دعوت الله كثيرًا بأن يجعل شخصًا من نصيبي ولم يحدث، فما السبب؟
2024-10-03 00:02:30 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أنا فتاة بعمر 19 سنة، عندي كثير من الأسئلة بخصوص الدين، أرجو أن تفيدوني في أقرب وقت، وجزاكم الله كل خير.
هل الله يضيع إيمان عبده به؟ أنا أدعو الله بأمر، وهذا الأمر يتعسر، وكنت أرى أن هذا العُسر في أمري ما بعده إلا اليُسر، وفي القرآن الكريم، قال: (فإن مع العسر يسراً) وكنت أقول لنفسي: إن الله يمتحن صبري، ومدى إيماني به، وأدعوه أكثر.
هل الله يعلق قلب إنسان بأمر ليس له، ويزرع به كامل الإيمان واليقين بأنهُ سيستجيب ثمَ لا يستجيب له؟
أنا أحببت شخصاً، ودعوت الله أن يجمعني به في الحلال، دعوت الله وأنا خاشعة، وفي قيام الليل، ولكن أموري تعسرت، وأقول لنفسي: إن الأمور ستنفرج، إن الله يرى، وبعد الضيق فرج، وكان عندي يقين تام أني بدعائي سيستجيب الله لي، ولكنه لم يستجب لي، والإنسان الذي أحببته خطب فتاة أخرى!
ُصُدمت كثيراً، لقد كان عندي يقين تام بأن الله استجاب لي، ويهيئ الأسباب، إن الله عند ظن عبده به، وأنا أظن في الله خيراً كثيراً، ولكنه لم يستجب لي! لا أحب أن يضعف إيماني بالله، ولا أجد تفسيراً لما حدث، فأرجو أن تفيدوني، وبأقرب وقت.
جزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.
أولًا: نسأل الله تعالى أن يُقدِّر لك الخير ويرضِّيك به.
ثانيًا: نود أن نهنئك -ابنتنا العزيزة- بتوفيق الله تعالى لك حين وفقك للتوجه لله تعالى ودعائه وسؤاله ما تتمنين، وترغبين به، فالدعاء عبادة عظيمة يحبها الله تعالى، ويُثيب عليها فاعلها، فالدعاء هو العبادة، وكما قال عليه الصلاة والسلام: (ليس شيءٌ أكرم على الله من الدعاء).
هو سبحانه وتعالى يُحب عبده حين يرفع إليه يديه ويسأله حاجته، فيُثيبهُ ويُحبّه ويُقرِّبه، ويستجيب لدعائه، ولكن هذه الاستجابة لا تعني بالضرورة أن يُعطيه نفس الشيء الذي طلبه وسأله، فالله تعالى رحيم بنا، وهو أرحم بنا من أنفسنا، ومن آبائنا وأمهاتنا، قال الله تعالى: في كتابه العزيز: (يُوصيكم الله في أولادكم)، هذا الإله الكريم سبحانه وتعالى يُوصِّي الوالدين بالولد، يُوصِّي بنا آباءنا وأمهاتنا، أي أنه أرحم بنا من أمهاتنا، وأشفق علينا، وأحنَّ علينا، لهذا يُعاملنا سبحانه وتعالى باللطف، واللطف معناه: إيصال الخير بالطرق الخفية.
يعاملنا سبحانه وتعالى بالكرم والتودد، فإنه رحيم ودود، ولكنه سبحانه وتعالى يعلم أشياء لا نعلمها نحن، ومن ثم فإنه يستجيب لعبده الذي يدعوه بصدقٍ واضطرارٍ وإخلاصٍ، ولكن يستجيب له بالشكل الذي ينفعه ويصلح له، ولهذا أخبرنا رسولنا الكريم ﷺ أن الله تعالى يُعطي الإنسان الداعي واحدة من ثلاث:
- إمَّا أن يُعطيه نفس الشيء الذي سأله.
- وإمَّا أن يدفع عنه من الأقدار المكروهة والمصائب بمثل هذه الدعوة التي دعا بها، فتكون المصيبة نازلة في الطريق إليه فيصعد دعاؤه؛ فيدفع عن نفسه هذه المصيبة بذلك الدعاء.
- وإمَّا أن يدَّخر له ثواب هذا الدعاء ليلقاه يوم القيامة، فإذا رأى ثواب الدعاء يوم القيامة يتمنَّى أن الله تعالى لم يستجب له شيئًا من دعائه في الدنيا، وأن الدعاء كله كان مُدخرًا ليوم القيامة، لما يرى من عظيم الثواب.
الله تعالى إذًا يستجيب، ولكنه يُعطيك -أيها الإنسان الداعي- ما هو صالح لك، وكثيرًا ما رأينا في حياتنا أننا نستعجل أشياء ونحرص عليها ونتمنى حصولها، ثم يتبيَّن لنا بعد ذلك أن الخير ليس فيها، ولذلك قال لنا سبحانه في كتابه الكريم: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) فالله تعالى يعلم المستقبل ويعلم الغيب.
أنت الآن لو علمت مستقبل الزواج بهذا الشاب، وربما كان مشتملًا على بعض المصائب والأخطار، دفعها الله تعالى عنك، لو علمت هذا لهان عليك الأمر، وسَهُلَ عليك تقبله، ولكنك لا تعلمين، ولهذا تشعرين بضيق النفس والضجر، ففوضي أمورك إلى الله تعالى، وأحسني ظنك بالله، وأنه سبحانه وتعالى لا يصنع بك إلَّا ما هو خير.
ينبغي أن تُوجهي اجتهادك وطاقتك نحو الشيء الذي ينفعك عند الله تعالى، فهذا هو شأن الإنسان المؤمن، كما قال النبي ﷺ: (احرص على ما ينفعك) والذي ينفعك حقيقة هو التقرب إلى الله تعالى بأداء الطاعات الواجبة، واجتناب المحرمات، ثم بعد ذلك كوني على يقين من أنه سبحانه وتعالى سيختار لك الخير.
أكثري من الدعاء مع تفويض الأمور إلى الله، ادْعِي الله تعالى وأنت موقنة أنه يستجيب لك، ولكن على هذا التفصيل الذي ذكرناه لك.
أختنا الفاضلة: ظُنِّي بالله خيرًا، وأنت قد ذكرت أن الله تعالى يقول في الحديث: (أنا عند ظن عبدي بي)، فكوني على ثقة من أن الله سبحانه وتعالى لا يُعجزه شيء، وأنه عليمٌ قدير، فقد قال: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا)، واعلمي أن الله لا ينقص من ملكه شيء، وقد قال في الحديث القدسي: (يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ).
الله تعالى واسع العطاء، كريم، لا يُعجزه شيء، فاسألي ربك الخير، وأن يُقدِّر لك الخير حيث كان، وستجدين الرضا والسعادة.
نسأل الله تعالى أن يقضي لك كل حاجة، وأن يدفع عنك كل مكروه، وأن يرزقك الزوج الصالح، وأن يسهل لك أمورك، ويكتب لك سعادة الدنيا والآخرة.