تعرضت للظلم والذل في بلدي وفي الغربة، وأموري غير مستقرة
2022-11-03 02:25:04 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
فقدت الأمل رغم أني تزوجت منذ أن أتممت الـ20 عاماً، ورزقت ب 3 أطفال -ولله الحمد والشكر-، وعانيت كثيراً، ولا يعلم حجم معاناتي إلا الله، في توفير قوتهم أنا وأمهم.
علماً بأني خريج جامعي، لدي العديد من الخبرات والدورات، ولكني لا أعمل أبداً في مجال ما أتقن بسبب ظروف بلدي السيئة، والتي يكاد أن يكون العمل فيها معدوماً.
لذلك اضطررت للتنقل من عمل إلى آخر، سعياً وراء الرزق، ولكن للأسف لم أصمد في عمل أكثر من سنتين، إما بسبب مشاكل الحاقدين في العمل، أو بانتهاء فترة المشروع، أو غيره، وهكذا إلى أن أتممت عامي الـ33.
في آخر سنتين تدمرت نفسيتي، ولم يعد لدي أي أمل، رغم أن علاقتي مع ربي هو وحده يعلمها، ويعلم كم صبرت وثابرت من أجل عائلتي.
تعرضت لظلم كبير لا يعلمه إلا هو، بالإضافة لعدم توفر أي مصدر للدخل سوى المساعدات العائلية، والتي ساهمت بشكل كبير بتدمير نفسيتي وإهانتي.
لا عمل، لا وظيفة، لا دخل، لا كرامة، ولا أمل، فقررت الرحيل والسفر لوحدي، وترك عائلتي، فأرض الله واسعة، لكن نفس ما كان يحدث معي في بلدي حدث معي في الغربة.
عملت لمدة سنة ونصف في أكثر من 4 وظائف مهنية، والرواتب متدنية، والأمور تزداد صعوبة، لا أستطيع كفاية عائلتي بشكل كامل دون الحصول على مساعدات، لا أنال منها إلا الذل.
تعبت وفقدت الأمل بكل شيء، حتى الظلم الذي تعرضت له وبكبر حجمه دعوت الله كثيراً حتى يعوضني.
لا أريد شيئاً، أريد فقط قوت يومي وتعليم أطفالي، لا أريد شيئاً سوى ذلك، وفي النهاية أشعر أني غير مستجاب الدعاء.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله العلي الكريم أن يحفظك، وأن يبارك في رزقك، وأن ينعم عليك بالرضا وأن يسترك وأولادك، إنه جواد كريم.
أخي الكريم: إننا ابتداء نتفهم ما أنت فيه، ونعلم حجم تلك المعاناة التي عانيتها، ونحمد الله أن أعانك، وأن متعك بما يرجوه غيرك.
نعم أخي الكريم: قد متعك الله بنعم كثيرة يرجو بعض الناس أن لو سلبوا كل نعيم وحظوا بها، واستمع معنا لبعضهم: هذا الغني المصاب بسرطان الرئة، والذي لا يملك أن يتنفس إلا بأجهزة ثقيلة الحمل، كل ما يرجوه أن يعيش ولو ليوم واحد يتنفس الهواء الطلق بين الناس، ويأخذون منه كل ما منحه الله من مال.
هذا المصاب بفيروس في الأمعاء لا يستطيع أن يأكل من فمه، بل يعيش حياته على المغذيات الوريدية، وكل أمله أن يجلس ليأكل كما نأكل، ولو سلب كل ماله.
هذا الزوج وتلك الزوجة، أنفقوا كل ما عندهم من مدخرات من أجل أن ينعموا بطفل واحد، ولكن ضاع المال ولم يرزقوا بالطفل.
هذا الأب الذى ابتلاه الله في ابنته؛ مريضة بالكبد الوبائي، وتحتاج إلى عملية خطيرة، وباهظة الثمن، وغير مأمون عواقبها، هو كذلك كان يرجو أن لو كانت سليمة ولو عاش بلا طعام ولا شراب.
أخي الكريم: ما نقوله لك الآن هو واقع نعيشه، ونعم أنعم الله بها عليك، فلا تنظر إلى ربك من زاوية واحدة، ولا تفكر أنك غير مستجاب الدعوة، ولكن فكر بأن هذه دار ابتلاء، وكل فرد منها يبتلى على قدر تدينه وقربه من الله تعالى، وتلك أخي طبيعة الحياة التي نعيشها، مجبولة على الابتلاء.
أخي الكريم: قد ذكرت مسألة ضيق الرزق، ولا يخفاك أن هذا الضيق وتلك السعة من أقدار الله تعالى على عباده، فيبسط الرزق للبعض ويضيقه على البعض، وكل ذلك لحكم بالغة، قال الله تعالى: (اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) وقال تعالى: (أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) ومعنى يقدر: يضيق.
عليك أخي الكريم: أن تأخذ بكل الأسباب الجالبة الرزق، والتي سنذكر لك بعضها، مع الإيمان القلبي بأن النعم التي أنت فيها هي أحلام آلاف من البشر، وأن الله حين ابتلاك بشيء أعطاك أضعافه، واحذر -أخي الكريم- أن يصيبك القنوط أو تزدري نعم الله عليك، فهناك من فعل ذلك فابتلاه الله بشيء فكان أكثر دعائه وأكثر رجائه أن يعود لما كان ولا يسخط عليه.
أخي الكريم: بعد الأخذ بكل الأسباب الممكنة هناك أمور هي أسباب لسعة الرزق، والحمد لله أن أكثرها فيك، والزيادة خير وبركة:
1- امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه، قال تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ).
2- كثرة الاستغفار، قال تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا).
3- صلة الأرحام، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم. قال: (من سره أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره؛ فليصل رحمه).
4- الابتعاد عن الحرام، وخاصة الربا، قال الله تعالى: (يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) {البقرة:276}.
5- الاجتهاد في الابتعاد عن المعاصي: ففي المسند وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه).
استمر على هذا -أخي- مع الاجتهاد في طلب الرزق، وبذل الأسباب، وستجد الخير يرقبك، إن شاء الله تعالى.
وفقك الله ورعاك، والله المستعان.