علاج الرهاب الاجتماعي والعزلة
2006-08-28 09:42:49 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بدأت مشكلة أخي - يا دكتور - قبل سبع سنوات، وكانت في البداية عبارة عن نوبات هلع وخوف وإحساس بالموت وتعرق مستمر لعدة دقائق، ثم تزول، وتكررت هذه النوبات في حدود أربع مرات ثم بدأت الأعراض التالية:
1- حساسية من الاجتماعات، وقلق أثناء حضورها، وحساسية أيضاً من النقد.
2- يصاب أثناء الحديث فجأة بنوع من الرهاب يجعله لا يستطيع إكمال الحديث ويحاول أن ينهيه سريعاً.
3- صعوبة في التعرف وتكوين الصداقات.
4-عدم القدرة على الإمامة في الصلاة.
واستخدم البروزاك مرتين إحداهما 5 أشهر، والأخرى 7 أشهر، ثم قرر ترك العلاج بعد أن أحس بنوع من الكآبة، والآن بعد مضي خمس سنوات اختفت نوبات الهلع، وقرر أن يستخدم الرقية الشرعية، وأن يحاول الخروج من هذه العزلة، وهو الآن متزوج ومقبل على عمل جديد بعد عشرة أيام في مدينة أخرى، فهل هناك - يا دكتور - علاج لحالة أخي العامة، وهل هناك علاج سريع يساعـده على التأقلم مع العمل الجديد.
وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حماد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فجزاك الله خيراً لاهتمامك بحالة هذا الأخ.
لقد بدأت الحالة -حسب ما ورد في وصفك- بنوع من الهلع، ثم بعد ذلك اختفى الهلع وتحول الأمر إلى خوف أو رهاب اجتماعي، وهذا ليس مستغرباً؛ لأن الرهاب والهلع والخوف الاجتماعي كلها في الأصل هي حالات مما يعرف بالقلق العصابي، ولا شك أن القلق العصابي يعتبر مزعجاً بعض الشيء، ولكن الحمد لله يمكن علاجه بالعزيمة والإصرار من جانب الشخص بأن يواجه هذه المواقف وألا يتهرب منها وألا يتجنبها.
والشق الثاني من العلاج هو الأدوية، والحمد لله الآن أصبحت هنالك أدوية فعّالة جدّاً لعلاج مثل هذا الخوف والرهاب، ولكنَّ الأدوية لابد أن تقرن بالعلاج السلوكي حتى تكون الفائدة أكثر.
والذي أنصح به هذا الأخ، أن يحدد كل المواقف التي يجد نفسه خائفاً فيها، ثم يعرض نفسه لمصدر الخوف، وهذا الاقتحام أو التعرض يمكن أن يكون أولاً في الخيال، يتخيل نفسه في أشد المواقف التي تسبب له الخوف، ويجب ألا يهرب أو يشرد بفكره، إنما يمعن ويستمر في التفكير، ولقد رأيت البعض يقومون بإجراء هذه التمارين بصورة ممتازة للدرجة التي يتعرق الواحد فيهم وتتسارع ضربات قلبه حين يتأمل هذه المواقف، وهذا بالطبع سينتفع كثيراً من العلاج؛ لأن تكرار التأمل عدة مرات بهذه الصورة سيجعله بعد ذلك أكثر استرخاءً وينتهي التعرق وترجع ضربات القلب إلى طبيعتها وينتهي الخوف.
إذن: فالطريقة الأولى هي أن يعرض نفسه في الخيال، ثم بعد ذلك يبدأ في التطبيق العملي، ويبدأ بأقل المواقف خوفاً منها، ويحاول أن يقتحمها، ويمكن أن يُساعد، يمكن أن تكون بجانبه أو يكون أحد الإخوة الذين يعرفون مشكلته، يمكن أن يكونوا معه في المراحل الأولى، ثم بعد ذلك يترك لوحده... وهكذا.
هذه التمارين تتطلب الاستمرارية، وهذا الأخ مقدم على عمل جديد، وهو الحمد لله متزوج، وهذا يعني أنه شخص فعّال، شخص لم يسبب له الخوف إعاقة حقيقية، وهذا لابد أن يكون دافعاً له من أجل أن يتخلص من الجزء المتبقي من الرهاب.
الشق الثاني في العلاج هو أن يستعمل الأدوية، وهنالك الحمد لله عدة أدوية مفيدة جدّاً في مثل هذه الحالات، وهي أدوية سليمة وحديثة ولا تسبب الإدمان أو الآثار الجانبية.
هنالك دواء يعرف باسم زولفت، وهو مفيد جدّاً، وجرعته هي حبة واحدة من فئة 50 مليجرام، يتناولها ليلاً بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم يرفعها إلى حبة صباحاً ومساء، ويستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم يخفضها إلى حبة واحدة يومياً لمدة شهرين، ثم حبة يوماً بعد يوم لمدة شهر، ثم يتوقف عنها.
الدواء الآخر يعرف باسم زيروكسات وهو أيضاً علاج ممتاز، وجرعة البداية هي 10 مليجرام – نصف حبة – ليلاً لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة إلى حبة واحدة ويستمر عليها لمدة شهرين.
إذا شعر بالتحسن يستمر على نفس الجرعة حتى يكمل ستة أشهر، أما إذا لم يحس بالتحسن بعد مضي الشهرين، فيرفع الجرعة إلى حبتين ويستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم بعد ذلك يبدأ في تخفيض الجرعة بمعدل نصف حبة كل شهر حتى يتوقف عنها، وفي حال أن حبة واحدة كانت كافية بعد انقضاء المدة المقررة وهي ستة أشهر أيضاً، يبدأ في التخفيض بنصف حبة ويستمر عليها لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوماً بعد يوم لمدة أسبوعين أيضاً حتى يتوقف عن الدواء.
بالطبع، لا يستعمل الدوائين في نفس الوقت، ولكن يستعمل إما الزولفت وإذا وجد فيه نفعاً فيستمر عليه، وإلا يستبدله بالزيروكسات.
أرى أن هذا الأخ إذا اتبع الإرشادات السابقة وتناول الدواء فسوف يختفي الرهاب والعزلة تماماً، وسوف يجد أنه أصبح أكثر انسجاماً وتفاعلاً مع الآخرين، كما أن تفكيره سيكون أكثر إيجابية.
وبالله التوفيق.