القدر وعلاقته بالزواج والطلاق
2022-07-07 04:06:02 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة تفدم لخطبتي شاب حذرني الجميع منه، واكتشفت في فترة الخطوبة أنه يشرب خمراً لكنه عاهدني أمام الله أنه لن يعود لذلك، بعد عام من عقد قراني كنت في كل مرة أحاول فسخ خطوبتي مراراً وتكراراً، لكن أبي يمنعني.
الآن تطلقت بسبب الظلم والضرب والهجران، وكلام السوء، ونقضان عهد الخمر، فقد عاد له بعد زواج شهرين، وأشعر بحزن شديد وألوم أبي أنه السبب -بيني وبين نفسي-، لا أحد يعرف حجم الحزن الذي أشعر به، لأني لم أكن مقتنعة أبداً بهذا الزواج.
أريد أن أطمئن، هل هذا زواج اختياري، وأنا التي قدمت نفسي للهاوية أم هو قدر قد كتب الله لي العيش مع هذا الظالم ثم الطلاق منه؟ أريد أن أعرف هل الزواج مكتوب كالموت أم هو اختيارنا؟
بارك الله فيكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ami حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به.
أختنا الفاضلة، نريد قبل أن نجيبك أن نؤكد على أمرين:
أولاً: إننا نحمد الله إليك ما أنت فيه من نعم وعافية كثيرة، كم يرجو كثير من الناس مثلها أو بعضها، نعم أختنا الفاضلة، فالإنسان دائماً عند الابتلاء ينشغل به فينسى كثيراً مما أنعم الله عليه، والحال أن الابتلاءات كثيرة ومتعددة ومتنوعة.
هناك حبيس المرض والفقر والجهل، وهناك من ابتلي بالحرب في بلده فلا يستطيع النوم، ولا يقدر على مواصلة الحياة، وكل إنسان له حظه من الابتلاء، تلك طبيعة الحياة التي أوجدنا الله فيها، وما أنت فيه هو لون من ألوان الابتلاء التي لا يخلو مسلم من وجود أصله وإن تعددت أشكاله وألوانه، فمن الناس من يبتلى في ماله أو بدنه أو أهله أو ولده أو جيرانه، ومنهم من يبتلى في زوجه لا تستطيع العيش معه، ولا تقدر على الفكاك منه، ولا تأمن لحالها معه، وتعيش الهم والغم يومياً.
المهم أن البلاء مدرك الجميع لا محاله، كل على حسب دينه كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، (يبتلى المرء على قدر دينه) وعلة الابتلاء أخبر الله عنها بقوله (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) فالله يبتلي عباده بما شاء لأجل رفع منزلة أو تكفير ذنب لمن صبر على ذلك. وعليك بالصبر على ذلك مع الجهد على تحسين الحال.
ثانياً: من أعظم آفات الابتلاء أختنا الكريمة: أن من فيه يظن أنه أكثر الناس بلاءً، ولا يرى ما أنعم الله عليه من نعم أخرى، فمثلاً الفقير لا يرى نعمة الله عليه في صحته أو في زوجه أو في أولاده، وإنما ينظر إلى ربه من خلال فقره، وكذلك من ابتلي بالمرض لا ينظر إلى نعم الله عليه في الغنى أو الزوجة الصالحة أو الولد البار، ويظل ينظر إلى الله من خلال من مرضه، وهذا سوء أدب مع الله عز وجل، ولو فتشنا في حياتنا لوجدنا نعماً كثيرة تناسيناها، ولو أمعنا النظر فيها لعلمنا فضل الله علينا.
أما جواب سؤالك أيتها الفاضلة: فلا شك أن كل ما يجري للعبد مقدر عليه، ومكتوب في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق الله الخلق، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة). رواه مسلم.
فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، سبحانه لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه، وهذا لا يعني أن العبد لا اختيار له وأنه غير مطالب بالأخذ بالأسباب المشروعة، بل الصواب أن العبد مطالب بأخذ كل الأسباب الشرعية، ثم بعد ذلك الرضا بما يكتبه الله عز وجل.
سئل النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: (ما منكم من أحد إلا وقد علم مقعده من الجنة والنار، قالوا أولا ندع العمل ونتكل على الكتاب؟ فقال: لا، اعملوا فكل ميسر لما خلق له). متفق عليه، وفي سنن الترمذي: قلت يا رسول الله أرأيت رقى نسترقيها ودواء نتداوى به وتقاة نتقيها، هل ترد من قدر الله شيئا؟ قال: (هي من قدر الله).
عليه فما وقع قدر ولا لوم على أبيك، واعلمي أن أكثر الناس ألماً هما والداك، وإن لم يشعراك بذلك، فلا تجمعي عليهما بين الألم واللوم، فما وقع أمر قدره الله، وقد ذكرنا أن الابتلاء للإنسان عند الصبر يأخذ الأجر كاملاً بأمر الله.
نسأل الله أن يتقبل منك، وأن يكتب أجرك، ويعوضك وأن يرزقك خيري الدنيا والآخرة.