أحب والدتي وأسعى لرضاها ولكنها تهينني.. ما العمل؟
2023-06-15 03:44:26 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا فتاة بعمر ٢٢ سنة، ربتني أمي على القسوة دائمًا، والغضب، والضرب لأتفه الأسباب؛ مما جعل شخصيتي عصبية ومنفعلة.
حاولت وأنا أكبر أن أقوي شخصيتي، وألا أكون ضعيفة، وبالفعل أصبحت شخصيتي قوية، ولم أجعل تصرفات أمي تضعف من شخصيتي، ولكن ما زلت عصبية، وأتذكر جميع التصرفات التي كانت أمي تقوم بها معي، الآن بعد أن كبرت أصبحت أمي تكره شخصيتي؛ لأني عنيدة وواثقة من نفسي وأنا أكلمها، ودائمًا توبخني على أسلوبي تجاهها، وتقول: إنني أترفع عليها، وأنا لست كذلك.
دائمًا نخوض نقاشات ومشاجرات، وأحاول أن أتغاضى لكي أبرها، ولكن بعض الأحيان تعاملني بقسوة شديدة، وأتغاضى وأكمل العمل الذي أمرتني أن أقوم به، ولكنها لا تساعدني لكي أبرها وتقوم بإهانتي وتوبيخي، فأترك العمل وأنا ساكتة لكي لا أقوم بالصراخ، وأتفادى معصيتها، ولكن قوتي بدأت تنفد، وكذلك صبري، دائمًا ما ألوم نفسي وأبكي من سوء تعاملها، وأدعو الله أن يرزقني برها، ولكن هي لا تساعدني، مع أنها من كانت سببًا في شخصيتي التي الآن تكرهها.
دائمًا أحاول إرضاءها، ولكني أحب نفسي جدًا، ولا أحب إهانتها، ولا حب أن تغلطني إذا كنت على حق، ودائمًا يكون جوابي مستفزًا لها، وتغضب وتشاجرني، وتدعو أن ربي يرزقني بزوج يخرجني من المنزل، فقد كرهت وجودي فيه.
أحب أمي جداً وأتمنى رضاها، فهل رضا الوالدين رزق؟ إذا كانت ليست بيدي حيلة أن أرضيها، مع كثرة محاولاتي ودعائي لنيل رضاها.
ادعُوا لي بنيل رضاها والجنة، فأنا أخاف عصيان ربي، وعقوق الوالدين.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رهف حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام بأمر البر، ونحيي حُسن العرض لهذه المشكلة، ونبشِّرُك بأن البرّ طاعة لربِّ البريّة، وأن الذي يُحاسب عليه ويُجازي عليه هو الله تبارك وتعالى، والمهم هو أن تحرصي على القيام بما عليك، وإذا لم ترضَ الوالدة لصعوبة في شخصيتها، أو لانطباعات سالبة -يعني تكوّنت عندها عن شخصيتك- فإن هذا لا يضرّك؛ لأن العبرة بإرضاء الله تبارك وتعالى، وبالوفاء بما عليك من الالتزامات.
ولذلك المتأمّل في آيات البر في سورة الإسراء: {وقضى ربك ألّا تعبدوا إلَّا إياه وبالوالدين إحسانًا} يجد في ختامها قول الله: {ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوّابين غفورًا}، قال العلماء: هذا فيه عزاء لمن قام أو قامت بما عليها من البر، ومع ذلك الوالدة لم ترضَ، أو الوالد لم يرضَ، هذه يقول الله فيها: {ربكم أعلم بما في نفوسكم}، والحمد لله هذه الاستشارة تدلُّ على أن قلبك عامرٌ بالبرِّ وبالحرص على إرضاء الوالدة، بل أنت تجتهدين وتحاولين فعل كل أمرٍ يُرضيها، فاستمري على المحاولات، واعلمي أنك مأجورة على الصبر، ومأجورة على احتمال الوالدة.
ونتمنَّى ألَّا تصلي إلى مرحلة الرد عليها ومجاراتها بالكلام، فأنت لست أمام زميلة، أنت أمام والدة، ونحن نؤكد ونشعر بصعوبة الذي يحدث معك، لكن تأكدي –ولعلَّك توافقينا– أن الردود وأن المعاندة الظاهرة لا تزيد الأمر إلَّا سُوءًا، عكس الانصياع والسماع لكلامها، وعدم الوقوف عند الكلمات التي تصدر منها، وعدم الاستجابة للاستفزازات التي تحصل منها ... كلُّ ذلك ممَّا يُخفف الأمر، عكس العناد ومحاولة الرد، أو ترك العمل الذي أنت فيه أمامها؛ لأن هذا نوع أيضًا من الاستفزاز لها، أن تتركي العمل مثلاً دون أن تُكمليه.
ولذلك أرجو أن تعرفي الطريق إلى قلب الوالدة، واجتهدي في الوصول إليها والاعتذار لها في أوقاتٍ تكون مناسبة، وحبذا لو أتيح لك في هذا الوقت الذي تعتذرين فيه أن تحتضني الوالدة وتقبّلي رأسها، ويكون ذلك في وقت ليس معكم أحد، وأظهري لها رغبتك في أن تفوزي ببرِّها، وأنت إن شاء الله فائزة بالبر؛ لأن البر –كما قلنا– عبادة لله، ونحن سندعو الله أن يرزقك برّها.
ونتمنَّى أن تجدي العون من الوالد، أو من الخالات، أو ممَّن حولك من الإخوة والأخوات على هذا الأمر؛ لأن دورهم كبير في تصحيح المفاهيم عند الوالدة، وفي إشعارها أن هذه في النهاية بنت لك، وينبغي أن تجد منكم المعاملة التي هي أفضل من هذه.
أنت فعلت ما عليك، ولا يكلف الله نفسًا إلَّا وسعها، لكن من المهم أن تستمري في المحاولات، وأن تستمري في الدعاء، ونحن من جانبنا ندعو الله تبارك وتعالى أن يوفقك، وأنت مأجورة على الخوف من عصيانها، وهذا دليل على بِرّك، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، ونسأل الله للوالدة الهداية لمن يحبُّ ربُّنا ويرضى.