أشكو من عودة الوسواس إلي بشكل أقوى
2021-12-09 01:56:01 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أرجو عرض حالتي على الدكتور محمد عبد العليم، وجزاكم الله عنا خير الجزاء.
أنا صاحب الاستشارة (2369339) لم أكتب لكم منذ مدة طويلة، لأنه -ولله الحمد- تشافيت -بفضل الله تعالى- وبدون أدوية، وأدرس تخصص الطب حالياً.
منذ مدة ليست بالبعيدة وقبل شهر بالتحديد عادت إلي الوساوس السابقة، والكثير من الأفكار الجديدة، وأجدها تجتمع مع بعضها، وأكثر ما أوسوس به هو الأفكار غير المنطقية، وأصبحت مصدقاً لها بشكل كامل، وأرفض الواقع والمنطق، وأجد نفوراً من الحق، خاصة في العقيدة ودين الإسلام، وفي نفس الوقت أجد نفسي أخاف من بعض الأمور الواقعية.
مثلاً ما زلت أخاف من الأمراض، خصوصاً وأنا أدرس الطب، مثلاً عندما أتوجه للدراسة يعتريني الخوف والتردد قبل بدء المذاكرة، فقط من قرائتي لعنوان الدرس، والذي سيشرح آلية المرض والغوص في تفاصيل التركيب البيولوجي والتشريحي للإنسان، وكيفية علاجه، وآلية عمل الدواء داخل الجسم.
قبل أيام ذهبت لطبيب الأسنان، ووصف لي دواءً معيناً، قبل أن أقلع ضرسي المتضرر، ولكني لم آخذه إلى الآن لذات السبب، وأوسوس أيضاً في طريقة النوم، وأنزعج جداً عندما لا أنام، وأتوتر وأخاف أيضاً على أهلي عندما يغادر أحدهم المنزل أو يتأخر أو لا يجيب على الهاتف، وتأتيني وخزات في مناطق مختلفة من جسمي، وأبدأ في تفسيرها من تلقاء نفسي، وأتخوف منها.
لا أخفي عليكم أنه مرت بي أوقات يمكنني أن أقول: إني استطعت صرف انتباهي عن هذا التفكير، ولو لوقت قصير، حيث أكون منشغلاً بشيء ما، ويأخذ تركيزي، ولكن حتى في أثناء مثل هذا الوقت أكون مسترسلاً معه.
أرجو المساعدة في هذا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في موقع استشارات الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.
أيها الفاضل الكريم: بالفعل ما تحدثت عنه هو نوع من الوساوس القهرية، والوساوس قد تكون في صورٍ مختلفة، فقد تكون أفكارًاً، أو نوعًا من الطقوس، أو المخاوف، أو الشكوك، أو الأفعال القهرية، والوسواس يأتي في موجات أو نوبات تزيد وتشتد وتختفي، هنالك اختلاف كبير بين الناس.
أنت وصلت لمرحلة لا أقول إنك أصبحت تقبل الوسواس، لكن أصبحت نفسك لا تنفر من الوسواس كما كان سابقًا، وظهر لديك ما يمكن أن نسميه بشيء من الشعور بالتغرُّب عن الذات أو اضطراب الأنّيّة.
هذه كلها – أيها الفاضل الكريم – مكوّنات كثيرًا ما تتبعها الوساوس، لا أريدك أن تنزعج لها، لكن يجب أن تُعالج هذه الوساوس، وبما أنك الحمد لله تعالى طالب في كلية الطب فسيكون من الجميل جدًّا أن تذهب إلى أحد الأساتذة المختصين في قسم الطب النفسي.
أنا متأكد أنه سيُساعدك كثيرًا، فأنت تحتاج لما نسميه بالتحليل السلوكي، أن تكتب كل هذه الأفكار، تبدأ بأضعفها وتنتهي بأشدها، ثم تُطبق ثلاث تمارين على كل فكرة:
1. تمرين إيقاف الأفكار.
2. تمرين صرف الانتباه عن الأفكار.
3. تمرين التنفير من الأفكار.
هذه التمرين جيدة جدًّا، يُضاف إليها طبعًا تطبيق تمارين استرخائية، لأن أحد مكونات الوساوس هو القلق، والاسترخاء النفسي والجسدي، وكذلك ممارسة الرياضة، هي من أفضل الوسائل التي تُعالج القلق والتوتر الداخلي.
أخي: طبعًا حُسن إدارة الوقت، وتجنّب الفراغ، كلها أمور مطلوبة لحصار هذه الوساوس والتخلص منها تمامًا.
مبدأ تحقير الوسواس وتجاهله وصرف الانتباه عنه وعدم الخوض فيه، لا نخوض في تفاصيله أبدًا، لا نقوم بتحليله أبدًا، لأن ذلك يجعل الوسواس أكثر استحواذًا وإلحاحًا وهيمنةً وسيطرة.
بجانب ذلك – أيها الفاضل الكريم – طبعًا تحتاج لعلاج دوائي، الأدوية مفيدة جدًّا، لأن البحوث والتجارب العلمية والعملية أثبتت تمامًا أن الوسواس له علاقة كبيرة جدًّا بكيمياء الدماغ، خاصة فيما يتعلق بما يُعرف بالموصِّلات العصبية، ومنها مادة السيروتونين على وجه الخصوص. فإذًا نقول أن الأدوية تُساهم بنسبة أربعين بالمائة (40%) تقريبًا في علاج الوساوس، وحين يُمزج الإنسان ما بين العلاج السلوكي والنفسي ويتناول الدواء وتكون لديه الإرادة القوية لمقاومة الوسواس قطعًا ستسير الأمور على ما يُرام وسوف يختفي الوسواس تمامًا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.