أشك بأنني محسود من أحد أقاربي.. فماذا أفعل؟

2024-09-19 01:55:40 | إسلام ويب

السؤال:
أنا طالب جامعي، ومتخرج بتفوق، لي (قريب) دائمًا نفسه تضيق من عموم الناس، لكن إذا جئت عنده انشرح، وآخذ في الكلام بأي شيء، ولدى هذا القريب ابن يصفه بأنه إنسان فاشل جدًا دراسيًا، ويتعبه، ودائمًا يقارنني به -هداه الله-.

صار لي فترة منطوٍ عن الناس، وصرت أصدر أصوات نحنحة حادة، وثقيلة، كأنها صوت وحش في كلامي، ولم أعد أفهم البشر بتفاعلهم وكلامهم، ويصعب علي الكلام مع الناس، والعبادات صارت أثقل من الجبل بالنسبة لي، وبسبب هذه الأعراض انقطعت عن الناس ما عدا أهلي، وصرت آكل بشراهة.

ذهبت إلى راقٍ، وفعلاً استنفعت، وصرت أصرخ عنده، أو الذي يشاركني جسدي يصرخ، واعترف لي أنه قادم بواسطة حسد من (القريب) المذكور، وخرج أكثر من مرة ورجع لي بعدها.

أرجوكم ساعدوني، تأتيني دائمًا أفكار بالانتحار، الشباب بعمري ينشغلون برفاهيات الدنيا، وأنا مشغول بعافيتي، وأهلي يحتاجون أن أقوم لهم بمسؤوليات، وأنا لا أستطيع بسبب المرض، وأهلي ليس لهم في هذه الأمور.

تركيزي ضعيف بسبب هذه الأعراض، أريد علاجًا، جزاكم الله خيرًا، وشكرًا.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الهادي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان.

ما تحدثت عنه أمر ميسور بأمر الله، فلا تقلق، واعلم أن علاج الحسد والوقاية منه بعد ذلك أمر متيسر، فانتبه -أخي- لما نقوله لك:

1- من المقطوع به أنه لا يقع في مُلك الله إلا ما يريد الله عز وجل، وكل شيء بتقديره، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن. قال تعالى:(إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) والمؤمن يعتقد ذلك ويؤمن به في إطار قول الله تعالى: (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)؛ لذا أول ما نوصيك به أن تجمع قلبك على دينك، وأن تثق أن الأمور بيد الله عز وجل، وأن الله قادر على كل شيء، فاستعن بالله أولاً ولا تعجز.

2- نؤكد كذلك أن العين حق، ولها تأثير عام، وتقع بإذن الله تعالى، وقد دل على ذلك القرآن والسنة، فمن القرآن ما قاله الله على لسان يعقوب عليه السلام: (وَقَالَ يَا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ) والحكمة في ذلك كما قال أهل العلم: خوفًا عليهم من العين.

وكذلك قول الله: (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ).

وأما السنة فما روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا) رواه مسلم.

3- بخصوص ادعاء الجن لك بأن هذا الشاب هو من حسدك، فاعلم -بارك الله فيك- أن الأصل في الجن الكذب؛ لذا لا يجب حمل كلامه على الجادة والصدق، وهو -أي الجني- يتعمد من هذه الأقوال المرسلة إيغار الصدور والتفريق بين الناس، ونشر العداوة بينهم فانتبه.

أمر آخر: لا يشترط أن يكون الحاسد عدوًا، أو مريدًا للشر، بل قد يحسد الإنسان من يحبه بجهل، وعليه، فلا يحملك ذلك على أخذ موقف من الشاب.

وننصحك إذا شككت أنه من حسدك؛ فإن كان متفهمًا حديثك، فاطلب منه أن يغتسل، ثم صب هذا الماء عليك، وصفة الاغتسال قد وقعت كما قال ابن حجر في حديث سهل بن حنيف عند أحمد والنسائي، وصححه ابن حبان من طريق الزهري، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أن أباه حدثه: (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج وساروا معه نحو ماء حتى كانوا بشعب الخرار من الجحفة اغتسل سهل بن حنيف، وكان أبيض حسن الجسم والجلد، فنظر إليه عامر بن ربيعة، فقال ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة، فلُبِطَ أي -صُرِع- وزناً ومعنىً سهل، فأتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: هل تتهمون به من أحد قالوا: عامر بن ربيعة، فدعا عامرًا، فتغيظ عليه، فقال: علام يقتل أحدكم أخاه، هلّا إذا رأيت ما يعجبك برّكت، ثم قال: "اغتسل له"، فغسل وجهه، ويديه، ومرفقيه، وركبتيه، وأطراف رجليه، وداخلة إزاره في قدح، ثم صب ذلك الماء عليه رجل من خلفه على رأسه، وظهره، ثم يكفأ القدح، ففعل به ذلك، فراح سهل مع الناس ليس به بأس).

أما إذا صعُب طلب ذلك منه، فيمكن بالحيلة، بأن تأخذ بقية ماء كان يشرب منه، أو فضل ماء غسل به، ثم يسكب عليك، فيكون فيه النفع بإذن الله.

4- نرجو أن تلتزم بالرقية الشرعية الثابتة بالكتاب والسنة، ففيها الشفاء والتحصين، وقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- الاسترقاء بـ "قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، وقال: لم يتعوذ الناس بمثلهن،" رواه مسلم.

وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ اشتكى قرأ على نفسه المعوذتين ونفث، متفق عليه. والنفث: النفخ. وقد تعوذ النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمعوذتين لمّا سحره اليهود، وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لمن رقى بالفاتحة "وما يدريك أنها رقية" رواه البخاري.

وعليه: فالرقية الشرعية من الكتاب والسنة، هي النافعة بإذن الله، ونحن ننصحك بما يلي:
أولاً: الرقية بهذه الآيات لكل البيت:
1. سورة الفاتحة.
2- آية الكرسي.
3- سورة الإخلاص.
4- المعوذتان.
5- الآيتان في نهاية سورة البقرة.

ثانياً: قراءة سورة البقرة كل ليلة في البيت، فإن لم تستطع فعلى الأقل سماعها كل ليلة، المهم أن يكون ذلك كل ليلة، ولابد من الصبر والاستمرار -أخي الفاضل-.

ثالثًا: المحافظة على الأذكار والأوراد الثابتة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويمكنك الاستعانة بكتاب (حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنة).

رابعاً: الرقية على الماء، وصبها عليك، فهي نافعة بإذن الله تعالى.
وقد ذكر ابن القيم أثراً في ذلك عن أبي حاتم عن ليث بن أبي سليم قال: بلغني أن هؤلاء الآيات شفاء من السحر بإذن الله تقرأ في إناء فيه ماء، ثم يصب على رأس المسحور.
والآيات هي قوله تعالى: (فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين) [يونس81 ]، وقوله: (فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون) [الأعراف 118إلى120]، وقوله (إنما صنعوا كيدُ ساحرٍ ولا يفلحُ الساحرُ حيثُ أتى) [طه69].

وقد قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله حين سُأل عن ذلك: ثبت في سنن أبي داود أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ في ماء في إناء وصبه على المريض، وبهذا يعلم أن التداوي بالقراءة في الماء، وصبه على المريض ليس محذوراً، من جهة الشرع إذا كانت القراءة سليمة.

افعل ما قد مرّ ذكره، واصبر على ذلك، مع الدعاء والاجتهاد وسوف تجد الخير إن شاء الله تعالى.

نسأل الله أن يصرف عنك ما ألمّ بك، إنه جواد كريم، والله الموفق.

www.islamweb.net