الوسواس القهري أجهدني وأضعف قواي.. هل من علاج؟
2024-10-02 02:08:12 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
دكتور محمد عبد العليم، أنا شاب، عمري 34 عامًا، أعزب، أعاني من وساوس قهرية متعددة كالتحقق، والعد والنظافة، والاكتناز القهري، منذ المراهقة، وأهمها وأكثرها إلحاحاً منذ بضع سنوات، وإلى الآن، وفي أغلب الأوقات أني أتخيل دخول حشرات في الأنف من الوسادة، أو السرير، أو الأريكة، وصولاً إلى الدماغ.
أذهب إلى المغسلة للاستنشاق والاستنثار قبل النوم بساعة تقريباً، في محاولة لإخراج الحشرة الافتراضية، أو أتخيل وضع مفرقعات في الأنف من قبل الأصدقاء وأنا نائم، وأترقب فرقعتها وتأثيرها على الدماغ والعيون، خصوصاً قبل النوم.
أخاف من عدم النوم، مع التحقق يومياً من الأحلام فور الاستيقاظ؛ للتأكد من أنني قد نمت، ويأتي الوسواس في حال عدم تذكر الأحلام؛ مما يسبب لي ذعراً طوال النهار.
أيضاً لدي وسواس بشأن الأشياء المتحركة في الشوارع من أعمدة وأشجار، ومبان وسيارات أثناء قيادة السيارة، مع العلم بأنها وساوس وغير حقيقية، لكنها ملحة ومزعجة، وتزداد الوساوس في وقت النوم، قبل الدخول في النوم العميق.
ذهبت إلى طبيبين نفسيين، وكان التشخيص هو الوسواس القهري، اقتصر العلاج على تجربة أغلب مضادات الاكتئاب من نوع SSRIs مع جرعة صغيرة من مضاد ذهان مثل: زيبراكسا، أو ريسبيريدون (الذي يسبب القلق)، وبعدها الانافرانيل، مع كثير من الأعراض الجانبية، وذلك في فترات متباعدة، لتجريب الدواء قبل تغييره، لكن لم ينفع أي علاج.
لاحظت زيادة القلق أحياناً مع بعض مضادات الاكتئاب، مثل: أسيتالوبرام، أو سيتالوبرام، أو زيروكسات، أو انخفاض القلق قليلاً مع بعضها مثل: بروزاك، أو زولفت، أو فافرين، ولكن لم يكن هناك تأثير على الوسواس أبداً في جميعهم.
أرجو تشخيصكم، ورأيكم في حالتي، وطرق العلاج، لأنني قد كرهت الحياة بسبب الشخصية المهتزة، والقلق، والوسواس صباحاً، والأرق والهلع ليلاً، مع ملاحظة أنني بطبيعتي لا أخاف من شيء، لكن الوسواس القهري أجهدني وأضعف قواي، والله المستعان.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكر لك الثقة في إسلام ويب، وقد تدارست استشارتك بدقة، ومن الملاحظ أنه بالفعل لديك وساوس قهرية؛ لكنها تعتبر وساوس ذات طابع خاص، وهنالك استحواذ كبير وشديد، وهذه الأفكار الاستحواذية تجعلك في بعض الأحيان تستجيب لها، من خلال البحث في الفكرة للتحقق منها، فمثلًا تخيلك لدخول حشرات في الأنف، وتذهب للمغسلة وتستنشق وتستنثر قريب الساعة قبل النوم، هذا فعل وسواسي، ربما يكون قد وصل لمرحلة من مراحل الذهانية الخفيفة، وبقية الأفكار أيضًا -أخي الكريم- تقريبًا هي على نفس هذه الشاكلة.
هو وسواس قهري، لكنه أوشك أن يتدحرج نحو الاضطرابات الذهانية، وهذا يحدث في بعض حالات الوسواس، وإن كانت نادرة؛ هذه هي وجهة نظري يا أخي.
وبالفعل هذا النوع من الوسواس لا يستجيب بصورة جيدة للأدوية من نوع ssris، نعم هي مفيدة، لكن لا بد أن تدعمها بمضادات الذهان، وأفضل دواء ينتمي لمجموعة مضادات الذهان، ويفيد في هذه الحالات هو عقار إيريببرزول، فأنا من وجهة نظري أرى أن الإيريببرازول بجرعة تصل حتى 15، أو 20 ملجم في اليوم، يضاف إليه عقار سيرترلين بجرعة تصل حتى 200 مليجرام في اليوم، سيكون هو الخيار الأفضل، ويجب أن تأخذ تجربة علاجية حقيقية وتصبر عليها.
أعتقد أن هذين الدواءين هما الأنسب لحالتك، وإن شاء الله تعالى تجني فوائد علاجية كبيرة منهما، لكن لا بد من أن تكون الجرعة للحد الأعلى بالنسبة للزولفت أو السيرترالين على وجه الخصوص، كما أن جرعة الإيريببرازول يجب أن يكون لها الفعالية ضد الذهانية.
أخي الكريم: يا حبذا لو كانت هنالك مراجعات طبية مباشرة مع طبيبك النفسي، وأرجو أن تقدم له المقترحات هذه، وأنا متأكد أن الطبيب سوف يقبلها، وربما يضيف إليها، وهذه كلها إن شاء الله فيها منفعتك، طبعًا بجانب العلاج الدوائي هنالك العلاجات السلوكية، يجب أن لا تستجب لهذه الأفكار، يجب أن تحقرها، ويجب أن تصرف الانتباه عنها تمامًا، هذا مهم جدًا، صرف الانتباه، التحقير، التنفير، أدوات علاجية ممتازة ومفيدة.
الطبيب لعله قد حولك إلى أخصائي النفسي، من أجل هذه الجلسات العلاجية، وبصفة عامة: حسن إدارة الوقت، وتجنب الفراغ أيضًا من الأشياء المطلوبة في علاج هذه الحالة، وكذا تطبيق تمارين الاسترخاء بدقة، والمثابرة أيضًا تفيد في ذلك؛ فتمارين الاسترخاء هي من أفضل وسائل علاج القلق، بجانب الأدوية التي وصفناها لك.
إن شاء الله تعالى ترجع لك قواك وطاقاتك، بعد أن يعالج هذا النوع من الوسواس بصورة صحيحة، وكما أوردت لك في هذه الاستشارة.
بارك الله فيكم، وجزاك الله خيرًا.. وبالله التوفيق والسداد.