محتارة بين تخصصي كمدرسة ومحاولة دخول الطب!
2023-10-08 00:35:48 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اجتزت الامتحان التوجيهي العام الماضي، ومعدلي لم يؤهلني لدراسة تخصص الطب البشري الذي رغبت به طول حياتي، فبعد الاستخارة والاستشارة قررت أن أكون مدرسةً، وتم قبولي في ذلك التخصص، ودرست فيه، وفي نفس الوقت أعدت امتحان التوجيهي مرةً أخرى؛ رغبةً في دخول الطب البشري، لكن لم أوفق هذه المرة أيضًا، ولم يتم قبولي.
الآن أنا محتارة، هل أحاول مجدداً، أم أرضى بما توصلت إليه نتيجة الاستخارة، خصوصاً أنه بعد استخارتي أصبحت خائفةً ومترددةً من قراري؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لينة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك –ابنتنا العزيزة– في استشارات إسلام ويب، نسأل الله أن يُقدر لك الخير حيث كان، ويختار لك أرشد الأمور وأحسنها.
وقد أصبت –أيتها البنت الكريمة– حين لجأت إلى الله سبحانه وتعالى، واستخرته، وشاورت المخلوقين، فـ(مَا خَابَ مَنِ اسْتَخَارَ، وَلَا نَدِمَ مَنِ اسْتَشَارَ)، وقد حرص النبي ﷺ على تعليمنا دعاء الاستخارة، وكان يُعلِّم الصحابة دعاء الاستخارة، ويُحفظهم إيَّاه كما يُحفّظهم السورة من القرآن، كما ورد بذلك الحديث.
والاستخارة معناها أن تطلبي من الله تعالى أن يختار لك خير الأمرين، وهذا لا يُنافي الأخذ بالأسباب المباحة الممكنة لما يراه الإنسان نافعًا له، وقد قال النبي ﷺ: (احرص على ما ينفعك).
وبخصوص إعادة المحاولة للتأهُّل لدخول الطب من عدم ذلك: هذا أمرٌ راجع إلى الظروف والأحوال والملابسات التي تُحيط بك، ومدى إمكانية أن تُحققي النتيجة المطلوبة، فإذا كانت هناك احتمالات بأن تجدي النتيجة المرضية المطلوبة؛ فننصحك بإعادة المحاولة مجددًا، فإنه فيها أولاً: أخذ بالسبب، ثم فيها قطع لأي مظاهر اللوم النفسي، فإذا كررت هذه المحاولة، فحينها سينقطع عنك بعد ذلك لوم النفس من أن تكوني قصّرت ولم تأخذي بالأسباب.
والأسباب المباحة جزءٌ من قدر الله سبحانه وتعالى، فإن الله تعالى يُقدّرُ الأشياء بأسبابها، فينبغي لنا الاجتهاد في أخذ الأسباب ما أمكن، ثم نفوض الأمور إلى الله تعالى بعد ذلك.
أمَّا إذا كانت الاحتمالات تُنبؤ بأنك لن تصلي إلى النتيجة المطلوبة، فالخير لك أن تستغلّي الوقت، وأن تُبادري إلى استغلال الفرص الممكنة، وأن تعلمي بأن الله سبحانه وتعالى أرحم بك من نفسك، وأعلم بما يُصلحك، فما وهبك إيَّاه من القدرات والطاقات، وأهّلك لمجالٍ مُعيّنٍ؛ إلَّا لأنه يعلم سبحانه وتعالى أن ذلك هو الخير لك، فكوني مطمئنةً، راضية النفس بما يقضيه الله تعالى ويُقدّره ويختاره، وقد أخبرنا الله في كتابه أننا قد نُحبُّ شيئًا ونحرصُ عليه، ويعلمُ الله تعالى أن الخير في خلافه، فقال سبحانه وتعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } [البقرة: 216].
فما يُدريك أن دراسة الطب هي الخير لك؟! فربما كان الخير في خلافه، والله تعالى قد علم ذلك، فهو يسوقك إلى ذلك القدر، فكوني مطمئنةً إلى حُسن تدبير الله تعالى وتصريفه، وأحسني ظنَّك بالله بأنه يُقدّر لك الخير، فقد قال الله في الحديث القدسي: (أنا عند ظنّ عبدي بي).
نسأل الله تعالى أن يُقدّر لك الخير حيث كان ويُرضّيك به.