ما هي كيفية التخلص من الآثار النفسية للذنوب؟
2008-07-14 11:37:08 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عيكم ورحمة الله وبركاته
لقد ارتكبت بعض الذنوب في حق الله تعالى وحق بعض الناس، واستفتيت في ذنبي فنصحوني بالتوبة والاستغفار وعدم إخبار هؤلاء الناس لأنهم سيحرمونني من عملي معهم، وهذه الذنوب تؤرقني دائماً وتحتوي حياتي كلها، مما جعلني في حالة نفسية مضطربة، وأخشى أن يعرف هؤلاء الناس ذنبي فيعاقبوني وأكون في غاية الإحراج منهم وأُحرم من عملي.
ويظهر ذلك في التفكير المستمر فيما لو انكشف أمري، واضطراب أعصابي يجعلني عندما أريد الصلاة أحرص على رفع صوتي بتكبيرة الإحرام فتحصل صعوبة في النطق بها، وأحاول عدة مرات لكي أنطق بها، وإذا تقدمت لإمامة بعض الناس يحدث ذلك في معظم التكبيرات، وأشعر أن ذلك بسبب ذنبي.
علماً بأني لا أصلي الفجر غالباً إلا بعد شروق الشمس، ونفسي تحدثني أن ذلك بسبب ما ارتكبته من ذنب، وأشعر بأني لا أستحق هذا العمل بسبب ذنبي، فماذا أفعل؟ وما هو علاجي؟
وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يفرج كربتك وأن يقضي حاجتك، وأن يُذهب عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يتقبل توبتك خالصة لوجهه الكريم، وأن يسترك بستره الذي لا ينكشف في الدنيا والآخرة.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن الشيطان لعنه الله استغل هذه الفرصة ليفسد عليك حياتك، فهو يعلم أنك قد ارتكبت بعض الذنوب في حق الله تعالى وفي حق بعض الناس ولكنه لا يريد أن تمر هذه المسألة على خير، يريد أن يكبر أمامك ذنبك حتى يُشعرك باليأس والقنوط من رحمة الله تعالى ويفسد عليك دينك ودنياك.
وعلى الرغم من أن للمعصية شؤما عظيما ولكن العبد إذا تاب توبة صادقة نصوحاً فإن الله تبارك وتعالى يتوب عليه، وهذا وعد الله تبارك وتعالى: (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)، [الفرقان:70]، ويقول الله تبارك وتعالى: (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)، [النساء:17]، فما دمت قد تبت إلى الله وتكثر من الاستغفار فهذه هي التوبة النصوح.
ولا بد أن تعلم أن الذنوب تنقسم إلى قسمين، ما كان في حق الله تعالى يكفيك منه هذه التوبة، بمعنى الإقلاع عن الذنب والندم على فعله وعقد العزم أن لا تعود إليه وبذلك سيتوب الله تبارك وتعالى عليك ويغفر ذنبك ويتجاوز عن سيئاتك، وأما حقوق العباد فإذا كانت حقوقاً مادية فهذه لا يكفي فيها مجرد التوبة التي ذكرتها، وإنما لابد من رد المظالم لأصحابها؛ لأن التوبة ترفع المؤاخذة ولكنها لا تضيع الحق، فإن الحق سيظل حقاً في الدنيا والآخرة، ولذلك اعقد العزم على أن ترد الحق لأهله بأي طريقة كانت، وما دمت أنك موجود معهم وهم لم يعلموا بما وقعت فيه من مخالفة فاستر على نفسك وهذا واجب شرعاً، ولا تفضح نفسك ما دام الله قد سترك، فاجتهد في ستر نفسك واجتهد في الإخلاص في العمل وإتقانه على الوجه الذي يرضي الله تعالى.
وإذا كنت قد أخذت شيئاً مادياً فعليك أن ترده ولو بصورة دفعات أو على مراحل، حتى ترد الحق إلى أهله، ولا تشغل بالك طويلاً بهذه المسألة؛ لأن الشيطان حريص على أن يفسد ما بينك وبينهم وأن يفسد بينك وبين نفسك، ولذلك دائماً يُشعرك بأن شكلك سوف يكون سيئاً إذا انكشف أمرك وأنك ستكون خائنا للأمانة وكيف تقف بين يدي الله تعالى وتصلي وأنت مرتكب لبعض المعاصي، فلا تلق بالاً لهذا كله وإنما عليك بالاجتهاد في التوبة والإكثار من الاستغفار وعقد العزم على ألا تعود إلى هذه المعاصي مطلقاً.
وعليك أن تضع خطة لرد هذه الحقوق إلى أصحابها إذا كان من الشيء الذي يمكن رده، واجتهد في أداء عملك على الوجه الذي يرضي الله تعالى واحرص على إتقان العمل، والمحافظة على الوقت حتى تكسب إعجابهم وحتى تظل ثقتهم فيك كما هي، وحاول أن تدعوا لهم بظهر الغيب أن يكرمهم الله تعالى وأن يوسع عليهم وأن يعوضهم عمَّا أخذته خيراً.
ولا تلق بالاً للشيطان ووساوسه ولا تفكر في انكشاف أمرك؛ لأن الذي سترك في المرة الأولى قادر -جل جلاله- بصدق توبتك على أن يسترك في الدنيا والآخرة كلها -بإذن الله تعالى-.
وأما اضطرابك في الصلاة فإنما هو عمل من عمل الشيطان، ولذلك لا تلتفت له ولا تحرص على رفع صوتك وادخل في الصلاة مباشرة وكبر ثم ابدأ في القراءة ولا تحاول أن تعود مرة أخرى لترديد ما قرأت ولا تكرار ما صليت أو إعادته، وكذلك في أمر الوضوء وغيره، وعليك أن تقوي قلبك وأن تعلم أن هذا من كيد الشيطان، وأن الشيطان يريد أن يفسد عليك كل شيء، ولا يريدك أن تهنأ بحلاوة التوبة ولا يريدك أن تشعر بلذة العبادة، فحاول أن تقاوم ولا تستسلم، واصرف عن بالك مسألة انكشاف أمرك أو الفضيحة، فإن هذا أمر لن يكون ما دمت قد تبت إلى الله تعالى.
وأما عدم قيامك لصلاة الفجر فليس معنى ذلك أن الشيطان قد استولى عليك، وإنما معناه أنك لم تأخذ بأسباب القيام لصلاة الفجر، فحاول أن تنام مبكراً وحاول أن تنام على السنة وأن تجعل لك شيئاً ينبهك سواء أكانت الساعة أو الهاتف أو غيره، واستعن بالله واعقد العزم عند النوم على أنك ستصلي الفجر، -وبإذن الله- سوف تعان على ذلك كله، وسوف تخرج من هذه الفتنة سالماً غانماً معافىً بإذن الله تعالى، ولا تكترث لكيد الشيطان ولا تلق له بالاً وكلما وسوس لك فاتفل عن يسارك واستعذ بالله، نسأل الله لك التوبة الصادقة النصوح والستر في الدنيا والآخرة.
وبالله التوفيق.