رفضت الخاطب لعدم انجذابي إليه ثم ندمت، فماذا أفعل؟
2024-09-25 23:23:45 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تقدم لي شاب طيب، وله صلة بأهلي، ولديه قدرة مالية جيدة، وأهله طيبون، وقد جلست معه مرتين، وتحدثنا، وكان يلبي طلباتي، ولكن لا أشعر بانجذاب له، ولا أقبل الكلام الطيب منه، أسمعه كأني لا أسمع شيئًا، وكأنه كلام عادي، لذلك رفضته، والآن أشعر بالذنب الشديد، وأنه لن تأتيني فرصة جيدة أخرى، كما أن أبي أصبح حزينًا بسببي؛ لأنه يريد الاطمئنان علي بعد وفاة أمي، ولكن بعد ذلك قال لي هذا اختيارك.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -أختي الفاضلة- في استشارات إسلام ويب.
أختي الكريمة: إن الشعور بالذنب، والندم الذي تمرين به ينشأ عن الصراع بين أمرين:
الأول: هو الرغبة في الزواج من شخص يحقق طموحاتك، ويشعرك بالاطمئنان.
والثاني: هو عدم تحقق ذلك مع هذا الشاب.
كذلك الخوف من الضغوطات الأخرى: كحرص والدك، ورغبتك في عدم تفويت الفرص، ولا شك أن هذه الوضعية تساهم في الشعور بالذنب والضغط النفسي، لذلك نقدم لك بعض النصائح، ونسأل الله أن تنتفعي بها:
أولاً: حاولي فهم سبب عدم قبولك لهذا الشاب، وقومي بتدوين أفكارك، والهواجس التي تشغل بالك على ورقة، وناقشيها مع نفسك، والهدف من هذا الفعل هو تحويل الأفكار من مجرد أوهام وهواجس، إلى واقع يمكن مناقشته بحكمة وهدوء، ثم اتخاذ القرارات الصحيحة.
ثانياً: يجب أن تحققي التوازن؛ فقد يكون سبب الرفض ناتجاً عن الاندفاع، أو الخجل، أو المبالغة في التركيز على بعض الجوانب السلبية، مما يجعلك تتجاهلين الإيجابيات العديدة، هذا الأمر يفقدك الموضوعية في اتخاذ القرار الصحيح، تذكري أن الرؤية الأولى لا تعني كل شيء، بل يجب معرفة شخصية الشاب، وطريقة تعامله مع المواقف لفهم شخصيته، لذلك من أهم مقاصد فترة الخِطبة إعطاء الفرصة لكل طرف أن يعرف الآخر بشكل أفضل، ضمن إطار الحدود الشرعية، وكل هذا قبل اتخاذ قرار الزواج، وهذه الفترة ليست ملزمة لأي طرف تجاه الطرف الآخر، وهذا يمنع الاستعجال أو الاندفاع في قرار الرفض دون قناعة تامة.
ثالثاً: الارتياح القلبي، والميول النفسية مهمان لاستقرار الحياة الزوجية، ولكن ينبغي أن يكون هذا الارتياح مبنيًا على أسس صحيحة لضمان الاستقرار الأسري في المستقبل؛ فكثيرًا ما يكون الانطباع الأولي سببًا للرفض، أو سببًا لتكوين حاجز نفسي وهمي، وذلك بسبب الاعتماد على مؤشرات بسيطة ظاهرية، مثل: الشكل أو أسلوب الكلام أو التعامل المبدئي، أو بعض العبارات التي قد تفهم خطأً، أو في غير سياقها، وهكذا، لكن ما يحدد الميول الحقيقية هو تعامل الواقع: كالدين، والأخلاق، وحسن التعامل، ثم معرفة هذه الجوانب من خلال سؤال المقربين ممن يعرف الشاب، وأخلاقه، ودينه، وتعامله لفترة تكفي لتعطي انطباعاً شبه كامل عن أهم أساسيات استقرار العلاقة الزوجية، وهذا يعني أن كل التفاصيل الدقيقة البسيطة لا بد أن لا تكون عائقًا، أو سببًا للرفض، مع وجود جوانب إيجابية كبيرة.
أخيرًا: يجب أن تأخذي رغبة والدك بعين الاعتبار؛ فهو أحرص الناس على سعادتك، وخاصةً مع موافقته على هذا الشاب، وكون هذا الشاب حسن الأخلاق، ويمتلك القدرة المالية للزواج، وفي نفس الوقت لا تنسي أهمية راحتك النفسية، واستقرارك، لذلك من حكمة والدك أن ترك لك الخيار، وهذا يعكس مدى ثقته بك، وكونك فتاةً ناضجةً في قراراتك، وغير مندفعةً بعواطفك، لذا من الضروري تحقيق التوازن بين كل هذه الأمور، ولا يتحقق ذلك إلا بالتأني والصبر، ودراسة الموضوع من كل النواحي، مع الموازنة بين الإيجابيات والسلبيات، والتفكير بموضوعية بعيداً عن الوهم.
يجب أن تؤمني من صميم قلبك بقضاء الله وقدره، وأن المستقبل غيب، والغيب لا يعلمه إلا الله، كما يقول الله تعالى: "وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم، والله يعلم وأنتم لا تعلمون"، ولكن هذا لا يعني أن تتخلي عن التخطيط والبحث عن أسباب استقرارك النفسي، وحياتك الزوجية، لذلك من الضروري تحقيق التوازن والهدوء قبل اتخاذ القرار؛ حتى لا يحدث الندم بعده؛ فالإقدام على القرارات المصيرية بشكل مستعجل، ودون دراسة، يتسبب بالندم والحسرة، وليكن هذا درسًا لك في اتخاذ القرارات المستقبلية.
أكثري من الاستخارة، والدعاء، والتضرع إلى الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح، واجتهدي في تعزيز علاقتك بالله من خلال الإكثار من ذكره، والنوافل، والانشغال بكل ما هو مفيد لك؛ فذلك يساعدك بشكل كبير على الخروج من دائرة التوتر، ويساعدك على التفكير بموضوعية واتزان، تذكري أن الحياة مليئة بالتغيرات، وما يبدو كفرصة ضائعة قد يكون بدايةً لفرص أفضل في المستقبل -بإذن الله تعالى-.
وفقك الله ويسر أمرك.