لدي وسواس فكري يصاحبه قلق من ذنوبي السابقة.. ماذا أفعل؟
2021-11-28 02:24:47 | إسلام ويب
السؤال:
السلام. عليكم
أعاني من وسواس قهري لفضح الماضي والذنوب وأشعر بالذنب، وتمسكني حالة من القلق والإحباط إذا لم أتجاوب، أنا أعلم أنه ينبغي ستر ما ستره الله، علما أني تبت إلى الله والحمد لله متزوجة ومؤدية لجميع واجباتي على أكمل وجه.
أحزن من داخلي عندما أرى معاناتي، وأشعر أني يجب أن أترك وحيدة، وأني ظلمت زوجي.
أحب أن أقول هي تأتي على شكل نوبات متباعدة وليست متقاربة، وأتتني وأنا حامل، وأشعر كل بضعة أيام بانتكاسة، وأني لا بد أن أعترف بذنوبي كلها، أيضا أفكر بالمستقبل، وأني سأجن أو أني مريضة نفسيا، وسوف أصاب بالجنون! مرتعبة من هذا الموضوع!
في السابق واجهتني نوبات وسواسية أحيانا أستجيب لها وأحيانا تتلاشى؟ هل أنا بحاجة علاج دوائي أو نفسي؟ وماذا أفعل؟ أرجوكم؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ روعة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
لا شك أنه لديك منظومة أخلاقية قيمية قويّة جدًّا، وهذا هو الذي جعلك حقيقة تحسّين بالذنب حول الماضي، وكثير من الإخوة والأخوات الذين يُعانون من الوساوس القهرية تجد الضميرية عندهم عالية جدًّا، لذا لا نُشاهد أبدًا أصحاب الوساوس في محيط الجريمة، وهذا شيء جميل.
أيتها الفاضلة الكريمة: الذي بك طبعًا هو نوع من الوساوس القهرية، والوسواس القهري يُعالج على المستوى الفكري المعرفي، من خلال تطبيق ثلاث تمارين أساسية:
قومي بكتابة كل الأفكار الوسواسية التي تنتابك، اكتبيها في ورقة، ابدئي بأضعفها، وانتهي بأشدها، ثم طبّقي ثلاث تمارين سلوكية على كل فكرة:
التمرين الأول نسميه بـ (إيقاف الأفكار) وهو: أن تُخاطبي الفكرة قائلة (قفي، قفي، قفي، أنت فكرة وسواسية حقيرة، أنا لن أهتمّ بك)، يُكرّر هذا لمدة دقيقتين على الأقل، أو حتى تحسّين بالإجهاد.
والتمرين الثاني نسميه بـ (صرف الانتباه)، وذلك من خلال أن تأتي بفكرة تكون أكثر سُموًّا وعلوًّا من الفكرة الوسواسية، تذكّري أي شيء جميل، شيء عظيم، وهنالك أشياء كثيرة، مثلاً: تفكّري في التنفّس لديك، كيف أن الأكسجين يدخل في الدم من خلال الرئتين، وكيف أنه هو مصدر طاقاتنا، وبعد ذلك قومي مثلاً بعدِّ التنفُّس لديك لمدة دقيقة ... وهكذا. هذا نسميه بالاستغراق الذهني أو باستبدال الفكرة الوسواسية بفكرة أفضل فائدة.
والتمرين الثالث هو (تمرين التنفير)، ومن خلال التمارين التنفيرية يقوم الإنسان بفعل أو يأتي بفكرة يربطها بالوسواس، وهذا يُضعف الوسواس، مثلاً: اجلسي أمام طاولة وقومي بالضرب على يدك بقوة وشدة على سطيح الطاولة، حتى تحسين بالألم، وفي ذات الوقت استجلبي الفكرة الوسواسية. كرري هذا التمرين عشرين مرة في كل جلسة، بمعدل جلستين في اليوم، في الصباح وفي المساء، هذا التمرين وُجد أيضًا أنه يُضعف الوسواس كثيرًا.
فهذه هي الخطوط السلوكية العمومية لعلاج الوساوس، وطبعًا الفكرة يجب أن تُحقر دائمًا، يجب أن يتم تجاهلها دائمًا، وأريدك – أيتها الفاضلة الكريمة – أن تشعري بقوة الآن؛ لأن الآن هو الأقوى، ليس الماضي أبدًا، فالإنسان يعيش قوة الحاضر وينظر للمستقبل بأملٍ ورجاء، وأنت لديك أشياء جميلة جدًّا في حياتك.
سيكون من المهم جدًّا أيضًا أن تُطبقي بعض تمارين الاسترخاء، تمارين التنفس التدرجي على وجه الخصوص مفيدة جدًّا؛ لأنها تؤدي إلى تقليل القلق، حيث إن القلق هو المكوّن الرئيسي للوسواس.
أيتها الفاضلة الكريمة: أعتقد أن تناول علاج دوائي مثل الـ (زولفت)، والذي يُعرف علميًا باسم (سيرترالين) سيكون أمرًا ممتازًا جدًّا بالنسبة لك أيضًا، فبجانب التمارين التطبيقية التي ذكرناها تناولي السيرترالين، فهو سليم وفاعل جدًّا، والجرعة: تبدئي فيها بنصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعليها حبة واحدة يوميًا لمدة شهرٍ، ثم اجعليها حبتين – أي مائة مليجرام – يوميًا لمدة شهرين، ثم اجعليها حبة واحدة يوميًا لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء.
لا شك أنه دواء رائع، والجرعة التي وصفت لك هي جرعة صغيرة.
أسأل الله لك التوفيق والسداد.