أصبت بفتور وبعد عن الله.. كيف أرجع إلى الله؟
2021-04-13 03:03:03 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
كنت قبل ثلاث سنوات حافظة للقرآن الكريم، وأحسب أنني كنت على خير، وكنت ألتزم بالصلوات المفروضة وأتبعها بالنوافل، وكنت مدركة لأعمال القلوب من نية وغيرها، ومهتمة جدا بها، وكنت أراقب نفسي وأجاهدها لأخشع في صلواتي، ومع ذلك كنت أشعر أنني مقصرة، بعد ذلك بسنة تقريبا تدهورت، وزلت قدمي وفترت، حتى أن معلمتي التي كانت تعلمني القرآن في المركز تركتني، وهذا زاد الأمر سوءا، أنا أعلم أنه من الخطأ أن نربط العمل بالأشخاص، ولكن كانت معلمتي هذه تشجعني وتحثني وتعطيني دافع الأمل، وكانت أيضا بمثابة الصحبة الصالحة إذ لم تكن لي صحبة صالحة أبدا.
زاد وضعي سوءا، كرهت نفسي جدا، وقطعت الأمل مني، فأنا لا أصلح لشيء وأصبت بعدها بوسواس النظافة وأتعبني، ثم الكسل والخمول،
أتهاون بالصلاة والدعاء، لا أدري كيف يمضي الوقت، ولا أعي أن المؤذن يؤذن، وأن الوقت يسير فأنا كالميت.
وتبعا لذلك تدهورت حالتي في الحفظ، ونسيت ما علمني إياه الله، نسيت كل شيء من القرآن، أنا أشعر بخيبة كبيرة جدا، وتدهورت في كل شيء، وتعثرت في كل الأمور حتى في دراستي بعدما كنت أحرز أعلى العلامات بفضل من الله، أخشى أن أكون كالذي آتاه الله آياته، فانسلخ منها وأتبعه الشيطان، فكان من الغاوين، لا أريد كذلك طالما دعوت الله بأن أعود إليه بقلب سليم.
أنا لا أدري حقا، كيف سأرجع بوجهي هذا إلى الله، وكيف ألقاه، أنا أستحي من الله، وهو يراني أكتب هذه الكلمات وهو يسترني ويرزقني وفضلني على الكثير من الناس بما لم يبلغه عملي، أريد أن أولد من جديد، أنا تائهة ومتأخرة عن الجميع.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Rose حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك بنتنا الفاضلة في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يوفقك، وأن يُعيد لك الخير الذي كنت عليه، وأن يصلح الأحوال.
لا شك أن إحساسك بهذا الخلل، وبهذا النقص الذي حدث يُعتبر النقطة الأولى والمهمّة في طريق التصحيح، نسأل الله أن يُعينك على الخير، ونوصيك أولاً بكثرة الدعاء واللجوء إلى الله تبارك وتعالى.
ثانيًا: المحافظة على أذكار الصباح والمساء.
ثالثًا: الحرص على قراءة الرقية الشرعية على نفسك، ولا مانع من الذهاب إلى راقي شرعي يُقيم الرقية الشرعية على قواعدها المرعية.
رابعًا: ندعوك إلى عدم اليأس، إنَّ الذي وفقك هو الذي سيوفِّقُك بحوله وقوته وفضله.
خامسًا: أرجو ألَّا تستجيبي للوساوس، وعاملي عدوّنا الشيطان بنقيض قصده، واحرصي دائمًا على مخالفة هذا العدو، أعلمنا الله تعالى أن الشيطان عدوٌ لنا فقال: {إن الشيطان لكم عدوٌّ} ثم أمرنا تبارك وتعالى بعد ذلك فقال: {فاتخذوه عدوًّا}، فمن المهم الخروج من الوسوسة ومخالفة ما يريده الشيطان، والتعوذ بالله من الشيطان، وذكر الرحمن، والاشتغال بالأمور المهمة.
وإن كانت المعلِّمة قد تركتك وكانت صديقة ومُعلِّمة فابحثي عن غيرها من الصالحات، وعودي إليها أيضًا، واعرفي أسباب بُعدها عنك، واجتهدي في أن تكوني في رفقة صالحة تُعينك على الخير وتُعينك على طاعة الله تبارك وتعالى.
لا تيأسي كذلك من الدعاء، وثقي بأن الذي وفقك بالأمس سيوفقك اليوم، وتجنّبي عدم الشكر، فإن الإنسان إذا كانت عنده نعمة وسُلبتْ منه – كما قال الشيخ ابن باز – إمَّا أن يكون مُقصِّرًا في شكر النِّعم، وإمَّا أن يكون قد سخَّرها في معصية الله، وإمَّا أن يكون قد سخر من إنسان فسُلبتْ منه هذه النعم.
فتعوّذي بالله من الشر، واحملي الخير للناس، وكوني عونًا للمحتاجين، وأكثري من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وأكثري من الاستغفار، فإن في ذلك إزاحة للهموم، وردّدي دعوة يونس – عليه السلام -: {لا إله إلَّا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين}، ثم ابحثي معنا إن كانت هناك أسباب لهذا التغيُّر، وتواصلي مع الموقع، يعني: هل ارتحلت؟ هل مرَّت بك مرحلة جديدة؟ هل أصابك مرض؟ هل دخلت أشياء جديدة في حياتك؟ ما الذي غيَّرك؟ ... حتى نستطيع أن نتعاون إن شاء الله، حتى تعود الأمور إلى نصابها وصوابها، ولا تيأسي من اللجوء إلى الله، واعلمي أن النبي صلى الله عليه وسلم بشّرنا فقال: (يُستجاب لأحدكم ما لم يدعو بإثم أو بقطيعة رحم، ما لم يستعجل)، قيل: يا نبي الله ما الاستعجال؟ قال: (يقول: قد دعوت وقد دعوت، وقد دعوت، فلم أرَ يُسْتَجبْ لي، فيستحسر عند ذلك ويترك الدعاء).
نسأل الله أن يُعينك على الخير، وأن يلهمك السداد والرشاد، ونُكرر الترحيب بك في الموقع، وثقي بأننا ندخل على موسم مبارك (شهر رمضان) الذي أرجو أن تكوني فيه قريبة من الله، تُكثري فيه من اللجوء إلى الله تبارك وتعالى، فإن الفرص فيه كبيرة، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والعتق من النيرات.