هل تصرفي مع والدي يغضب الله تعالى؟
2021-11-25 06:35:06 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله خيرا على هذا الموقع الجميل الذي بدأت متابعته منذ سنتين، وبسببه اكتشفت الكثير من الأحكام الدينية التي لم أعلم شيئا عنها، والنصائح المفيدة التي غيرت حياتي للأفضل، وهذا أول سؤال أكتبه لأنني أشعر أن هناك شيئا ينقصني في علاقتي مع الله سبحانه و تعالى.
والدي -والحمد لله- أفضل من آباء آخرين رأيتهم وسمعت عنهم، لأنه لم يضربني أبدأ، ولا أتذكر أنه ضربني وأنا صغير.
و لكن المشكلة أنه كان وحتى الآن ينتقدني أنا وأختي ووالدتي على كل فعل، ويصرخ ويغضب على أصغر الأسباب، ويترك المنزل لفترة، ووالدتي صابرة عليه، ولكني من 6 سنوات تعبت من أسلوبه معي، وقررت ترك الكلام معه والضحك والمزاح معه، وتنفيذ الأوامر بصمت.
للأسف لم يعجبه سكوتي معه وتضايق بسبب أني أخبر أمي وأختي بكل ما يحدث في حياتي، وأضحك وأبتسم معهم في البيت، وكنت فقط أتعامل معه عندما يطلب مني شيئا فأفعله بسكوت، ولكن لا أتحدث في أي شيء معه، وأكتفي بالسلام عليه عند رؤيته وتنفيذ الأوامر.
أخبرتني والدتي أن ما أفعله عقوق له، وأن الله سيغضب علي، وذلك جعلني أشعر بحزن وقلق على ديني وحياتي، فأصبحت أتحدث معه أكثر حتى لا يشتكي، وحتى أرضي الله تعالى.
والآن هو لا يشتكي ويتعامل معي بشكل عادي تماما، ولكني ما زلت أتعامل معه بنوع من البرود، بأني لا أمزح معه ولا أبتسم في وجهه، ولكن أصبحت أتحدث معه في مواضيع كثيرة، فهل تصرفي الحالي معه يعتبر عقوقا مع أنه لا يشتكي الآن؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك ولدنا الحبيب في استشارات إسلام ويب.
أولاً: نسأل الله تعالى لك مزيدًا من التوفيق والسداد، ونشكرك لحرصك البالغ على بر الوالدين والإحسان إليهما، كما نشكر لك إنصافك لوالدك، ومعرفتك لما فيه من الخصال الطيبة والأخلاق الفاضلة، والإحسان إليك.
وليس يخفى عليك – أيها الولد الحبيب – منزلة الوالد وحقّه العظيم على الولد، فقد جعل الله تعالى الوصية بالوالدين قرينة بالوصية بتوحيد الله تعالى وعبادته، فقال: {وقضى ربك ألَّا تعبدوا إلَّا إيَّاه وبالوالدين إحسانًا}، وهذا يدلُّ على عظمة منزلة الوالد وعظم حقِّه، ولهذا السبب أمر الله تعالى بإحسان معاملة الوالد مهما بدر من هذا الوالد وظهر من سوء المعاملة، فقد أمر بإحسان معاملته مع شدة عداوته لولده، فقال سبحانه وتعالى: {وإن جاهداك على أن تُشرك بي ما ليس لك به علمٌ فلا تُطعمها وصاحبهما في الدنيا معروفًا}.
ففي هذه الحالة التي يبذل الوالد بها أقصى جهده ليُخرج ولده من الإسلام إلى الكفر وليجعله من أهل النار المخلّدين فيها، ويبذل ما يستطيعه من أساليب الإيذاء لولده، في هذه الحالة أمر الله تعالى بعدم طاعتهما في معصية الله، لكن أمر كذلك بالإحسان إليهما وحُسن صحبتهما، فقال: {وصاحبهما في الدنيا معروفًا}، فكيف بالوالد المسلم الذي لا يُضيّع حق الولد ويقوم به ويُحسن إلى ولده، وإن بدرتْ منه بعض الخصال المبغوضة كسرعة الغضب ونحو ذلك.
فينبغي أن تكون عاقلاً مُدركًا لمنزلة الأب وما له عليك من الحق العظيم، وألَّا تمنعك بعض أخطائه من بذل جُهدك في بِرِّه والإحسان إليه. والبر – أيها الحبيب – معناه: كلّ تصرُّف قولي أو فعلي يُدخل السرور إلى قلب الوالد، كلُّ التصرفات من الكلام والابتسامة وحُسن اللقاء، وغير ذلك، كلُّ التصرفات القولية والفعلية التي تُدخل السرور إلى قلبه هي داخلة في البِرّ، فهذا هو معنى البر، ولذلك ننصحك بأن تُحسن معاملة والدك، وألَّا تتعامل معه بالطريقة التي ذكرتها في استشارتك، من الوقوف عند طاعة أوامره وتتحدث معه في بعض القضايا، مع عدم الابتسامة له، والتواضع له، وغير ذلك من الخصال التي تُدخل السرور إلى نفسه، ويُخشى فعلاً أن تكون واقعًا في العقوق، وكلام والدتك كلامٌ صحيح، وهي حريصة على الخير لك.
فبادر إلى تصحيح وضعك في علاقتك مع والدك، وسيُعينك الله تعالى على ذلك، وسييسره لك، وممَّا يبعثك عليه ويُسهِّلُ عليك البر أن تبقى دائمًا متذكِّرًا لفضل الوالد وإحسانه إليك حال صغرك، وأنه السبب في وجودك، وغير ذلك من الخصال التي من أجلها أوجب الله تعالى بِرّ الوالدين والإحسان إليهما.
وفقك الله لكل خير.