الخوف والقلق ورهاب الساحة وعلاجه السلوكي والدوائي
2008-11-05 13:31:28 | إسلام ويب
السؤال:
منذ الطفولة أعاني من الخوف الاجتماعي وتطور إلى اكتئاب وقلق شديد، ومنذ 5 سنوات بدأت العلاج تناولت انفرانيل 6 شهور، فافرين200 مج يومياً لمدة سنة، كالميبام ليبراكس موتيفال اتراكس، سيبرام، حالياً أتناول ديبريبان 80 مج يومياً منذ سنتين ونصف، وقد أعطى معي نتيجة ممتازة، لقد حسّن حالتي النفسية من الاكتئاب والقلق الشديد، ولكن هذه الأدوية ليس لها تأثير على الخوف الاجتماعي.
الآن أتناول ديبريبان 20 مج يومياً، وقد استعملت جلسات العلاج المعرفي السلوكي، والعلاج بالتعرض للمواقف الاجتماعية دون فائدة، العلاج يبعد عني التفكير السلبي والخوف والاكتئاب ويجعلني في هدوء نفسي فقط حين أكون في المنزل، وعندما أنزل الشارع أو مواقف اجتماعية تنتابني حالة الهلع والارتباك والخوف، وكل ما أفكر فيه العودة للمنزل، حيث تعود السكينة والهدوء، حينما أكون خائفاً لا أستطيع التحكم في التفكير السلبي، وأنا أعرف أن العلاج الفعّال لحالتي هو العلاج السلوكي، لكن لا أستطيع التحكم في حالتي إلا في المنزل، فماذا أفعل في العلاج الدوائي؟ وما الحل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فإنا نشكرك على تواصلك مع الشبكة الإسلامية.
هذا النوع من الخوف الذي ذكرته حقيقة هو ليس خوفاً اجتماعياً بالمعنى أو التعريف العلمي المعروف، فهو يعرف بـ (رهاب الساح) أو رهاب الساحة – كما يسميه البعض – وهو أنك تحس بطمأنينة حينما تكون داخل المنزل، وتفتقد هذه الطمأنينة حينما تكون خارج المنزل، وربما يزداد لديك الخوف أو القلق في الأماكن المزدحمة أو الأماكن العامة التي توجد فيها تجمعات.
أيّاً كان نوع الخوف الذي تعاني منه فالعلاج الأساسي – كما تعلم – هو العلاج السلوكي، أرجو ألا تبني قناعات سلبية وتقول: إن العلاج السلوكي لم يفدك، لا. العلاج السلوكي يفيد بنسبة عالية جدّاً، ثمانين إلى تسعين بالمائة من الناس يستفيدون من هذا العلاج، ولكنه علاج يتطلب الصبر ويتطلب التنفيذ ويتطلب المثابرة ويتطلب القناعة بفائدته، فعلى سبيل المثال إذا ذهبت وجلست في مكان عام لمدة ساعة سوف تحس بقلق، ولكن إذا أجبرت نفسك أن تظل جالساً في ذاك المكان لساعة أخرى سوف تحس أن مستوى القلق بدأ في الانخفاض.
هذا علاج سلوكي أساسي وهو علاج بالتعرض، وتطبيق مثل هذه التمارين والاستمرار في تطبيقها حقيقة هو المخرج الأساسي لأن يتخلص الإنسان من هذه الأعراض، وأنت - الحمد لله - لديك إلمام بالعلاج السلوكي المعرفي وكذلك العلاج بالتعرض، فأرجو منك التطبيق الصحيح وأرجو الاقتناع بأن هذه العلاجات مفيدة.
الجزء المعرفي الضروري جدّاً هو أن تحقر أصلاً من فكرة الخوف، وأن تبني في نفسك شعورا آخر مضادا، وهو ليس من الضروري أن يكون المنزل هو مكان السكينة والأمان، ليس من الضروري أبداً، فضع في تفكيرك أن المنزل أيضاً قد يكون مكانا للانعزال وعدم التفاعل مع الآخرين – وهكذا – فلا تلجأ دائماً إلى المنزل اعتقاداً منك بأنه هو الآمن لك من الناحية النفسية، والتغيير النفسي الفكري المعرفي يعتبر علاجاً ضرورياً وأساسياً.
الحمد لله مصر يوجد بها الكثير من الخبراء النفسانيين المتميزين في مجال العلاج النفسي وفي مجال العلاج المعرفي، وسيكون من المفيد لك أن تتابع في أحد المستشفيات مع أحد المختصين خاصة في التطبيق العلاج السلوكي؛ لأن العلاج السلوكي يتطلب أيضاً رقيباً، فيتطلب أن يكون هناك مراقب وهناك من يوجه وهناك من يقيس مستوى التحسن، وهذا بالطبع لا يمكن إلا أن يوفره الأخصائي النفسي الملم بأصول وفنون هذا العلم.
من الناحية الدوائية حقيقة فإن عقار (ديبريبان Depreban) غير معروف لديَّ أنه اسم تجاري، وليس الاسم العلمي، ولكني أتصور أنه أحد الأدوية التي تنتمي إلى ما يعرف بـ (مثبطات إرجاع السيروتونين الانتقائيةselect.ive serotonin reuptake inhibitors)، ونجد في هذه الأدوية العقار الذي يعرف علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine)، ويسمى تجارياً باسم (بروزاك Prozac). وعقار يعرف تجارياً باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علمياً باسم (استالوبرام Escitalopram). وعقار يعرف علمياً باسم (باروكستين Paroxetine) ويعرف تجارياً باسم (زيروكسات Seroxat) أو يعرف باسم (باكسيل Paxil). وعقار يعرف تجارياً باسم (زولفت Zoloft) أو يسمى باسم (لسترال Lustral) ويسمى علمياً باسم (سيرترالين Sertraline).
لا يمكن أن يكون هذا الدواء الذي ذكرته أن يكون (ديبريبان Depreban) فافرين؛ لأن جرعة الفافرين ليست ثمانين وليست عشرين مليجراماً.
عموماً أفضل دواء لعلاج رهاب الساحة هو (باروكستين Paroxetine) أو ما يعرف (زيروكسات Seroxat)، وذلك بجانب التطبيق السلوكي. فإن كان الـ (ديبريبان Depreban) هو الباروكستين أو الزيروكسات فاستمر عليه وارفع الجرعة إلى أربعين مليجراماً، وإن لم يكن كذلك ففي رأيي سيكون من الأفضل أن تستبدل الدواء بالزيروكسات، أي أن تتوقف عن هذا الدواء الذي تتناوله الآن وتستبدله بالزيروكسات، وجرعة الزيروكسات يمكن أن تبدأ بجرعة عشرين مليجراماً يومياً لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة إلى أربعين مليجراماً وتستمر على هذه الجرعة لمدة لا تقل عن ستة أشهر، ثم بعد ذلك يمكن تخفيض الجرعة بمعدل عشرة مليجرام كل ثلاثة أشهر حتى تتوقف عن تناوله.
أرجو أن تبحث عن عمل؛ لأن هذا ضروري جدّاً؛ لأن العلاج بالعمل يعتبر من أفضل سبل التأهيل النفسي والاجتماعي. أنت رجل مؤهل بفضل الله تعالى فأرجو ألا تتوقف أبداً عن البحث عن عمل؛ لأن العمل - إن شاء الله تعالى – فيه فوائد نفسية واجتماعية ومهنية ومادية كثيرة جدّاً بالنسبة لك.
أرجو أيضاً أن تمارس تمارين الاسترخاء، ويمكن للأخصائي النفسي حين تذهب لمقابلته أن يدربك على هذه التمارين. وأيضاً ممارسة الرياضة – كما ذكرنا ونذكر دائماً – هي من الوسائل الطيبة لعلاج كل أنواع القلق وكذلك الاكتئاب النفسي.
أيضاً حضور حلقات التلاوة وجد أيضاً أنه يقاوم الخوف والرهاب بصورة إيجابية جدّاً، والانضمام لجمعيات العمل التطوعي - جمعيات الأهلية، وجمعيات البر والإحسان – أيضاً ذو قيمة علاجية من الناحية النفسية، فأرجو أن تبحث في كل هذه الخيارات ولا تحصر نفسك أبداً على العلاج الدوائي فقط.
أنا على ثقة تامة أنك - بإذن الله تعالى – سوف تتحسن وسوف تصير صحتك إلى مسار إيجابي، فأرجو أن تثق في الله أولاً وأن تثق في نفسك ثانياً وأن تثق في مقدراتك ثالثاً، وهذا أمر ضروري جدّاً.
بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على هذا التواصل الإيجابي مع الشبكة الإسلامية، وبالله التوفيق.