قسوة الأم على ولدها الصغير
2006-06-19 12:29:43 | إسلام ويب
السؤال:
ابني يبلغ من العمر 5 سنوات، وهو عصبي جداً؛ فأنا قاسية معه، ولا أعرف كيف أتعامل معه؛ لأنه كثير البكاء. إنني أضربه ولكن بعدها أندم من كل قلبي، وأبكي بكاء مراً لأني أشعر بأني أظلمه، وأعلم أن الخطأ بي أنا وليس به.
وبصراحة، قيل لي أن السبب الأكيد هو أن أمك كانت تضربك، وفي الحقيقة أنا لا أذكر يوماً قد ضربتني فيه أمي، بل أنا لا أذكر أي شيء من طفولتي، سوى أني كنت أخاف أمي خوفاً أعمى! ولكن لا أتذكر أي لحظة من طفولتي، وأشعر أن هذا الجزء مفقود من حياتي.
أرشدوني: من ماذا أعاني؟ وكيف أتعامل مع ابني؟ هل أتخلى عنه حتى يعيش بأمان مع أبيه؟ أم أن هناك حلا؟ ونسيت أن أخبركم بأني دائماً أتخيل أنه ليس ابني! بل أنا بكل أفعاله وردود أفعاله وبكائه، أخاف حساب الله على ضربي وأذيتي النفسية له، أريد حلاً واعذروني على إطالة الحديث.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ صبا حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لا شك أن الضرب بمثل هذه المنهجية للطفل في هذا العمر هو أمر مرفوض بتاتاً، ولا نعتقد مطلقاً أنه من أساليب التربية الصحيحة، فهو يؤثر على الطفل لا محالة في ذلك، وفي ذات الوقت يشعرك أنت بالذنب، وأنك قد ارتكبت خطأ في حق ابنك؛ لأن حب الأطفال هو أمر جبلي وأمر غريزي، فإذا قمنا بما يخالفه -حتى وإن لم نقصد ذلك- سوف يؤدي إلى رواسب سلبية في أنفسنا.
كثير من الأمهات اللاتي يقمن بضرب الأطفال ضربا شديداً، هنَّ في الحقيقة لديهنَّ بعض المشاكل خاصة العصبية والتوتر الداخلي، أنا لا أقول قطعاً أنك أنت مريضة، ولكن هذا أمر لابد أن ينظر فيه.
الذي أنصح به هو أن تتحكمي في أعصابك، وعليك ألا تضربي الطفل مطلقاً، هذا أمر نرفضه تماماً ولا نقبله أبداً، ولا نعتقد أنه منهجاً تربوياً صحيحاً، ربما يحتاج الإنسان للضرب غير المبرح في بعض الأوقات، ويجب ألا يكون الضرب في ساعة الغضب أبداً، هذا أمر مرفوض وممنوع تماماً، وأرجو أن تبتعدي عنه مطلقاً.
والشيء الذي أود أن أطمئنك به، أن الطفل قبل عمر الخمس أو ست سنوات، مهما كانت الصعوبات التربوية فلن تؤثر عليه إن شاء الله سلباً، ولكن من هنا عليك أن تنظري للمستقبل وأن تغيري من منهجك التربوي.
أرجو أن تتحملي ما يقوم به الطفل، وأنا متأكد تماماً أن التجاهل لتصرفاته السلبية سوف يضعف هذه التصرفات، هذا أمر مؤكد في علم النفسي السلوكي، عليك أن تتجنبيه، عليك أن تتركيه، وإذا أخطأ خطأً كبيراً – على سبيل المثال- يمكن أن تحجزيه في الغرفة لمدة ربع ساعة أو 10 دقائق، ودعيه صرخ ودعيه يعمل ما يشاء، ولكنه لن يكرر الخطأ بعد ذلك، قومي بذلك مرة مرتين أو ثلاث؛ لأن في ذلك أمراً طيباً؛ سوف يفصل ما بينك وبينه، وفي نفس الوقت نعرف أن هذا أمراً سلوكياً تربوياً مهماً.
ولكن في ذات الوقت لابد أن يشجع الطفل على كل ما هو إيجابي، أي عمل إيجابي يقوم به الطفل حتى ولو كان صغيراً يجب أن يشجع، يجب أن يحفز، يجب أن تأخذيه إلى حضنك وتشعريه بالمودة والمحبة، هذا إن شاء الله سوف يقلل من سلوكه السلبي إن شاء الله تعالى.
ربما تكونين محتاجة لأن تقومي ببعض تمارين الاسترخاء لنفسك، ربما يكون تحملك قليلاً، وتمارين الاسترخاء مفيدة جدّاً لتزيل الغضب والتوتر الداخلي الذي يحدث لبعض الأمهات، وتوجد عدة أشرطة وكتيبات توضح كيفية القيام بهذه التمارين بالصورة الصحيحة، أو يمكنك أن تتعلميها عن طريق إحدى الأخصائيات النفسيات.
وهي في أبسط صورها: عليك الاستلقاء في مكان هادئ مع غمض العينين، والتأمل في أنك في وضع استرخائي – ويمكن للإنسان أيضاً أن يسمع شريطاً من القرآن الكريم بصوت منخفض، ويكون مسترخياً في هذه اللحظة – ثم بعد ذلك خذي نفساً عميقاً - وهذا هو الشهيق – ويجب أن يكون ببطء ولمدة لا تقل عن 45 ثانية، ثم بعد أن تملئي صدرك بالهواء إقبضي على الصدر لمدة خمس ثوان، ثم بعد ذلك تأتي عملية الزفير وهي إخراج الهواء، ويجب أن يكون بنفس طريقة الشهيق أي بنفس القوة والبطء، كرري هذا التمرين عدة مرات، أربع خمسة إلى ستة مرات في الجلسة الواحدة بمعدل مرتين أو ثلاثة، وإن شاء الله سيساعدك كثيراً في امتصاص الغضب والتوتر.
كما أنه لا بأس أن نصف لك أحد الأدوية الاسترخائية البسيطة التي إن شاء الله تزيل التوتر والعصبية من جانبك، هذا الدواء يعرف باسم موتيفال، أرجو أن تتناوليه بمعدل حبة واحدة في اليوم لمدة أسبوعين، ثم ارفعي الجرعة إلى حبة صباحاً ومساء لمدة شهرين، ثم خفضيها إلى حبة واحدة لمدة شهر أيضاً.
هذا الدواء إن شاء الله هو بسيط جدّاً ولا يحمل أي آثار جانبية ضارة، ويعرف أنه يؤدي إلى الاسترخاء ويزيل العصبية ويحسن المزاج، هذا إن شاء الله سوف يساعدك في كيفية التعامل مع اضطرابات المسلك البسيطة التي يعاني منها طفلك.
وأخيراً أقول لك: لا للضرب، لا للضرب، وتذكري أن الذرية من نعم الله العظمى التي يجب أن نحافظ عليها، وجزاك الله خيراً.
وبالله التوفيق.