حدود الحرية الشخصية للفتاة في اللباس والمكياج للخروج
2008-11-02 11:00:30 | إسلام ويب
السؤال:
بسم الله.
تحية، وبعد:
أختلف مع أمي بأشياء كثيرة تبدأ بمسائل شرعية وتنتهي بإرضاء الأم.
حين أخرج خارج البيت إلى السوق أو مع صديقاتي عادة ما أضع المكياج على وجهي، ولا أحب أن أرتدي العباءة، لكن أمي تخالفني في هذا الأمر وترغمني على ارتداء العباءة، وعلى ألا أضع المكياج بحجة أن هذا هو الشرع ولا يجب أن نتجاوزه.
بغض النظر عن كمية المكياج وعن نوعية الملابس لكني أؤكد بأن المكياج خفيف والملابس محتشمة.
ناقشتها بأن هناك خلافاً شرعياً حول هذه المسألة، لكن وبغض النظر أيضاً إن كان هناك خلاف أم لا.
هي دائماً تقول لي بأنها لن ترضى عني أبداً لو ارتديت كذا أو وضعت كذا وتربط تصرفاتي الشخصية مع رضاها!
لكني أرى بأن الأمر مختلف تماماً عن اعتقادها، ومنفصل عما تنظر إليه، ومنفصل عما يسمى رضا الوالدين، فأنا بالتأكيد أحترمها جداً وألبي ما تطلبه مني من أعمال في المنزل أو أو أو.. علاقتي معها جيدة، تحبني وأحبها، لكن هذا أمر يخصني أنا شخصياً.
فأنا حرة في التصرف الذي لن يتعدى حدود حريتي ولن يؤذي غيري أو يسيء إلى أحد، أنا من أقرر وأنا من يحدد ماذا أكون وكيف أكون، ليس أي شخص آخر حتى ولو أمي! فأنا التي أرتدي الملابس، وأنا التي أضع المكياج على وجهي وليست هي.
سؤالي: هل منطق أمي هذا في رضا الوالدين صحيح؟ وهو أن تتدخل في الأمور التي تخصني شخصياً، أم أنها لا تملك صلاحية التدخل في هذه الأمور التي ذكرتها تحديداً؟
أحتاج لإجابة
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Mariam حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنك تتفقين معنا أن والدتك هي أحرص الناس عليك وأعظم الناس فضلاً عليك، والإنسان قد يجد صديقات وجارات وأزواجاً، ولكنه لا يجد بديلاً عن الأم، فلا يسد مكان الأم إلا الأم، وهذا ما أعطته الشريعة للأمهات، ونسأل الله أن يبارك لك في والديك وأن يعينك على طاعتهما بعد طاعة الله.
وأرجو أن تعلمي أن أمر الوالدة المندوب المستحب شرعاً يحوله إلى واجب، وحجاب المرأة مما أمرت به شريعة الله وليس من تشريع الآباء والأمهات ولا غيرهم، قال تعالى: (( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا ))[الأحزاب:36].
وعليه فالحجاب شريعة الله، وتحديد اللباس المقبول ليس من اختصاص الفتاة ولا أمها، ولكن ذلك مما جاءت به شريعة الله، وعمل المكياج عند الخروج وإظهار الزينة بهذه الطريقة لا تقبله شريعة الله، وأول من يخسر في هذه الأحوال هي الفتاة؛ فإن الحجاب للفتاة كالغطاء للحلوى، فإذا فقدت الحلوى غطاءها كانت عرضة للجراثيم والذباب، وإذا نزعت المرأة حجابها كانت عرضة للأنفس المريضة والأعين الجائعة، وقد أحسن من قال:
إذا وقع الذباب على طعامٍ **** رفعت يدي ونفسي تشتهيه
وتجتنب الأُسود ورود ماءٍ **** إذا كان الكلاب ولغن فيه.
وأرجو أن تعلم بناتي الفضليات أن الشباب يثنون على الفتاة التي تظهر مفاتنها، وقد يسمعونها الكلمات الجميلة ولكنهم لا يرضونها زوجة ولا يأمنونها على بيوتهم، ولذلك فإن أكثر الشباب فسقاً يحاول أن يتزوج من صاحبة الدين لأنه لا يأمن الأخريات، وإن تزوجها فإنه يعيش مع المتبرجة التي وجدها في الشارع في شكوك وظنون، وقد يمنعها بعد الزواج من الخروج من المنزل لأنه يشك فيها، وقد ثبت في الإحصاءات والدراسات أن الزواج أسرع في فئة المنقبات، وقد قالت بعض الفتيات إنهم يثنون على جمالنا ويظهرون إعجابهم بنا، لكنهم لا يرضون بنا زوجات في بيوتهم، ولا أمهات لأبنائهم، إنهم يخدعوننا ويكذبون علينا، إنهم يريدون الاستمتاع بجمالنا لمجرد قضاء الأوقات.. إلى آخر كلماتها الحزينة.
ونحن نتمنى أن تفهم الفتاة حرص الأهل عليها بطريقة صحيحة، فليس المقصود منه الإذلال والتضييق، ولكن الجوهرة الغالية يبالغ أهلها في حفظها وصيانتها، فاقتربي من الوالدة واشكري لها حرصها وتقربي إلى الله بطاعتها، واعلمي أن وجه المرأة حتى عند القائلين بجواز كشفه لا يدخل فيه الوجه الذي فيه مكياج وزينة وعبث بالحواجب، والشوارع مليئة بالذئاب، وليس معنى هذا أننا نسيء الظن ببناتنا، ولكن الاحتياط واجب، والشرع هو الحكم، والسعيدة من وعظت بغيرها.
ونسأل الله أن يحفظك، وشكراً لك، ونحن سعداء ببرك لأمك وأبيك.
وبالله التوفيق والسداد.