الاسترسال في أحلام اليقظة
2006-10-18 09:16:30 | إسلام ويب
السؤال:
أولاً: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وجزاكم الله كل خير على ما تقدمونه لكل من يحتاج مساعدة.
أنا في السابعة والعشرين من عمري، لست متزوجة وقد عانيت من الفشل كثيراً في حياتي الدراسية؛ بسبب ما أعانيه! فأنا أعاني من شيء لا أجد له تفسيراً وأرجو المساعدة على فهمه وعلاجه، أنا ألجأ دائماً إلى الاختلاء بنفسي وتخيل أناس أحبهم وأتكلم معهم، ونضحك ونتسامر، حتى أنني أتخيل أنني أدافع عنهم في مواقف ابتدعها عقلي، ودائماً أظهر نفسي في هذه الهواجس أنني كاملة في كل شيء وليس بي عيبُ إطلاقا؛ مما يجعل الكل يحبني.
كل هذا أتخيله وليس به شيء من الحقيقة، مع العلم أن كل من يعرفني يحبني كثيراً، وكل من يتعامل معي يعرف أنني ولله الحمد ذات علم واسع وفي أمور شتى، وأتقن ثلاث لغات ولله الحمد! أيضاً أنا أصلي وأعمل بكل ما أمرنا الله به على قدر استطاعتي، وأنا متحجبة وأتقرب إلى الله بكل الطرق المستطاعة.
إنني أرجو منكم إعلامي بما أعاني منه وطريقة معالجته؛ لأنني خسرت وما زلت أخسر أشياء كثيرة بسبب هذا المرض، ولا أريد أن أذهب إلى طبيب نفسي حتى أتجنب القيل والقال.
جزاكم الله كل خير عني، والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ن.م حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أيتها الأخت الفاضلة: أرجو أن أؤكد لك أنك لا تعاني من حالة مرضية حقيقية، إنما هي ظاهرة نفسية، هذه الظاهرة التي يختلي فيها الإنسان بنفسه وربما - كما ذكرتِ - تأتيه أفكار وخيالات كثيرة يسترسل فيها، وربما تكون ممتعة جدّاً له في بعض الأحيان، هذه بالتأكيد نوع من أحلام اليقظة.
وهذه ليس من الضروري أن تكون نوعاً من الأماني، إنما هو استرسال في خيال ما، قد يحس الإنسان فيه براحة، وفي بعض الحالات يفسرها العلماء أنها أيضاً نوع من الأمنيات التي يتمناها الإنسان ولم تتحقق له، وكانت مخزونة في عقله الباطني ثم أصبحت تخرج إلى الوعي في لحظات الاختلاء بالنفس.. هذا نوع من التفسير.. وعموماً الظاهرة لا تعتبر ظاهرة مرضية - كما ذكرت لك - ولكنها ربما تسبب بعض الإزعاج للإنسان.
هذه الظاهرة تعالج بالتالي:
أولاً: حين تعتريك أي من هذه الأفكار، أرجو أن تستجلبي الأفكار المضادة لها.. قولي لنفسك: هذه الفكرة فكرة خيالية وليس من المستحسن أن أسترسل في هذه الفكرة، وربما أفكر في فكرة مخالفة لها.. إذن العلاج هو عن طريق الحوار الذاتي بجلب أفكار معاكسة.
والخطوة الثانية: بعد ذلك تقولي لنفسك: يا ليتني لو كنت أفكر بأمر آخر، أمراً يكون أكثر فائدة، على سبيل المثال: أفكر أن أكتب موضوعاً، أن أكتب قصة، أن أكتب رواية... وهكذا؛ أي الهدف هو أن تحاصري الاسترسال في الخيال وتستبدليه بما هو مخالف، وكذلك يمكن استبداله بمادة تكون أكثر حيادية، وقد تكون أكثر نفعاً.
هنالك أيضاً من الحيل النفسية العلاجية التي يمكن ممارستها، هو أنك حين تكونِين في جلسات الخيال هذه مع نفسك، يمكنك أيضاً أن تقومي بالضرب بشدة بيدك على جسم صلب حتى تحسي بالألم، ومع الضرب قولي: قف قف قف، كرري ذلك.. والهدف من ذلك هو أن يحدث نوع من فك الارتباط الشرطي، أي أن يقرن الفكر الاسترسالي بالألم، أو أي استشعار مخالف له.. هذه كلها نوع من التمارين النفسية التي نراها مفيدة.
يمكنك أيضاً أن تبدئي - كما ذكرت لك - في نشاطات أخرى، في اللحظات التي تكوني بمفردك الجئي للكتابة - على سبيل المثال - إذا أتتك أفكار ترين أنها يمكن أن تصاغ صياغة مفيدة وتكون في شكل قصة أو موضوع أو هكذا، فاصنعي منها قصة، ويمكن بذلك أن تنمي نوعا من المواهب والمقدرات وتستفيدي من هذه الخيالات.
هذا هو الذي أود أن أقوله لك، ولا أعتقد أنك مريضة مطلقاً، بل على العكس تماماً أرى أنك إنسانة متسعة المدارك، وكما ذكرت فأنت والحمد لله قد منَّ الله عليك بالتحدث بثلاث لغات، كما أنك حريصة ومحافظة على دينك، وهذا شيء حقيقة نفرح له كثيراً، ونسأل الله أن يثبتنا جميعاً على المحجة البيضاء، وبارك الله فيك، وكل عام وأنتم بخير.
وبالله التوفيق.