عدم الاستقرار النفسي وتقلب المزاج .. أسبابه وعلاجه
2008-05-20 11:49:43 | إسلام ويب
السؤال:
والله الذي لا إله غيره إنني أحبكم في الله، وأشكركم على جهودكم العظيمة من أجل الدين.
المشكلة عندي أني لا أعرف ما أنا عليه! يوماً فرحانة ويوماً مخنوقة من الدنيا وما فيها، اليوم الذي أكتب فيه هذه الرسالة أنا فيه على درجة كبيرة من الإيمان والحمد لله، ولكن أخاف من هذا اليوم، وهو أن ينتهي بمعصية، فأنا متقلبة يوماً أكون فيه على درجة كبيرة من الإيمان، واليوم الآخر أكون عكس ذلك، يوماً أفكر في الزواج وأريد أسرة مسلمة، ويوماً أكره الزواج وأفكر أن زوجي سوف يمرض ثم يموت ثم أحزن عليه، أو أن أفقد أحد أولادي كما حدث مع أبي وأمي رحمهما الله، فكل هذا يحدث في خاطري، فأنا في حيرة، أفدني يا شيخ!
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سامية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يجزيك عنا خيراً وأحبك الله الذي أحببتنا فيه، ونشكرك أيضاً على حسن ظنك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا خيراً مما تظنين، وأن يعيننا وإياك على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يكرمك بصلاح الحال واستقرار النفس وهدوء البال، وأن يمنَّ عليك بزوج صالح يكون عوناً لك على طاعته ورضاه وألا ترين فيه مكروهاً لا في الدنيا ولا في الآخرة.
بخصوص ما ورد برسالتك: فإن الأمور التي تتكلمين فيها من عدم الاستقرار، وأنك في يوم فرحانة ويوم مخنوقة من الدنيا وما فيها، هذا كله أتصور أن مرجعه إلى تلك الأحوال التي نعيش نحن فيها كمسلمين في هذه الفترة، فأحوال المسلمين صعبة والمشاكل متكالبة من كل جهة، وارتفاع الأسعار يكاد أن يأكل الأخضر واليابس، وأيضاً التفلت الواضح من التكاليف الشرعية، كل هذه الأمور تؤثر سلباً على نفسية أي إنسان مسلم، فهذا الجو جو موبوء غير طبيعي، يجعل الإنسان فعلاً في نوع من الحيرة ونوع من القلق ونوع من الأرق والتوتر وعدم الاستقرار، فهذه كلها أعتقد أن تلك الأعراض التي تتحدثين عنها إنما هي نتيجة طبيعية لتلك الظروف التي يعيشها المسلمون في بلادهم.
أيضاً فيما أتصور أنه يخصك عدم وجود جو إيماني حولك؛ لأنه إذا وجد في البيئة أو في الأسرة جو إيماني مستقر فقطعاً ستزول هذه المشاكل - بإذن الله عز وجل – لأنه عندما يكون الأب يفهم رسالته كمسلم والأم تفهم رسالتها كمسلمة، وعندما تكون الأسرة تتعامل بالإسلام، ستؤدي قطعاً إلى وجود أو إلى شيوع الأمن والأمان في داخل الأسرة وبين أفرادها؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول: (( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ))[الرعد:28]، ولذلك البيوتات - أختي الكريمة سامية – التي فيها الإسلام يطبق عملياً بيوتات مستقرة لا تعرف هذه الأمراض التي تتكلمين عنها.
فإني أفهم أن الأسرة التي أنت منها أسرة عادية، وهذه الأسرة العادية عرضة لهذه التقلبات أيضاً نتيجة الظروف التي أشرت إليها والظروف الخاصة غير الظروف العامة، كما أنه أيضاً عدم وجود صحبة صالحة تعينك على طاعة الله تعالى وتذكرك بما ينبغي أن تكوني عليه قد يكون عاملاً أيضاً، ولذلك أتمنى أن تجتهدي في البحث عن صحبة صالحة: أخوات صالحات قانتات مؤمنات صاحبات الحجاب، وهنَّ والحمد لله كثيرات في مصر، فمصر بلد الخير ولن يعدم الخير فيها إلى ما شاء الله تعالى.
فأنا أتمنى أيضاً أن تربطي نفسك بأخت فاضلة أو أخوات فضليات، وأن تجتهدي - بارك الله فيك – في المحافظة على بعض الدروس الشرعية والمحاضرات الإسلامية؛ لأن هذا سيوفر لكم نوعاً من الاستقرار حقيقة، والانشغال بعمل شرعي كبير عن طريق التعلم (حلقات التعليم)، كأن تبدئي في مشروع حفظ القرآن الكريم، أو شيء من السنة، ولو كل يوم آية ولو كل يوم حديث، وإذا كان عندكم دروس أو محاضرات أو ندوات في المساجد المجاورة لبيتكم، فأفضل أن ترتبطي بهذه المساجد ويكون لك دور اجتماعي إذا كانت هناك بعض الخدمات تقدم من خلال المسجد تقومين بممارسة هذا الدور، خاصة وأنك مدرسة وبمقدورك أن تقدمي خدمات جليلة للبنات في داخل المسجد: تعليم البنات مثلاً هذه الدروس – إذا كنت مدرسة أي مادة من المواد فتعلني استعدادك في أنك تدرسي البنات مجاناً مثلاً ابتغاء مرضاة الله، أو بأجر رمزي مثلاً في المسجد، ومن خلالها سيكون لك دور، ومن خلالها ستكونين سعيدة وستلغى هذه المشاكل تماماً؛ لأن هذه المشاكل التي تعرض لك وهو أنك في يوم فرحانة ويوم زعلانة، ويوم فيه ضعف إيمان ويوم تخافين أنك لا تدرين على أي حال تلقين الله، إنما هو في الغالب رد فعل طبيعي للبيئة وللظروف التي نعيشها وللمشاكل التي تواجهك يومياً سواء كان في المدرسة أو من الإدارة أو الطريق العام من بيتك إلى المدرسة أو العكس، هذه كلها أمور تلقي بظلالها على نفسية المسلم حتى وإن كان صادقاً، ولكن هناك عوامل - أختي الكريمة سامية – كما ذكرت لو أننا قمنا باستغلالها وتنفيذها لأدت إلى الاستقرار النفسي والبعد عن المعاصي، فكما ذكرت صحبة الصالحين، فهذه - إن شاء الله تعالى – تبحثي عنها وتجتهدي فيها لأنها ستزيدك استقراراً وثباتاً وتحول بينك وبين المعاصي.
الأمر الثاني – كما ذكرت – الاشتغال بطلب العلم الشرعي، إما عن طريق الندوات أو ا لمحاضرات الموجودة في المناطق القريبة منكم، أو حتى عن طريق سماع بعض الأشرطة، فلماذا لا تجعلين كل يوم شريطاً تسمعينه وتركزين عليه، والمعلومات الموجودة فيه تحاولين نقلها إلى الوالدة أو أخواتك أو في المدرسة بين زميلاتك، تمارسين دور الدعوة، لأنك لو اشتغلت في الدعوة - أختي الكريمة سامية – أنا واثق جدّاً بأنك ستكونين رائعة، وسوف تتغير نفسيتك ويكون عندك دافعية كبيرة، وتشعرين بمتعة عظيمة بأنك تقدمين خدمة للإسلام، ليس مجرد إنك مدرسة، أيضاً تطبيق هذه المواد والمعلومات في التعامل مع طالباتك مثلاً في المدرسة، لما يكون عندك حس إيماني ودور إسلامي سوف يحبك الجميع وتكونين محل ثقة كل الطالبات لهنَّ يتمنين هذا النوع من المدرسات خاصة عندما يكون عندها قدر من المرونة.
وإن شاء الله تعالى عمَّا قريب سيمنَّ الله عليك بزوج، وأسأل الله أن يرزقك بزوج ويزوجك عاجلاً غير آجل، ولا تفكري في هذه الأفكار التشاؤمية أو السلبية؛ لأن الآجال بيد الله، والأرزاق بيد الله، والأعمار بيد الله، ونحن لا نملك في أنفسنا شيئاً، إن كنت تخافين مثلاً أنه لا قدر الله أن تتزوج الأخت ثم يموت زوجها، فقد تموت الأخت قبل الزوج ويعاني هو معاناة مرة بعدها، فأرجو أن تطردي هذه الأفكار السلبية عنك، وأن تتوجهي إلى الله بالدعاء أن يمنَّ عليك بزوج صالح يكون عوناً لك على طاعته، وتؤسسين معه أسرة مسلمة وذرية صالحة طيبة، ويبقى لك رسالة في داخل البيت ورسالة في خارج البيت، وأسأل الله لك التوفيق والسداد، وأتمنى أن تكوني عروساً قريباً، إنه جواد كريم.
والله الموفق.