين الاسترخاء، فإذا كنت في خارج المنزل وأتاك الشعور بالخوف والضيق وتود الرجوع إلى المنزل فلا ترجع إلى المنزل وإنما استمر في نفس الوضع، وفي نفس الوقت خذ نفساً عميقاً وبطيئاً، وكرر هذا التمرين بصورة أكثر تفصيلاً في المنزل: استلقي في مكان هادئ بعيداً عن الضوضاء والإزعاج وفكر في أمر جميل، ثم بعد ذلك أغمض عينيك وافتح فمك قليلاً وخذ نفساً عمياً بطيئاً عن طريق الأنف، واجعل صدرك يمتلئ بالهواء حتى ترتفع البطن قليلاً، ثم بعد ذلك أمسك الهواء في صدرك، ثم أخرجه بكل بطء وبكل قوة عن طريق الفم، وكرر هذا التمرين خمس مرات في كل جلسة بمعدل جلسة في الصباح وجلسة في المساء، وسوف تجده أنه تمرين جيد ومفيد.
وأما العلاج الدوائي فسأصف لك أحد الأدوية التي أرى أنها مفيدة جدّاً، هذا العقار يعرف تجارياً باسم (فافرين Faverin) ويعرف علمياً باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine)، فأرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجراماً ليلاً بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى مائة مليجرام ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم خفض الدواء لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن تناوله.
وباتباعك للإرشادات السابقة وتناولك للدواء الذي وصفناه لك وإصرارك على عدم الاستجابة السلبية سوف يزيل عنك رهاب الساحة الذي تعاني منه.
وبالله التوفيق.