أصلي لكني لم أستطع ترك المشاهد المحرمة!
2024-05-28 02:23:15 | إسلام ويب
السؤال:
أنا شاب غير متزوج، وكنت أشاهد الأفلام الإباحية، وتوقفت ثم رجعت، ثم توقفت، ثم رجعت، وهكذا كل مدة، ومع كل مرة أرجع فيها أشعر بعدها بضيقٍ وأني منافق، ولا يصح لي توبة؛ لأني أعرف أني سأقع فيها.
أحاول الزواج، ولكن لم يرزقني الله به حتى الآن والحمد لله، أنا أصلي والحمد لله، ولكني أخاف أن يكون عملي كالهباء المنثور.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب.
نسأل الله تعالى أن يعفّك بالحلال عن الحرام، وأن يُعجّل لك بالأرزاق الحسنة، وقد أحسنت - أيها الحبيب - حين قرّرت التوبة إلى الله تعالى، وترك هذا العمل القبيح، فإن الله تعالى سيسأل كل واحدٍ مِنَّا عن نعمه سبحانه وتعالى عليه، ومن هذه النِّعم نعمة البصر، فقال سبحانه وتعالى: {إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولًا}، وقال: {وسوف تُسألون}، و «اللهَ تعالى يَغَارُ، وَغَيْرَةُ اللهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ».
فارحم نفسك بترك هذا القبيح، فإنه لا يزيدُك إلَّا ضررًا، وقد صدق الشاعر حين قال:
وَكُنتَ مَتَى أَرْسَلتَ طَرفَكَ رَائِدًا ... لِقَلْبِكَ يَوْمًا أَتْعَبَتْكَ الْمَنَاظِر
رَأَيْتَ الذِي لَا كُلُّهُ أنتَ قَادِر ... عَلَيهِ وَلَا عَن بَعْضِهِ أَنتَ صَابِر
فما الفائدة من الاستمتاع بالنظر إلى هذه المشاهد المحرّمة وهي بعد ذلك تجلب لك أنواعًا من الحسرات والآهات والآلام؛ فترى ما لا تقدر على الوصول إليه بطريقٍ حلالٍ مباح، فيعود حالك إلى ما تشعر به أنت الآن من الضيق وضنك العيش؟!
فالخير كل الخير - أيها الحبيب - أن تعزم عزمة صادقة على ترك هذا السلوك، وأن تستعين بالأخذ بالأسباب التي تُعينك على تركه وهجره، ومن ذلك الرُّفقة الصالحة التي تُعينك على طاعة الله تعالى، فتُذكّرُك وقت النسيان، وتُنبّهك وقت الغفلة، وتُعينك وقت الضعف، فإذا ملأت برنامجك وحياتك بما فيه فائدة ونفع فإن ذلك سيسدُّ عليك كثيرًا من أبواب الشرور.
فحاول أن تتعرّف على الشباب الطيبين الصالحين، وتملأ برنامجك بالتواصل معهم فيما يُفيد وينفع، وأن تمارس التمارين الرياضية التي فيها إرهاق للجسد، واستنفاذ لقوته؛ بحيث إذا جئت إلى فراشك تجيءُ وأنت تريد النوم.
وأمَّا ما ذكرت بسبب العود إلى الذنب بعد التوبة منه؛ فإن هذه طبيعة ابن آدم، والله سبحانه وتعالى يعلم طبيعته، وهو الذي خلقه على هذه الطبيعة، ولذلك يغفر له كلَّما تاب توبة صادقة، والتوبة الصادقة التوبة التي تجمع أركانها، وأركانها ثلاثة:
- الندم على فعل الذنب.
- والعزم الصادق على عدم الرجوع إليه في المستقبل.
- مع الإقلاع عن الذنب في الوقت الحاضر.
فإذا فعل الإنسان هذه الأمور الثلاثة فإن الله تعالى يغفر له بهذه التوبة ذنبه السابق، ثم لو قُدّر عليه بعد هذا العزم الصادق على عدم الرجوع، لو قُدّر أنه رجع إلى الذنب مرة ثانية فالواجب عليه أيضًا أن يُجدد التوبة، وقد جاء في ذلك حديث عظيم عن النبي (ﷺ) رواه الإمام البخاري في صحيحه أن النبي (ﷺ) قال: «إِنَّ عَبْدًا أَصَابَ ذَنْبًا، وَرُبَّمَا قَالَ: أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَقَالَ رَبِّ أَذْنَبْتُ - أَوْ أَصَبْتُ ذَنبًا - فَاغْفِرْ لِي، فَقَالَ رَبُّهُ: أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ أَصَابَ ذَنْبًا - أَوْ أَذْنَبَ ذَنْبًا - فَقَالَ: رَبِّ أَذْنَبْتُ أَوْ أَصَبْتُ آخَرَ فَاغْفِرْهُ؟ فَقَالَ الله: أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي» وهكذا إلى آخر الحديث.
فهذا الحديث يُبيّن فيه النبي (ﷺ) أن الله تعالى يغفر الذنب وإن تكرر من الإنسان الذنب، ما دام في كل مرة يتوب التوبة الصادقة.
لا تستهن بنظر الله تعالى إليك ومراقبته لك، ولا تجعله أهون الناظرين إليك، استح من الله سبحانه وتعالى كما تستحي من بني آدم أو أشد، وأنت بلا شك تستحي أن يراك أحد بني آدم وأنت في حالٍ ترى فيه هذه المنكرات والقبائح، فاستشعر اطلاع الله تعالى عليك، وأنه يراك، وأنك تحت مراقبته لك، فإذا تذكرت ذلك فإنه - بإذن الله تعالى - سيكون عونًا لك على ترك هذا الذنب.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعفّك بالحلال عن الحرام، وأن يجنّبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يُطهّر قلبك، ويحصّن فرجك، وأن يغفر ذنبك.