أشكو من نوبات الهلع ووسواس الموت، أرشدوني للعلاج
2022-09-13 01:17:30 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله كل خير..
منذ فترة عند الاستحمام في الليل شعرت بضيق النفس، وتنميل يبدأ من القدم إلى الرأس، ومنذ ذلك اليوم وأنا أعاني من وسواس الموت، ذهبت إلى الطبيب ووصف لي دواء يدعى موتيفال، تحسنت لمدة شهر ولكن بعدها بدأت تأتيني نوبات الهلع ليلاً، لدرجة أنني لا أستطيع النوم، عدت إلى الطبيب ووصف لي سيروسات الترا 10، وليكسوتان 1،5، ولم أتحسن.
صارت نوبات الهلع تأتي في النهار وفي الليل، حتى أصبحت خائفًا طوال الوقت من الموت، أو من السكتة القلبية، أرجوكم ساعدوني في حل هذه المشكلة، علمًا أنني في صغري كنت مريضًا بالصرع.
شكرًا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في موقع استشارات الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.
نوبات الهرع التي أصابتك مؤخّرًا بدأت –كما تفضلتَ– عندما كنت تستحمّ ليلاً، وهذا ليس مستغربًا، لأن الناس الذين لديهم قابلية لنوبات الهرع أو الفزع أو المخاوف الوسوسة بعض المتغيرات الحياتية البسيطة جدًّا قد تكون هي الرابط المثير –كما نسميه-، والذي يُؤدي إلى ظهور الأعراض. لا تنزعج، هي -إن شاء الله- أعراض بسيطة ويمكن علاجها بكل اقتدار.
أنت ذكرت أنه في الصغر كان لديك مرض الصرع، أسأل الله لك العافية، وحقيقة سيكون من الجميل جدًّا ومن الحكمة أن تذهب للطبيب، طبيب نفسي أو طبيب أعصاب، ليقوم بإجراء تخطيط للدماغ، لنتأكد من مستوى كهرباء الدماغ. أنا لا أقول لك مطلقًا أن مرض الصرع قد رجع، لا، لكن في مثل حالتك هذه حقيقة إذا كان مرض الصرع في فترة الطفولة كان منشئه في منطقة بالدماغ تُعرف بالفص الصدغي؛ فربّما يكون لا تزال تُوجد شُحناتٍ بسيطة لا تظهر في شكل نوبات صرعية واضحة، وهذه الشُّحنات البسيطة في بعض الأحيان تُؤدي إلى القلق وإلى التوتر وإلى الخوف.
أنا أحاول أن أشرح لك الأمور بصورة علمية مبسطة جدًّا. وأنا على ثقة تسعين بالمائة (90%) أن تخطيط الدماغ سيكون سليمًا، لكن كما ذكرتُ لك الأصول هي أن يُجرى هذا الفحص، وهو فحص بسيط، إذا كان ذلك سهلاً بالنسبة لك في بلدكم.
عقار (سيروسات الترا Cirosat Ultra) وهو الـ (سيروكسات Seroxat) ويُعرف علميًا باسم (باروكستين Paroxetine)، دواء جيد لعلاج الهلع والفزع، لكن الإنسان يحتاج أن يصل إلى جرعة كبيرة نسبيًّا، أربعين مليجرامًا. الـ (ليكسوتان Lexotan) دواء جيد جدًّا، لكن يجب أن يُستعمل فقط على المدى القصير، لا يتناوله الإنسان أكثر من أسبوعين إلى ثلاثة، لأنه قد يُؤدي إلى التعوّد.
الدواء المثالي بجانب الـ (سيروسات الترا) هو العقار الذي يُعرف باسم (سيبرالكس Cipralex)، واسمه العلمي (اسيتالوبرام Escitalopram)، فإن أردتَّ أن تشاور طبيبك في استبدال السيروسات بالاسيتالوبرام ربما يكون هذا أفضل، وإذا قبل الطبيب بهذا المقترح، وطبعًا سوف يُنفذ، وفي هذه الحالة يتم التوقف عن السيروسات، وتبدأ في تناول الاسيتالوبرام بجرعة خمسة مليجرام، أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام، تتناولها لمدة أسبوعين كجرعة بداية تمهيدية، بعد ذلك تجعل الجرعة عشرة مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم ترفعها إلى عشرين مليجرام يوميًا كجرعة واحدة أيضًا لمدة شهرين، ثم تُخفض الجرعة إلى عشرة مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم خمسة مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة عشرة أيام، ثم تتوقف عن تناول الاسيتالوبرام.
دواء رائع، دواء ممتاز، غير إدماني، غير تعوّدي، وهو دواء تخصُّصي جدًّا في علاج المخاوف والتوترات والوسوسة بجميع أنواعها، كما أنه مُحسِّنٌ للمزاج.
أمَّا إذا أصرَّ الطبيب أن تستمر على السيروسات فاستمر عليه، لكن قطعًا تحتاج أن ترفع الجرعة.
بجانب الدواء، والذي أحسبه علاجًا ممتازًا، تحتاج طبعًا أن تكون دائمًا إيجابيًّا في تفكيرك وأفكارك، وأن تتخلص من الفكر السلبي، وتبتعد عن الفكر التشاؤمي، وهذا يتم من خلال تحقير هذه الأفكار السلبية والتشاؤمية، وأن تستبدلها بما يُقابلها من أفكار إيجابية، وتجاهل الوسواس وتحقيره وعدم تحليله وعدم الالتفات إليه هو أيضًا من الأصول العلاجية الجوهرية التي أريدك أن تنتهجها.
أمَّا فيما يتعلّق بأفكار الخوف من الموت: هذه أفكار مرضية، ونحن ننصح الناس بأن يكون الخوف من الموت خوفًا شرعيًّا، خوفًا يجعل الإنسان يتقرب إلى ربه، وأن يجتهد في عمل الصالحات، ويتجنّب كل الذنوب والموبقات، والإنسان حين يكون على هذا النهج الربّاني القويم يكون مطمئن النفس، ولا يخاف الموت، بل يقتنع أن الموت أمرٌ واقعٌ وهو بيد الله تعالى، وأن الخوف من الموت لا يُعجّل بالموت ولا يُؤخّره.
هذه هي الطريقة الصحيحة في التعامل مع الخوف من الموت، وكذلك يكون الإنسان مثابرًا ومجتهدًا في حياته، وهذا يعطيك أيضًا ثقة كبيرة في كل ما يتعلق بمشاعرك وأفكارك، وسوف تجد أن المخاوف المرضية كلها قد اختفت، وأن اجتهادك في دراستك وفي عملك سوف يكون على أفضل وجه، وهذا كله -إن شاء الله تعالى- ينتج عنه تطور كبير جدًّا في صحتك النفسية.
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.