علاقة الإنسان بمن حوله وكيفية كسر الحواجر النفسية مع المجتمع
2006-09-06 14:02:16 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف أستطيع أن أكون اجتماعية بدون أن أركز كثيراً على إحساس الناس برأيهم فيّ، بمعنى كيف أكسر الحاجز النفسي الذي يمنعني عن الناس ويمنعهم عني، فأنا لا أجيد فتح المواضيع التافهة أو غير الجادة، ولا أستطيع ان أجاري فيها الناس، ولكن الناس لا تحب دائماً هذا الشخص الجاد، بل إنها نادراً ما تحبه.
وأنا لا أجد من يستطيع التحدث في مواضيع جادة أو من يبحث عن صحبة ملتزمة في من حولي في الكلية، وحتى عندما حاولت مجاراتهم لم أستطع، فحاولت أن أجذب البعض إلى الجدية فلم ينجذبوا، حتى لقد صرت أكره الكلية، وأعمل لبدء العام الدراسي الجديد ألف حساب لأني سأكون تقريباً وحدي، وهذا ينطبق على أي مكان جديد أذهب إليه؛ لا أستطيع تكوين صداقات أو أخوة في الله يشاركونني اهتماماتي، ويدفعونني للأفضل فيما بيني وبين ربي في الطاعات والذكر، فهل هذا علامة عدم حب الله لي؟ وماذا أفعل بهذا الخصوص؟
جزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريهام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
أولاً: أنا أرى أنك لا تُعانين من أي مرض نفسي، وهذه السمات التي تتسم بها شخصيتك هي نوع من الطبع أو نوع من الصفات التي قد يتصف بها الإنسان، والذي أرجوه هو ألا تنظري لهذه السمات أو الصفات بسلبية، ولا أرى أنها صفات منبوذة، وربما تكون مستحسنة في بعض المواقف، والإنسان الذي يأخذ الأمور بجدية لا يلام أبداً.
أنا قمت بالاطلاع على رسالتك بتمعن، وأعرف الذي تقصدينه، وهو أن تكوني أكثر تواصلاً مع الناس بجميع فئاتهم وطباعهم، وتودين أن تجاري الشخص الجاد وغير الجاد.
في رأيي أنت أخذت الموضوع بحساسية أكثر من اللزوم، ولا أعتقد أن هذا التصرف أو هذه الجدية التي اتسمت بها شخصيتك سوف تجعلك منبوذة أمام الناس، وكما ذكرت لك فهي في رأيي صفة حسنة، وبالتأكيد الإنسان يحتاج أن يطور من مهاراته، وهذا هو الذي ربما تكوني أنت في حاجة له، وهذا بكل بساطة يتأتى من محاولة فهم الآخرين، ولكن ليس من الضروري أن تتطابق أفكارك مع أفكارهم، فكوني مستمعة جيدة، وفي ذات الوقت أرجو أن تحضري بعض المواضيع، وتعزمي مع نفسك بأنك سوف تناقشي هذه المواضيع حين تقابلي الزميلات أو الصديقات.
والشيء الآخر: ربما يكون أيضاً من المجدي لك أن تكثري من الاطلاع أو القراءات التي ربما تتميز بنوع من المزاح المعقول والمقبول؛ فهذا يجعلك تأخذي الأمور بجدية أقل في بعض المواقف الاجتماعية.
أرى أن تكوين الصداقات والأُخوَّة في الله حين تكون فيها جدية ستكون أكثر متانة وأكثر نفعاً، وأنا على ثقة كاملة أن هذه الجدية التي تميزت بها شخصيتك سوف تجعلك محط اهتمام الأخوات اللاتي يتمتعن بالجدية أيضاً في حياتهنَّ، والمسلم دائماً يجب أن يكون منضبطاً وجاداً..
أكرر أن الميزة التي تتميز بها شخصيتك ستكون حافزاً إيجابياً لك لتتفاعلي مع الآخرين، والحمد لله على اهتمامك بأمر الطاعات والذكر.
وأحزنني جدّاً الخلاصة أو السؤال الذي أوردته، وهو التحدث أو السؤال عن هل هذا علامة عدم حب الله لي؟
وأقول: ليس من السهولة بالنسبة لي أن أخوض في هذه الأمور، ولكن ما دمت أنت على محبة الله فالله يحبك، ومن أطاع الله أحبه الله، وأرجو ألا تجهدي نفسك بمثل هذه الأفكار، إنما عليك بالطاعات وبالعبادات، وبالتواصل مع الصالحات والفاضلات من الأخوات، وعليك التركيز على دراستك، وأنت إن شاء الله سيكون لك مستقبلاً باهراً بإذن الله تعالى؛ لأن الشخص الذي يتميز بالانضباط والجدية هو الشخص الفعّال وهو الشخص الذي يوثق به.
وهنالك نقطة أخيرة لابد أن أذكرها، وهي: يجب ألا تتسلطي على نفسك وترصدي كل تصرفاتك، فهذا يجعلك تعتقدين أنك لا تتفاعلين مع الآخرين، إنما أرجو أن تأخذي الأمور ببساطة أكثر..
إذا كنت تحسين بقلق زائد وعدم القدرة على التكيف؛ لأن هذه الأفكار مزعجة بالنسبة لك، فلا بأس أن تأخذي جرعة بسيطة من أحد الأدوية المضادة للقلق، وفي هذه الحالة أرشح العقار الذي يعرف باسم فلونكسول، خذيه بجرعة نصف مليجرام، حبة واحدة في اليوم لمدة أسبوعين أو ثلاثة، وعليك أيتها الفاضلة أن تلجئي أيضاً للأساليب الغير مباشرة للتفاعل والتمازج مع الآخرين، ومنها الانضمام للجماعات الشبابية النسوية والجماعات الخيرية، ولا مانع أبداً من ممارسة أي نوع من الرياضة المشروعة بالنسبة للفتيات، فهذا يجعلك إن شاء الله أكثر تقرباً وتفاعلاً مع الأخوات.
أكرر: لا أرى أنك تُعانين من علة نفسية حقيقية، وأرجو أن ترفعي قليلاً من درجة الصرامة التي قمت بفرضها على نفسك.
وبالله التوفيق.