كيف أتخلص من كثرة الأسئلة والأفكار والوساوس؟
2021-02-24 03:40:53 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله.
اسمي نعمان، وعمري ٢٤ سنة، طالب دراسات عليا في ألمانيا، كنت في البداية شخصا عاديا وإيجابيا ومتفوقا في دراستي، ومخاوفي كانت قليلة أو تكاد تكون معدومة، بعدها بدأت مشكلتي بألم أسنان شديد جدا، بعد هذا الألم بساعات بدأت أشعر بدقات قلبي تتسارع بقوة وضيق نفس وشعور بالخوف الشديد، فبحثت وعرفت أنها Panic attacks استمرت هذه النوبات أسابيع عدة، وبسببها بعد عدة أسابيع بدأت أدخل في موجة من الوسوسة والتفكير السلبي المفرط، وأفكار إيذاء الآخرين والانتحار والجنون وغيرها من الأفكار.
زرت دكتورة نفسية وشخصت حالتي بالاكتئاب الحاد، وقررت لي الـ escitaloprame، انتظمت على استخدام العلاج والأعراض الجسدية كفقدان الشهية والنوم، بدأت تتعدل عندي ولله الحمد، لكن الأفكار لازالت تتوالى في رأسي، حتى أصاب أحيانا بالصداع، حتى وإن كنت أفكر بأشياء تافهة، فمثلا أبدأ أفكر وأنا أذاكر في سؤال، وبعدها هل إجابتي صح أم خطأ؟ وبعدها أتساءل: لماذا يوجد في الحياة شيء صح وشيء خطأ؟ وبعدها لماذا هنالك حياة أساسا؟ وبعدها... وبعدها، أي كل موضوع يدخلني في موضوع آخر وهكذا، حتى أصاب بالتعب، حتى أني دخلت في مرحلة كنت أخاف من كل شيء.
أكثر شيء يؤرقني هو كثرة التساؤلات عن أي شيء أمامي، حتى وإن كان تافها والدخول معها في دوامة لانهائية من الأسئلة والمشاعر السيئة، حتى أنني صرت أتسأل في كل شيء هل ما أفعله صحيح أم خطأ؟ وهل لازلت طبيعيا أم بدأت أفقد عقلي؟ وهذه الأسئلة المخيفة التي لا أستطيع إيقافها.
فكيف أوقف هذه الأشياء وأتخلص منها؟ ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نعمان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.
النوبة التي أصابتك بالفعل هي نوبة هرع وفزع، وطبعًا دائمًا هذه الأفكار مرتبطة حقيقة بشيء من القلق، وبعد ذلك بكل وضوح بدأت تظهر لديك نوع من المخاوف الوسواسية، وبعد أن بدأت في علاج الـ (سيتالوبرام) – وهو أحد الأدوية الممتازة جدًّا لعلاج الاكتئاب والمخاوف والوساوس والقلق –بعدها بدأت حالتك تتحسَّن، وهذا شيء جميل وطيب، والآن أنت تشتكي من هذه الأفكار المتداخلة، التي تطرأ عليك بعض الأفكار الاستفهامية.
هذه الأفكار – أيها الفاضل الكريم – أفكار وسواسية ولا شك في ذلك، والظاهر أنك قد دخلت في شيء من الحوار الوسواسي دون أن تقصد ذلك، ولذا أصبحت لا تجد أي نهايات للتساؤلات السخيفة المطروحة. فأنا أقو لك: هذا وسواس ولا شك في ذلك، وإن شاء الله تعالى يُعالج.
أولاً جرعة الاسيتالوبرام يجب أن تكون عشرين مليجرامًا يوميًا، هذه هي أقلَّ جرعة علاجية لعلاج الوساوس من هذا النوع. ويجب أن يُدعم الاسيتالبرام بعقار آخر، وهو الـ (ريسبريدون) بجرعة واحد مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر على الأقل. هذا من الناحية الدوائية.
أمَّا من النواحي الأخرى فأنت مطالب بأن تحرص على النوم الليلي المبكِّر، وتتجنب السهر، لأن ذلك يؤدي إلى حالة استقرار كامل في الدماغ، وكذلك استقرار في الجسد، ويستيقظ الإنسان مبكِّرًا، يُصلِّي الفجر، ويبدأ يومه بصورة إيجابية جدًّا.
أنت أيضًا – أيها الفاضل الكريم – مطلوب منك أن تُمارس الرياضة، لأن الرياضة مفيدة جدًّا، وطبعًا من خلال حُسن إدارتك لوقتك يمكن أن تفي الدراسة حقَّها، وكذلك تُرفّه عن نفسك بما هو طيب وجميل، وتتواصل اجتماعيًّا.
إذًا هذا التغيير في نمط الحياة مطلوب، لأنه يُقلِّلُ كثيرًا من فرصة الحوارات الوسواسية، والحوارات الوسواسية هذه ممنوعة جدًّا، يجب على الإنسان أن يُوقفها في لحطتها، حين تطرح هذه الأسئلة نفسها عليك لا تُحاورها، لا تُناقشها، لا تسترسل فيها، إنما خاطبها مباشرة قائلاً: (أنتِ أفكار وسواسية سخيفة، أنا لن أناقشك أبدًا)، وغيِّرْ مكانك، وأدخلْ فكرة جديدة، أو قُمْ بفعل جديد، هذا يُسمَّى بصرف الانتباه، ويُسمَّى بالانتهاء عن الفكرة، وهو من الآليات العلاجية الممتازة جدًّا، وهو علاج نبوي لم يسبق إليه أحد من الأطباء النفسيين.
إذًا –أيها الفاضل الكريم– هذه هي الوسائل العلاجية، وأنا متأكد أنك سوف تُطبقها، وسوف تلتزم أيضًا بزيادة جرعة الدواء إن لم تكن تصل إلى عشرين مليجرامًا، وطبعًا لو شاورت طبيبتك النفسية سيكون هذا أيضًا أمرًا طيبًا وجميلاً.
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأشكرك على ثقتك في إسلام يب.