زوجتي لا تريد الإنجاب.. كيف أتصرف معها؟
2023-02-08 22:02:30 | إسلام ويب
السؤال:
أعيش في بلد أوربي، وتعرفت إلى فتاة أوربية أسلمت حديثًا، عندها مرض التوحد (اسبرجر) بالوراثة، ومرض روماتزم عضلي (فيبروميلغي)، وأيضا عندها بعض المشاكل في الرحم، ولكن يمكنها الإنجاب عن طريق الحقن المجهري، ترددت بسبب هذه الأمراض، وخصوصًا أني لم أعرف كثيرًا عن طبيعتهم؛ ولأني كنت أبحث عن الزواج كثيرًا، وأيضًا بضغوطات يومية من الأهل، لم أفكر كثيرًا، واستخرت الله عدة مرات وحدث الزواج سريعاً وتزوجنا.
لدي الكثير من المشاكل معها، مثلا هي تتحدث كثيرًا، ولا تستمع للآخر، وتجادل في كل شيء، هذا يسبب لي الكثير من الضغط، أيضاً أفكارها وتصرفاتها في أغلب الأوقات طفولية جداً، فأشعر أني أتعامل مع طفل.
في أول 3 شهور كانت قد توقفت عن التدخين، ولكن هذا أثر كثيرًا علي سلوكها بشكل لا يطاق، لولا أنها رجعت لـ (السيجار الالكتروني)، وبالفعل تحسنت الأمور، ولكن ما زالت صعبة، هي أحيانًا تتصرف تصرفات فظة مع الآخرين دون أن تلاحظ، وهذا يسبب الإحراج.
الآن بعد 8 شهور زواج لا تريد الإنجاب؛ لأنها تظن أنها غير قادرة على ذلك صحياً، ولا تستطيع تحمل مسؤولية الأطفال، لذلك عرضت عليها أن أتزوج زوجة ثانية لحل هذه المشكلة (ولكنها كانت قد اشترطت أن لا أفعل ذلك عند العقد، وقبلت) هي ترفض ذلك تمامًا، وأيضًا قبل الزواج اتفقنا على إنجاب الأطفال، نحن الآن في فترة العدة الرجعية، وما زلت متحيرًا.
سؤالي: هل استمراري بالزواج منها يكون له أجر كبير عند الله لتحملي هذا والتنازل عن الإنجاب؟ أم أن هذا يعتبر قرارًا خاطئًا مني منذ البداية؟ وما الدليل على الإجابة من الكتاب والسنة؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أولاً: نسأل الله تعالى أن يرزقك الذريّة الصالحة، وأن يجعلك مفتاحًا للخير نافعًا لعباده.
ثانيًا: نشكر لك – أيها الحبيب – اهتمامك بهذه المرأة حديثة العهد بالإسلام، ونسأل الله أن يكتب لك أجر إحسانك إليها.
ولا شك ولا ريب – أيها الحبيب – أن ما قدمته لها من الخير والإحسان والصبر عليها وقصدك الإحسان إليها بتزوجها؛ كل ذلك من عمل الخير الذي لا يضيع عند الله تعالى، والأدلة على الترغيب في فعل الخير والإحسان إلى الناس كثيرة جدًّا من كتاب الله تعالى ومن كلام رسوله صلى الله عليه وسلم، فقد قال الله سبحانه وتعالى: {لا خير في كثير من نجواهم إلَّا مَن أمر بصدقة أو معروفٍ أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا}، هذه الآية تدلُّ على أن الخير المتعدّي إلى الناس ينفع فاعله، ولو فعله بغير نيّة كما يقول بعض العلماء؛ لأن فيه نفع لعباد الله، وقد قال الله سبحانه وتعالى أيضًا في كتابه العزيز: {وافعلوا الخير لعلكم تفلحون}.
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الذي حسَّنه الألباني وغيرُه: (أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحبُّ الأعمال إلى الله عز وجل سُرورٌ تُدخله على مسلم، تكشف عنه كُربة، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخٍ في حاجة أحبُّ إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد – يعني مسجد المدينة – شهرًا) إلى أن قال: (ومَن مشي مع أخيه في حاجة حتى يقضيها له ثبّت الله قدميه يوم تزول الأقدام).
والنصوص من الكتاب والسنة في هذا المعنى كثيرة جدًّا، فإحسانك إلى هذه المرأة الجديدة في الإسلام لا شك أنه داخل في هذا الخير، وأنت مأجور عليه، ولكن تحصيلك للذرية أيضًا مطلوب منك، وهو نافع لك في دينك ودنياك في العاجل والآجل، وقد رغّب النبي صلى الله عليه وسلم في تحصيل الذريّة في أحاديث أيضًا، فينبغي للإنسان المسلم أن يحرص على تحصيل الولد، وهو من أعظم مقاصد النكاح، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (تزوجوا الولود الودود فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة)، فرغبنا في أن نتزوج المرأة الولود التي تلد، ورغبنا في التكاثر، وأنه يُباهي بنا الناس يوم القيامة، فينبغي أن تحرص على تحصيل الذرية، فإن وافقتك زوجتُك هذه على الإنجاب ورأيت أنك تميل إليها وترغب في البقاء معها فبها ونعمت، وإلَّا فما دمت قد طلقتها؛ لأنك رأيت أن حياتك معها ستبقى منغصة، أو ستُصِرُّ هذه المرأة على عدم الإنجاب، فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: {وإنْ يتفرَّقا يُغنِ الله كُلًّاً من سعته}.
نسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته أن يُقدّر لك الخير حيث كان.