شخصيتي هل هي شخصية تجنبية أم رهاب اجتماعي؟
2022-08-23 03:26:01 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أولاً نشكركم على هذا الموقع المبارك وشاكرين لكم جهدكم، وأسأل الله لكم التوفيق في الدنيا والآخرة.
ثانياً: عندي سؤال مهم وبحكم أن هنالك حد معين للكتابة أرجو أن أتمكن من كتابة حالتي بشكل كافٍ.
أنا شابة بعمر ٢٥ سنة، ومنذ طفولتي وأنا أعاني من الخجل، ازداد هذا الخجل مع مرور السنوات، فأخجل من الحديث مع الآخرين سواء في العمل أو غيره وأتوتر بسبب قلقي من رأيهم والانتقادات حتى ولو كنت على حق وأفسر تعابير الناس ونبرة صوتهم وتصرفاتهم لأظهر بتفسير يقول " عبست لأنكِ غبية " أو " تغيرت نبرة صوتها بسبب الغلط في الورقة " ( مثلاً ) .. أشعر أن الآخرين يعتقدون أن عقلي يصغر عمري، أشعر أنهم ينظرون نظرة الشفقة! فهذا تفسيري لتصرفاتهم وطريقة كلامهم نحوي وثبت هذا لي.
عندما كنت بعمر ١٨ سنة، ودخلت معهد لغة انجليزي وحصلت على المرتبة الثالثة وهي رتبة عالية، فلم يصدق مسؤول المكان وظن أني غششت، لأنه أخذ فكرة عني من أول يوم مع أنه لا يعرفني، وهذا كله بسبب خجلي.. وهذا غالباً دليل على صدق أفكاري السلبية.
في داخلي شخصية أخرى حيوية، وعندي أفكار أرجو لو أشاركها، عندي أفكار فيها حب للدين وحب للقضية الفلسطينية وغيرها، حتى يعلم الناس أني لست كما يظنون، ولأني أريد لشخصيتي الحقيقية أن تظهر ( لا يعرف شخصيتي إلا بعض الناس فقط.
أشعر أن شخصيتي الحقيقية ذكية قد أبهر الآخرين وفي نفس الوقت أشعر أني غبية لأني أنسى بسرعة وأسرح كثيراً وتركيزي يتشتت بسرعة منذ الطفولة أشعر أن الناس سيسخرون من شخصيتي وأفكاري.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بالأخت الفاضلة عبر الشبكة الإسلامية.. ونشكرك على تواصلك معنا مجدداً، نعم ما وصفت في سؤالك من الشعور بالخجل والارتباك من مقابلة الناس والحديث معهم، مما يسبب لك التوتر والقلق، خشية انتقادات الناس لك كل هذا ينصب تحت ما نسميه الرهاب الاجتماعي، أو الفوبيا الاجتماعية، حيث يجد الإنسان صعوبة في الحديث مع الناس وخاصة إذا كثر عدد الموجودين أمامه، وقد تكون هناك أعراض نفسية كالارتباك والقلق والتوتر، وأحياناً أعراض بدنية كاحمرار الوجه والارتعاش، كل هذه تصف حالة من الرهاب الاجتماعي.
المشكلة أنه يعود الشخص يبدأ يتجنب مقابلة الناس ظناً منه أن هذا يحسن الوضع بينما الحاصل هو على العكس، فالتجنب لا يحل المشكلة وإنما يزيدها تعقيداً وانتشاراً حتى يجد نفسه محاصر فلا يقابل الناس ولا يتحدث معهم.
قد قرأت سؤالاً سابقاً لك تصفين فيه حالة من الوسواس القهري الديني، والأمرين مرتبطين ببعضهما غالباً الرهاب الاجتماعي مع الوسواس القهري، ذكرت أختي الفاضلة أنك تريدين للناس أن يتعرفوا على حقيقة شخصيتك وإيجابيتك في الحياة، وقدراتك الذهنية، ولكن أسألك كيف سيتعرفون على شخصيتك هذه إن لم تتواصلين معهم وتتحدثين معهم وتقابليهم، لذلك علاج الرهاب الاجتماعي هو بالإقدام والإقبال ومواجهة الناس والحديث معهم حتى تعتادي على هذا.
نعم في البداية ربما يكون هناك شيء من القلق والارتباك ولكنه يذهب مع الوقت، أحمد الله تعالى لك أنك محبة للدين ولقضايا المسلمين، وهذا أمر جيد أن يطلع الناس عليه مما يعزز ثقتك بنفسك، أرجو منك أن تعيدي النظر من موقفك أنت، فمن الواضح من سؤالك أن لديك ضعفاً بالثقة في نفسك، وربما هذا له علاقة بطريقة التربية والتنشئة الأسرية وخاصة التي فيها الكثير من الانتقاد، أختي الفاضلة الناس نوعان حسب مركز الثقل في حياتهم، فهناك أناس يجدون قيمتهم خارج ذواتهم أي رأي الناس فيهم هو الذي يزيد أو ينقص من تقديرهم لذاتهم، هذا ليس الوضع الصحي، الوضع الصحي هو أن يكون منبع ثقتك في نفسك من داخلك، سواء رضي الناس أو لم يرضوا، فأنت مع الله تعالى مطمئنة واثقة بإذن الله سبحانه وتعالى بغض النظر عن انتقادات الناس.
الأمر الأخير: إذا لم تستطيعي معالجة الرهاب الاجتماعي بمجرد الإقدام فهناك أدوية تساعد على هذا، وقد رأيت في جواب سابق للدكتور الفاضل محمد عبد العليم أنه نصحك بأخذ أحد الأدوية المضادة للوسواس القهري، اطمئنك أن نفس هذا الدواء هو أيضاً يعالج الرهاب الاجتماعي، وهو بالغالب أحد الأدوية التي تعمل في بعض النواقل العصبية في الدماغ، معيدة للدماغ توازنه من ناحية النواقل العصبية هذه.
لذلك أدعوك مجدداً إن لم تنجحي في علاج الرهاب الاجتماعي أو الوسواس القهري بمجرد المبالغة السلوكية فأدعوك أن لا تترددي وتتأخري في زيارة العيادة النفسية لتبدئين الخطة العلاجية.
أخيراً أدعو الله تعالى لك بالصحة والعافية.