الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيناس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكركم لتواصلكم معنا وثقتكم بموقعنا.
أنت على وشك الخروج من عنق الزجاجة كما يقال؛ فأنت في السنة الأخيرة للتخصص، ومع ذلك فوجود بعض المشاكل قد يعكر عليك هذا الخروج، وينبغي النظر إلى مشكلات الحياة على أنها من الأمور الملازمة لنا كبشر.
الله عز وجل يقول في محكم التنزيل: (لقد خلقنا الإنسان في كبد) أي في مكابدة ومجاهدة في الحياة، وهذا أمر منطقي جدًا، فإذا جاع الشخص فعليه أن يبذل جهدًا للحصول على الطعام، ليس في العمل والحصول على راتب فحسب، بل حتى لو كان الطعام جاهزًا في المطبخ، فعليه أن يتحرك ويضعه على الطاولة! وهكذا يظل الإنسان طوال حياته في حركة دؤوبة ومجاهدة، حتى يصل إلى الله تعالى في نهاية المطاف: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره).
المشكلة الأولى بخصوص علاقتك مع ذلك الشاب، والتي أدركت مؤخرًا أنها كانت علاقة (مسمومة) -كما وصفتها في ثنايا رسالتك-، من الطبيعي أن يبقى لديك شيء من التعلق بالشاب خاصة بعد فترة طويلة من التواصل معه، ولكن طالما أنك أدركت أنها كانت علاقة (سامة) وغير صحية، ولا ترضي الله تعالى، فعليك الاستمرار بالبعد عن هذه العلاقة، وسيأتيك رزقك الموعود -إن شاء الله تعالى- فالزواج رزق من الأرزاق، لا ينال إلا بطاعته، وقاعدة الزواج في الإسلام واضحة جدًا، حيث ترتكز على المبادئ التالية:
- لا توجد علاقة بين فتاة وشاب قبل الزواج، وإنما يمكن أن يحصل تعارف غير مقصود في قاعة الدراسة، أو في العمل، كما يحصل في كثير من الأحيان، وينبغي أن تقف الأمور عند هذا الحد فقط.
- إذا رغب الشاب بعلاقة مع فتاة، فعليه أن يتقدم لخطبتها والزواج منها رسمياً، وأن يأتي البيوت من أبوابها.
- معايير قبول الشاب بالنسبة للفتاة مذكورة في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) رواه الترمذي، ولا بد من توفرهما معاً: الدين والخلق؛ فالدين يحجز صاحبه عن الحرام، والخلق يمنعه من الإساءة للمرأة.
- الصورة النمطية أن الحب لا بد أن يكون قبل الزواج، هي صورة مضللة، فالحب سلاح ذو حدين؛ إذ يمكن أن يهوي بالشاب والفتاة إلى ارتكاب الحرام، ومن ثم الانفصال قبل أن يحدث الزواج أصلاً!
أما بخصوص ما حصل لك إثر حضور جنازة أم صديقتك، فربما حصل لك صدمة وفاة، وقد تحدثت بالتفصيل عن هذا الأمر في استشارة رقم (
2493265) حيث يمكنكم الرجوع إليها للفائدة.
لنزيد الأمر إيضاحًا، فنقول: بأن صدمة الوفاة تحصل للشخص بسبب تأثره من وفاة شخص آخر- حتى لو لم يكن قريبًا له- كما هو حالك مع أم صديقتك، ولكن تبقى تداعيات صدمة الوفاة فترة طويلة، تؤثر على حياة الشخص، وتسبب له إعاقات في وظيفته وعمله أحيانًا، كما توقعه في الاكتئاب والانسحاب من الحياة، ولا شك أن الأفكار الوسواسية والأفكار التشاؤمية هي جزء من هذه الصدمة، ومن المهم أن نفرق بين صدمة الوفاة والاتعاظ بالوفاة؛ فصدمة الوفاة تعني العيش في حالة نفسية مرضية تكدر عليه حياته، بينما الاتعاظ بالوفاة تعني العيش في ظل مراقبة الله تعالى وخشيته، والاستعداد للموت بالأعمال الصالحة، وهذا يعني المزيد من الإنجاز وبذل الجهد، سواء على مستوى العبادات، أو على مستوى الوظيفة والمعاملات.
عَنْ أبي يَعْلَى شَدَّادِ بْن أَوْسٍ - رضي الله عنه- عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الكَيِّس مَنْ دَانَ نَفْسَهُ، وَعَمِلَ لِما بَعْدَ الْموْتِ، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَه هَواهَا، وتمَنَّى عَلَى اللَّهِ الأماني) رواه التِّرْمِذيُّ وقالَ: حديثٌ حَسَنٌ.
هاك بعض النصائح الإضافية:
- حاولي أن تعيدي ترتيب جدولك اليومي، وتغيير الروتين الذي اعتدت عليه، وأضيفي عليه الرياضة أو المشي.
- اجعلي أوقات الصلوات الخمس، محطات عبور للانتقال من مهمة إلى أخرى.
- ابحثي عن صديقة مخلصة تبثين إليها همومك.
- اجعلي لك وردًا يوميًا من القرآن الكريم، ولو صفحة واحدة.
- احرصي على ركعتين في الليل، يكون لك فيها خلوة حقيقية مع الله تعالى، حيث تضعين كل همومك بين يديه، بالرغم من أنك ذكرت أنك تقربت بالصلاة والأذكار، واستفدت منها، لكن بقيت معك بعض الأفكار الوسواسية، إذا ظلت هذه الأفكار موجودة ومزعجة لك وتؤثر على أدائك الدراسي، فيمكنك هنا اللجوء إلى الطبيب النفسي أو الأخصائي النفسي.
- كرري هذا الذكر في اليوم مائة مرة، فهو ذكر نافع لكل من جربه، فقد روى الشيخان عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ؛ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنْ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ، إِلَّا رَجُلٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْهُ).
نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.