رغم توبتي من العقوق ومسامحة أمي لي إلا أنني خائفة!
2023-09-14 03:46:19 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا متزوجة منذ سنتين، وأحتاج لإرشادكم، فأنا خائفة جداً من عذاب الله؛ لأنني منذ الصغر كنت عاصية لأمي جداً، حتى تزوجت وتبت إلى الله وندمت كثيراً، وقد سامحتني، ولكنها قالت لي كلمة قبل توبتي ما زالت في ذهني إلى الآن! بعد أن أغضبتها وأبكيتها، قالت لي: لا أعرف كيف يمكن أن تجدي السعادة في حياتك! وإلى الآن ما زالت تلك الكلمات عالقة في ذهني، حتى بعد توبتي ومسامحتها لي.
وفعلاً! لم أرتح في الزواج، وقد تزوجت من رجل أكرهه، وهو صاحب دين وخلق ويحبني، وأمي هي التي أرغمتني، ووافقت على هذا الزواج، وفشلت في دراستي، وفي كل مرة أجاهد نفسي على التقوى، ولكني يائسة! وقلت لنفسي: أنا فشلت في بر والدتي، والآن أنا فاشلة في إرضاء زوجي!
أعامله معاملة جيدة لكي لا أظلمه وأعطيه حقه، ولكن بدون حب، وهو يشعر بأني لا أحبه، وقلت له أيضاً بأنني لا أحبه، ورغم ذلك قال لي: أنا لن أتخلى عنك أبداً، وقلت لنفسي: أنت فشلت في بر والدتك، والآن فاشلة في بر زوجك -لأن قلبي لا يحبه ولهذا أعامله ببرود-، كيف تدخلين الجنة؟ سلعة الله غالية، وأعمالنا قليلة، ورغم ذلك أحاول جاهدة أن أبقى في طريق الله.
عمري 24 سنة، وأريد أن أكون طبيبة، وهذا حلمي منذ أن كنت في المرحلة الثانوية، لكني أقول لنفسي: أنت كبرت في السن، وفاشلة كذلك، علماً أني كنت طالبة متفوقة جداً، ولكني أصبت بالكسل، ولا أستطيع فعل أي شيء، حتى الأعمال المنزلية، همومي كثيرة! فهل ما أعانيه بسبب دعوة أمي، أم بسبب الذنوب؟
أفيدوني، جزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زاهدة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والصراحة والوضوح في عرض السؤال، ونسأل الله أن يهديك لأحسن الأخلاق والأعمال، وأن يُعينك على بر الوالدة والإحسان إلى الزوج، وأن يُلهمك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.
لا شك أن عقوق الوالدة من الأمور الخطيرة، لكن بحمد الله الوالدة سامحتك، وأنتِ تبت إلى الله تبارك وتعالى، والتوبة تجُبُّ ما قبلها، والتائبة من الذنب كمن لا ذنب لها، ونبشّرك بأن باب البر لا يمكن أن يُغلق، فاجتهدي الآن في برِّ الوالدة وإرضائها والإحسان إليها، ومن رحمة الله بنا أنه حتى بعد موت الوالد أو الوالدة لا ينقطع البر، لأنه يستمر بالدعاء لهما، والإنسان قد يعيش بدايات حياته عاقًّاً، ثم يتحوّل إلى بارٍّ بوالديه، بفضل كثرة الدعاء لهما، والاستغفار لهما، والحرص على بِرِّهما إذا كانا أحياء.
فلا تشغلي نفسك بالكلمات التي قالتها الوالدة في لحظة غضب، وإذا كانت -ولله الحمد- على تواصل معك، فاطلبي منها أن تدعو لك بالتوفيق، فإن دعوتها أقربُ إلى الإجابة -بحول الله وقوته-.
واجتهدي دائمًا في أن تقومي بحق الزوج، وسعدنا أنك رغم الكره الذي يظهر عندك والنفور منه؛ إلَّا أنك تخافين الله فيه، فتؤدين الحقوق وتعطينه حقه، ولكن نحن نريد أيضًا أن تسعدي وتُسعدي، والسبيل إلى ذلك يكون:
أولاً: بالدعاء واللجوء إلى الله تبارك وتعالى.
ثانيًا: كثرة الاستغفار وتجديد التوبة.
ثالثًا: كثرة الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-.
رابعًا: الحرص على الالتزام بشرائع هذا الدين العظيم الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.
وإذا ذكّرك الشيطان بما كان من التقصير فجددي التوبة، واعلمي أن هذا العدو يحزن إذا تُبنا، ويندم إذا استغفرنا، ويبكي إذا سجدنا لربِّنا، فعاملي عدوّنا الشيطان بنقيض قصده.
وإذا كنت -ولله الحمد- تحاولين جاهدة أن تكوني في طريق الله فأبشري بالخير، واعلمي أن الإنسان إذا أقبل على الله، فإن الله يُحبُّ التوابين ويُحبُّ المتطهرين.
وأحلام الإنسان يمكن أن تتحقق، حتى الدراسة أو غيرها، لكن الإنسان يبدأ فيُصلح ما بينه وبين الله تبارك وتعالى؛ لأن الإنسان إذا أصلح ما بينه وبين الله؛ أمر الله جبريل أن ينادي في أهل السماء: إن الله يُحبُّ فلانًا -أو فلانة- فأحبوه، فيحبُّه أهل السماء، ثم يُلقى له القبول في الأرض، فالطريق إلى قلب الوالدة وقلب الزوج إنما يكون بطاعة الله تبارك وتعالى، وقلوب هؤلاء جميعًا والناس بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلِّبها ويُصرِّفها.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يكتب لك التوفيق والسداد، وأن يُعينك على العودة إلى حياتك الطبيعية، ولا تحاولي أن تُظهري للزوج وتُكرري أنك لا تُحبينه وأنك كذا، هذا الكلام يُدخل عليه الأحزان، والحمد لله أنه متمسِّكٌ بك وحريص على أن يكون معك، فاجتهدي دائمًا في أن تتقربي إلى الله بطاعة الزوج، وتعاوني معه على البر والتقوى.
ونسأل الله تبارك وتعالى أن يردك إلى الحق والخير، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.
هذا، وبالله التوفيق.