كيفية التعامل مع الأم حال فقد الحنان والحب منها
2007-02-21 12:58:38 | إسلام ويب
السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكركم على هذا الموقع المفيد والناجح.
أنا فتاة عمري (21) سنة، أدرس في الجامعة، وأنا على وشك زواج، والمشكلة تكمن في أن أمي ليست أماً حنونة ولا عطوفة كغيرها من الأمهات، منذ أن كنت صغيرة إلى الآن لا أذكر أبداً أنها ضمتني إلى صدرها أو عانقتني، ولا سمعت منها كلمة حانية تدل على الأمومة، وهي تسب وتلعن فينا بشكل كبير جداً بسبب وبدون سبب، وبشكل شبه يومي.
وهي لا تراعي مشاعرنا أبداً، فدائماً ما تهيننا بكلمات جارحة، أشعر بأنها تختلف عن باقي الأمهات، فلا نشعر معها بالأمان ولا بالحنان، في الحقيقة أني أشعر بأسف كبير لهذا الأمر، فأنا أشعر بأني محرومة من حنان الأم، تصوروا أنها لم تشعر بأي سعادة ولم تفرح لي عندما خُطبت، ولم تقل لي كلمة (مبارك)! ولم أر حتى ابتسامة على وجهها، بالرغم أن خطيبي شاب رائع، وهي موافقة عليه، ولكن كما ذكرت قبل قليل أنها تختلف عن جميع الأمهات، ولا تملك قلب الأم الحاني، فقد كان هذا مثل الصاعقة على قلبي، فقد بدأت أشعر بجد بأنها لا تحبني، ولا تكنّ لي أية مشاعر أمومة، وشعرت بأسف عظيم لذلك.
جميع زميلاتي فرحت لهن أمهاتهن أشد الفرح عندما خطبن، أما أنا فأمي تختلف، فأنا أحترق غيظاً عندما أرى الأمهات الأخريات، وأتساءل: لماذا أمي ليست مثلهن؟! جميع الأقارب والأصدقاء فرحوا لي أشد الفرح، أما هي فلا شيء.
وفوق ذلك بدأت في الفترة الأخيرة تدعو علي بعدم التوفيق، وتقول: (الله لا يوفقك)، عندما يحصل خلاف بيننا، وللعلم أنها تصنع مشكلة كبيرة على أتفه الأمور، وعلى أمور لا تكاد تذكر، وعندما بدأت تدعو علي هكذا أيقنت تماماً بأنها لا تتمنى لي السعادة والتوفيق، فوالله! أن عيني قد أغرورقت بالدموع، وأنا أكتب لكم الآن، وتنحدر دموعي عندما أرى أي موقف حان لأم مع أحد أبنائها في التلفزيون.
أتمنى لو كانت أمي كذلك، فحتى عندما نمرض ونكون طريحي الفراش فإن عواطفها لا تتحرك أبداً تجاهنا، ولا تشفق علينا أبداً.
بغض النظر عن الألم الذي أشعر به في داخلي؛ فإنني أشعر بخوف كبير من دعائها علي، وأخشى عدم التوفيق في حياتي الزوجية قريباً بسبب دعائها.
فهل سيقبل الله تعالى دعاء أم مثل أمي لا تحب ابنتها ولا تتمنى التوفيق والسعادة لها؟
آسفة على الإطالة، وشكراً جزيلاً لمن يرد على مشكلتي.
وفقكم الله.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ العنود حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن الله سبحانه عدل رحيم لا يقبل دعاء فيه إثم أو قطيعة رحم، فلا تحملي همَّا واحرصي على أداء ما عليك تجاهها، وتذكري أنك مأمورة ببرها في كل الأحوال وتؤجرين على صبرك عليها عند ذي العظمة والجلال، فاتقي الله واصبري، واعلمي أن الله قد جاءك بالفرج، فاحتملي ما تبقت لك من أيام، وقابلي إساءتها وجفوتها بالإحسان، والتمسي لها الأعذار، واعلمي أن بعض الآباء والأمهات لا يعرفون إظهار المشاعر، وقد ظهر لي من خلال السؤال أنها تمارس هذا الوضع مع الجميع، كما أنه يوجد في كبار السن من يظن أن الشدة والقسوة تخرج أفراداً قادرين على مواجهة صعاب الحياة، وهذا فهم مغلوط ولكنه موجود بكل أسف.
ونحن مع ذلك ننصحك بعدم الدخول في مصادمات ومواجهات مع والدتك، واصبري على ما يصلك من الأذى، واجتهدي في الدعاء لها ولنفسك، وأصلحي ما بينك وبين الله وسوف يصلح لك ما بينك وبين أمك وزوج المستقبل والناس.
وأرجو أن يأخذ الموضوع حجمه المناسب فلا تشغلي نفسك، وتصرفي لما فيه الخير، واعلمي أنك صبرت لسنوات طويلة فلماذا لا تواصلين مشوار الصبر، وقد أحسن من قال:
ألا بالصبر تبلغ ما تريد **** وبالتقوى يلين لك الحديد
وإذا أدى الإنسان واجبه تجاه والديه ومع ذلك سخطا عليه فإن الله سبحانه يعلم السر وأخفى، وهو القائل سبحانه: (( رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا ))[الإسراء:25]، وهذه الآية جاءت بعد آيات البر، وقال العلماء: إن في الآية عزاء لأمثالك ممن أدى ما عليه من البر والصبر، وأرجو أن تعلمي أن السعادة هبة الوهاب لمن صدق في عبادته وأناب واتبع السنة ودار مع الكتاب.
ونحن ننصحك بتقوى الله وبضرورة الحرص على تلطيف الجو مع الوالدة في هذه الفترة، فإن الحساسية عندها سوف تزداد، فتفهمي وضعها واذكري لها فضلها واشكري لها أمومتها، وأظهري السرور بها مهما حصل، وسوف يعوضك الله عز وجل.
ونسأل الله أن يوفقك للخير ومرحباً بك في موقعك.
وبالله التوفيق والسداد.