لم أستطع نسيان الفتاة التي أحببتها على الرغم من صدها لي
2008-11-07 13:35:30 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحببت زميلة لي في العمل واعترفت لها، ولكنها صدتني لدرجة أننا انقطعت بيننا الصلة حتى في العمل، ولكن من داخلي ظللت أحبها، وأغار عليها من زملاء العمل! ولكن إرادة الله تشاء أن تكون من النوع الذي يعشق الكلام مع الأولاد، بمعنى المزاح، كنت رغم بعدي عنها أتمنى أن أموت كل يوم، حاولت بكل الطرق أن أنساها، ولكن باءت كل محاولاتي بالفشل، قررت أن ألجأ إلى ربي وفي بيته لكي أدعوه أن أنساها.
ذهبت في رحلة عمرة إلى الأراضي المقدسة، ومكثت أربعة أيام بالمدينة وأحد عشر يوماً بمكة، كانت هذه الأيام من ضمن شهر رمضان من العام الحالي.
دعوت الله في كل سجدة أن أنساها صليت في الروضة الشريفة، في المسجد النبوي وفي مقام سيدنا إبراهيم وفي حجر سيدنا إسماعيل ودعوته في كل سجدة أن أنساها، صليت في كل جنب من جوانب الكعبة، ودعوته في الملتزم أكثر من مرة.
وبكيت وتضرعت أن أنساها، أخذت بكل أسباب استجابة الدعاء حتى إنه كانت أول دعوة لي عند أول نظرة إلى الكعبة الشريفة إنه إن كانت من نصيبي أن يرزقني الله بها، وإلا فليرزقني بأفضل منها وأنساها حتى وإن كانت أمامي كل يوم في العمل ودائم الاحتكاك بها، عدت من رحلتي ببعض الراحة لدرجة أني أحسست أني قد نسيتها نهائياً كان في النصف الثاني من شهر رمضان.
ولكن منذ أسبوع أحسست أن حبها بدأ يتحرك مرة أخرى في قلبي كوني أراها كل يوم بل معظم اليوم، الله ربي المعبود لقد لجأت إليك في بيتك وتضرعت لك أن أنساها وأتخلص من حزني بل أقول: غمي الذي غمني من يوم أن عرفتها فلا تتركني لهواي سدى وإلا ضعت، دلوني بالله عليكم ماذا أفعل؟
أكاد أن أترك عملي لكي لا يتحرك حبها في قلبي مرة أخرى أكاد أضعف رغم كل قوتي التي عرفها الناس عني، تمنيت لو أني مت قبل أن أراها، وأرى هذا الضعف وهذا الوهن في نفسي التي قاومت الكثير من المحن، ولكنها ضعفت أمام الحب.
دلوني بالله عليكم!
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يفرج كربتك وأن يقضي حاجتك، وأن يُخرج محبة هذه الفتاة من قلبك، وأن يعوضك خيراً، وأن يرزقك أفضل منها وأخير، وأن يعينك على نسيانها، إنه جواد كريم.
بخصوص ما ورد برسالتك، فإنه كما قالوا: (وما الحب إلا للحبيب الأول)، هذه امرأة صادف حبها قلباً خالياً فتمكن منه، صدقني لو أن عندك زوجة ما فكرت في هذه الفتاة، ولو أنك تحب امرأة أخرى ما فكرت فيها، ولكن مشكلتها أنها جاءت وقلبك كان خالياً من ذلك تماماً، فدخلت إلى قلبك واحتلته احتلالاً كاملاً، وكانت معاناتك بهذه الكيفية، وبما أنها حاولت أن تصدك فقد أحدثت لك نوعاً من الصدمة النفسية الحقيقية فعلاً، ولذلك فأولاً ينبغي عليك أن تعلم أن هذا ابتلاء من الله تعالى؛ لأن هذه القلوب أنت لا تملكها وأنا لا أملكها، ومسألة دخول الحب إلى قلب الإنسان لا يملكه الإنسان، فأنت قد تنظر إلى إنسان يمشي أمامك وتشعر بنوع من النفور منه رغم أنه لم يفعل لك أي شيء ولم يسيئ لك بأي نوع من الإساءة، وأيضاً نفس النظام قد تنظر إلى إنسان فتستريح له رغم أنه لم يلق عليك مجرد السلام.
إذن مسائل القلب هذه لا دخل لنا فيها، ولذلك أقول: هذا نوع من الابتلاء والامتحان والاختبار، اختبرك الله تبارك وتعالى اختباراً وإن كان شديداً، ولكنه ألطف من غيره، فتصور أن الإنسان قد يبتلى في صحته فيصاب بمرض يقعده عن الحركة تماماً، ويظل حبيساً في بيته وقد يُفصل من عمله وقد تُطلق امرأته، وقد يتخلى الناس عنه، وكذلك أيضاً قد يصاب الإنسان في عمله بأن يُفصل من عمله أصلاً، كأن يحصل خلاف بينه وبين جهة العمل فتستغني عنه فيتحول إنساناً عاطلاً لا يجد قوت يومه.
أيضاً قد يتعرض الإنسان لمرض ابتلاء في عقله فيصاب بالجنون، إذن فبالله عليك: هل الجنون أهون أم هذا الأمر؟! هل المرض العضال الذي يصيب البدن فيجعل الإنسان طريح الفراش لا يستطيع أن يقضي حاجته بنفسه أهون أم هذا الأمر؟! قطعاً هذا الأمر هين بكثير؛ ولذلك عليك أن تحمد الله تعالى أن هذا الابتلاء وصل إلى هذا الحد فقط، وتحمد الله تبارك وتعالى أن الله أعانك على الدعاء؛ لأنه من رحمة الله تعالى أن الله يبتلي العبد فيلطف به، وفتح له بابا آخر وهو باب العبادة وباب التضرع والانكسار والدعاء لله تعالى، يعني لولا محبتك لهذه الأخت ما كنت قد دعوت هذا الدعاء ولا توجهت إلى الله تعالى هذا التوجه، أتظن أن هذه الأشياء لم تأخذ أجرها؟ قطعاً ستأخذ أجر المقاومة وتأخذ أجر الألم الذي تتجرعه أنت الآن نتيجة انصرافها عنك وبعدها عنك وحتى مزاحها مع زملائها أمامك، هذا الأمر الذي يجعلك كل يوم تموت عدة مرات.
كذلك أيضاً ستأخذ أجر الدعاء؛ لأن الدعاء أعظم عبادة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الدعاء العبادة)، بل قال: (الدعاء هو العبادة)، وقال: (ليس شيء أكرم على الله من الدعاء)، فهو فتح لك بابا من العبادة كبيراً وهو باب الدعاء واللجوء إلى الله تعالى، ولذلك عندما ذهبت إلى العمرة ماذا فعلت في مدينة النبي عليه الصلاة والسلام في مسجده؟ دعوت في أماكن عظيمة، كذلك في الحرم، في كل مكان من أركان الكعبة، إلى غير ذلك، يعني اجتهدت اجتهاداً كبيراً، فهي كانت بالنسبة لك حافزاً كبيراً على الدعاء والاجتهاد في الطاعة والعبادة.
وأبشرك بأن الله تبارك وتعالى وعدك بألا يخيب ظنك فيه، فإن الله أمرك بالدعاء ووعدك بالإجابة، فقال سبحانه: (( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ))[البقرة:186]، وقال أيضاً: (( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ))[غافر:60]، والنبي عليه الصلاة والسلام يبشرك فيقول: (ليس شيء أكرم على الله من الدعاء)، وقال أيضاً: (لا يرد القضاء إلا الدعاء).
فواصل الدعاء وثق وتأكد من أنها ستخرج من قلبك، وواصل الدعاء ولا تتوقف لأنها معركة، أنت تريد أن تخرجها من قلبك لأنها صدتك ولا تصلح زوجة لك، أخرجها من قلبك، فلو أن الله تبارك وتعالى شاء أن تكون زوجة لك لجعلها لا تصدك وجعلها تقبلك وتقيم معها علاقة، ولكن قد تكون هذه رحمة، لأنها لو أقامت معك علاقة قبل الزواج فهي علاقة محرمة، وقد تخسر دينك وقد تفسد عليك دينك ودنياك معاً، أما الآن فالحمد لله وبفضل الله تعالى أنت تتألم ولكن تأخذ أجراً، على التألم وأجرا على الصبر وأجرا على الدعاء؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا غم ولا أذى ولا حزن، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه)، فهذا الهم الذي تحمله، وهذا الحزن الذي في قلبك، ثق وتأكد أن لك عليه أجرا عظيما جدّاً.
ولكن أنصحك أن تواصل الدعاء ولا تمل، فإن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إن الله لا يمل حتى تملوا)، واعلم أن الله يحب أن يُسأل، واعلم أنه يحب الملحين في الدعاء فألح على الله في الدعاء، ولا تتوقف حتى تخرج هذه الفتاة من قلبك، وثق وتأكد من أن ذلك سيحدث يوماً من الأيام، وقد يكون قريباً جدّاً، فعليك بالدعاء، كما أوصيك أيضاً بالاستغفار؛ لأن الاستغفار من أعظم أبواب قضاء الحرج.
كذلك أوصيك بالصلاة على النبي المختار محمد صلى الله عليه وسلم فإن الصلاة على النبي - عليه الصلاة والسلام - يترتب عليها فوائد كثيرة جدّاً، أقل ما فيها كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام: (إذن تُكفى همَّك ويغفر لك ذنبك)، يعني هذا الهم ربنا يكفيك إياه وتخرج هذه الفتاة من قلبك تماماً ويغفر الله لك ذنبك.
فواصل هذه الأمور وثق وتأكد من أنك أصبحت قريباً من الإجابة، فلا تتوقف عن الدعاء ولا تمل، ولا يضحك عليك الشيطان، وأنا أبشرك بأنه عمَّا قريب سوف تعافى نهائياً وسوف تنساها.
المشكلة هي وجود هذه الفتاة معك في العمل ورؤيتك لها يومياً، هذا أيضاً من العوامل التي تؤجج نار العاطفة في قلبك، ولذلك إن استطعت ألا تراها قدر الاستطاعة، إن استطعت أن تنتقل إلى قسم آخر في الإدارة - إذا كانت الإدارة لها أقسام - فحاول أن تبتعد عنها بقدر الاستطاعة، فإن لم تستطع ألا تلقي لها بالاً، وحاول أن تهملها؛ لأنك إن أهملتها قد تأتي هي لتجري وراءك؛ لأنه مع الأسف أن بعض النساء إن طلبتها تدللت وتمنعت وإن زهدت فيها وحاولت إهمالها فإنها تأتي لتركع تحت قدميك.
إذن حاول إهمالها تماماً ولا تلقي لها بالاً، وإذا مشت أمامك لا تنظر إليها، وإذا سمعت صوتها تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وبإذن الله تعالى أنا واثق أنك ستنتصر وستعافى من هذا البلاء، وادع الله أن يرزقك زوجة صالحة حتى تملأ هذا الفراغ؛ لأن هذا الفراغ هي ملأته لأنه ما في نفسك ولا في قلبك من يحل مكانها، ولكن لو منَّ الله عز وجل بارتباط بزوجة صالحة صدقني سوف تنساها بإذن الله تعالى، نسأل الله لك التوفيق والسداد، والمعافاة التامة في الدنيا والآخرة، وأن تبشرنا قريباً بأنك قد عافاك الله من هذا البلاء، ورزقك الله زوجة صالحة مباركة تكون عوناً لك على طاعته ورضاه.
وبالله التوفيق.