أوسوس بالموت دائما وأشعر أنه قريب مني، فبماذا تنصحونني؟
2020-12-29 02:34:03 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة، عمري 18 سنة، أعاني تقريبا منذ سنة من ثقل في القلب، وتسارع في النبضات، وألم في القلب والذراع والظهر، ووسواس في العبادة، ووسواس الموت بسبب ألم قلبي، فأشعر أنني أتنفس رائحة الموت، وأن كل الكلام وكل شيء يربطني بالموت، خصوصا كثرة موت الفجأة.
وعند موت جارتنا في الأيام الأخيرة حزنت جدا، وشعرت أنني أيضا سأموت، وقد عملت تخطيطا للقلب في المرة الأولى التي شعرت فيها بالخفقان عند طبيب عام، فقال: إنني أعاني من التوتر، وأعدته عند طبيب آخر عام مؤخرا، وأيضا قال إنها مشكلة بسيطة، وأنني أعاني من الوسواس والهلع.
أنا خائفة جدا من إصابتي بالقلب والسكتة القلبية، في بعض الأحيان أكون بصحة جيدة، وأحيانا يؤلمني قلبي باستمرار، فأنا خائفة جدا، خصوصا أنني مقبلة على عملية جراحية لتقوس الساقين الحاد، ومقتنعة جدا أنني سأموت عند التخدير بسبب ألم قلبي، وأيضا هذه المشاكل تزداد سوءا في فصل الشتاء، أرجوكم ساعدوني من فضلكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أحلام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك العافية والتوفيق والسداد.
ما تعاني منه هو قلق مخاوف ذو طابع وسواسي، وهذا النوع من القلق منتشر جدًّا، ومع ذلك لم أسمع بإنسان لديه هذه المخاوف مات بسببها، هذا غير موجود – أيتها الفاضلة الكريمة – فإذًا هي وسوسة يجب أن تُحقّريها، يجب أن تتجاهليها، ويجب أن تبني قناعات مطلقة أن الموت حقيقة أبدية، لا مهرب ولا مفر منه، {قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم}، وهو أمرٌ مكتوب، {وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن متَّ فهم الخالدون * كل نفسٍ ذائقة الموت}، {إنك ميتٌ وإنهم ميتون}، والأجل إذا جاء لا يؤخر {إن أجل الله إذا جاء لا يُؤخّر}، {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون}.
إذًا القناعة الشرعية بأن الموت آتٍ ولا شك فيه؛ هذا هو الذي يجب أن يعيش فيه الإنسان، ويجب أن يعمل لما بعد الموت، هذا النوع من الخوف نُسمّيه بالخوف المحمود، الخوف المفيد الذي يجعلك تعيش حياتك بقوة وبكل جمال وبكل استمتاع وبكل إنتاجية وبكل إيجابية، وتحرص في عبادتك حتى لا تكون متلبِّسًا بالذنوب والمعاصي ويأتيك الموت.
أمَّا الخوف لمجرد الخوف أنني سأموت وأن الموت آتٍ و... و...؛ هذا كلامٌ حقيقة يجب ألَّا يهتمَّ به أي إنسان ولا يخاف هذا الخوف المرضي، خاصة المسلم، قال الله تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون}، وقال: {من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنُحيينه حياةً طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون}.
فيا أيتها الفاضلة الكريمة: حقّري هذه الأعراض تمامًا، والعملية التي ستجرينها إن شاء الله بسيطة، والتخدير سليم مائة بالمائة، وأنت في سِنٍّ صغيرة، فلا تعيشي تحت هذه الهواجس التي لا داعي لها.
ولابد أن تتخلصي من الفراغ، لأن الفراغ هو الذي يجلب للناس هذه الأفكار التي لا خير فيها، اجتهدي في دراستك، تواصلي اجتماعيًّا، اقرئي، رفّهي عن نفسك، اجعلي لك برنامج حياة، مثلاً أن تُقرِّري أن تحفظي أجزاء من القرآن الكريم، أو يا حبذا لو كلّ القرآن، هذا اجعليه برنامجًا في حياتك، بجانب التفوق الدراسي. فانطلقي بنفسك وبتفكيرك إلى ما هو أرحب وإلى ما هو أجمل، ولا تناقشي قضية الموت مع نفسك بهذه الكيفية السلبية، فالموت حقيقة ولا شك في ذلك.
هذه نصيحتي لك، وطبعًا هنالك أدوية ممتازة جدًّا لإزالة الخوف بصفة عامة، خاصة الخوف الذي يكون مرتبطًا بشيء من الوساوس، وربما نوبات الهرع التي تأتي لبعض الناس، وقد تكون أتتك شيء من هذه النوبة، لأن تسارع نبضات القلب دائمًا مرتبطًا بالخوف والفزع، ومن ثمَّ تتولّد عنه الوسوسة، وهنالك أدوية أيضًا مفيدة كعقار (سبرالكس) أو عقار (سيرترالين)، لكن لا أعتقد أنك سوف تحتاجين لأيٍّ من هذه الأدوية، وعمومًا: إذا طبَّقت ما ذكرتُه لك من إرشاد ولم تتحسَّن أحوالك بصورة جيدة اذهبي إلى طبيب الأسرة أو الطبيب النفسي، ويمكن أن يكتب لك أحد هذه الأدوية ويعطيك المزيد من الإرشاد.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.