أمي كثيرة الشكوى، فكيف أنال برها ورضاها؟

2023-12-10 22:18:33 | إسلام ويب

السؤال:

السلام عليكم.

أنا متزوج، ولدي أسرة مكونة من زوجة وأبناء، وأعمل موظفًا، ولدي راتب ثابت، ووالدتي تعيش معنا في نفس البيت، ولها معاش جيد، ولكنها تفرض علينا أن ننزل لها الطعام كل يوم، وهذا يضرني؛ بسبب كثرة التعليقات منها، فهي تشتكي من الأكل كل يوم بأنها لم تحب ذلك الطعام، وأن زوجتي لا تعرف كيف تطبخ، أو أن الأكل قليل، ولا يمر يوم دون تعليق، وهي تدفع لي مبلغًا حوالي 200 جنيه، وأقسم بأني لا أريدهم، فماذا أفعل؟

وشكرًا لكم.

---

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ كريم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك في موقعك إسلام ويب، وبعد:

ماذا يعني أنك تنزل الطعام لها؟ وهل تأكل الوالدة وحدها؟ إننا نربأ بك أن تكون قد وقعت ابتداءً في هذا العقوق الفج، وإنا لنرجو الله أن يكون فهمنا خاطئًا.

نعود إلى سؤالك:
والدتك -حفظها الله تعالى- التي حملتك في بطنها وهنًا على وهن، وعانت أشد المعاناة في ولادتك، ورعتك صغيرًا، ومسحت عنك الأذى وهي تبتسم، وحرمت نفسها لتسعدك، وضحت بوقتها لأجلك، ما جنايتها -أخي الكريم-؟

جنايتها أنها تبوح ببعض الكلمات لك؟ جنايتها أنها تتحدث إليك؟ أنها تشكو همها لك؟ أنها تنتقص من زوجتك، أو طعامها، أو حتى حياتك كلها؟ هل تلك جنايتها التي أضرتك، وأثقلت كاهلك، وشعرت أنك متألم، وتريد حلاً لمشكلتك؟!

دعنا قبل أن نجيبك أن نحكي لك قصة شاب عربي في مثل عمرك، أو يزيد قليلاً.

هذا الشاب دخل مع امرأة كبيرة في السن على طبيبة، فرأت الطبيبة أن الشاب يتدلل إلى المرأة تدللاً عجيبًا، وهي تضربه بقسوة، وتسبه بغلظة، وتحاول أن تهرب منه، لكن لكبر سنها لا تعرف، لاحظت الطبيبة أن الشاب يتقبل كل تلك اللكمات القاسية، والكلمات الجارحة بابتسامة هادئة.

انفردت الطبيبة بالشاب، وسألته عنها فقال: هذه أمي، وقد أصابها الجنون، وأنا في التاسعة من عمري، وأنا من يومها أراعيها وأخدمها.

قالت: لكنها تضربك، وتسبك أمام الناس؟
قال: أسد دينها علي ولا أستطيع؟
قالت: هي لا تعرفك أصلاً؟
قال: ولكني أعرفها جيدًا، وأعرف أنها أمي.
قالت فأين زوجتك؟
قال: خشيت أن أتزوج فلا تتحملها زوجتي، أو تسيئ إليها، فقررت أن أعيش لها.

ما مضى قصة حقيقية لشاب عرف معنى الأم، وعلة فضلها، وعلم أن أمه جنته وناره، فتحمل كل شيء لأجل أن يبرها، ويرضيها.

أخي الكريم: إن ما فعلته عقوق بين؛ فأمك اليوم معك وغدًا عنك راحلة، وساعة رحيلها -والله- لن تكون الدنيا كما عرفتها، ولا كما عهدتها، فأحسن استغلال وقتك معها، لا تتركها وحيدةً، ولا تتركها بدون حديث، ولتفعل ما شاءت بك أن تفعل التماسًا لبرها، وطلبًا لمرضاة ربك؛ فالبر دين، كما أن العقوق دين، ويومًا ما سيرد هذا إليك خيره أو شره، فاتق الله -أخي-، واحرص على آخرتك.

ونرجو أن تغفر لنا قسوة كلامنا؛ فالله يعلم أنا ما أردنا إلا الخير لك.

حفظ الله والدتك، وبارك الله لك فيها، وأصلح الله قلوبنا، ورحم الله أمهاتنا، والله الموفق.