أقوم الليل لكني أنام عن صلاة الفجر.. كيف أرتب وقتي؟
2023-09-12 03:09:57 | إسلام ويب
السؤال:
أجتهد في طلب العلم، ووقتي كله مملوء بالعلم وتطبيقه وتعليم ابنتي، وبيتنا وحديثنا وحياتنا وترفيهنا لا يكاد يخلو من ذكر الله وربطه بديننا -والحمد لله- على هذا الفضل، ولكن أسمع كثيرًا أن هناك تناقضًا بين طلب العلم ومعرفة الله، وعدم قيام الليل ولو بقراءة القرآن.
حاولت تنظيم وقتي كوقت الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وأن يكون نومي ونمط يومي على الفطرة، فأنام نصف الليل وأقوم ثلثه وأنام سدسه، فأنجح في هذا، لكني أخسر في عدم استيقاظي لصلاة الفجر في وقتها.
حاولت تغيير الوقت، فكنت أقوم قبل الفجر بوقت يسير، وأصلي الفجر ثم لا أنام، ولكن يغلبني النوم قبل الظهر، فأصلي الظهر في غير الوقت الأول.
حاولت بطرق مختلفة وكثيرة يطول الحديث إذا ذكرتها، ولكن حقيقة لم أوفق للجمع بين قيام الليل ولو بشيء يسير، وبين بقائي نشيطة فعّالة بقية يومي.. وأنا أعلم أن قيامي بالفرض في وقته وبحضور قلب أحب إلى الله من أن أقوم الليل كله إذا كان هذا يؤثر على جودة فروضي، ولكن هل من نصيحة أو طريقة أو إشارة لكي أستفيد منها لأحظى ولو بقليل من فضل قيام الليل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم وتين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يرزقك الصلاح والتقوى، وأن يعينك على مرضاة الله، إنه جواد كريم.
أختنا الفاضلة: لا يخفاك أن أفضل ما يتقرب به العبد إلى الله أداء الفرائض في أوقاتها، ففي الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إنَّ اللَّهَ قالَ: "مَن عادَى لي وَلِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وما تَرَدَّدْتُ عن شَيءٍ أنا فاعِلُهُ تَرَدُّدِي عن نَفْسِ المُؤْمِنِ؛ يَكْرَهُ المَوْتَ، وأنا أكْرَهُ مَساءَتَهُ.
الشاهد هنا قول الله عز وجل (وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه) وعليه فإذا أردنا الجدول الصحيح فليكن كالتالي:
أولاً: مراعاة وضع الفرائض في أوقاتها، وارتباط النوم والقيام بما لا يؤثر على ذلك.
ثانيًا: المحافظة على السنن المؤكدة في أوقاتها.
ثالثًا: قيام الليل لا يكون بالصلاة فقط، بل يكون بالذكر وقراءة القرآن وطلب العلم الشرعي والدعاء؛ كل هذه ألوان من قيام الليل، وأنت مأجورة عليها إن شاء الله.
رابعًا: لا يخفاك أن قيام الليل يبدأ من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، والنبي صلى الله عليه وسلم الذي خوطب بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ، قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا، نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا، أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) المزمل/1 - 4، قد بين بفعله وقت هذا القيام من الليل، وورد في هذا أحاديث عدة، من أوضحها حديث عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ - وَهِيَ الَّتِي يَدْعُو النَّاسُ الْعَتَمَةَ - إِلَى الْفَجْرِ، إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ، فَإِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَتَبَيَّنَ لَهُ الْفَجْرُ، وَجَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ، قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُؤَذِّنُ لِلْإِقَامَةِ " رواه البخاري ومسلم.
وعليه فإذا انتهيت من العشاء فصلي قيام الليل مباشرة، ثم الخلود للنوم، وبهذا تكونين قد أقمت الليل والحمد لله.
فإن استطعت الاستيقاظ قبل الفجر بقليل للصلاة ولو ركعتين فهذا خير عظيم.
نسأل الله أن يثبتنا وإياكم على الحق، وأن يرزقنا وإياكم حسن الطاعة وحسن العمل، والله الموفق.