وسواس الموت يؤثر على حياتي اليومية، ساعدوني.
2020-12-10 02:25:13 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أعاني من وسواس الموت كثيرا منذ 3 شهور، وقد أصبح لدي مشاكل صحية بسببه، ولم أخبر عائلتي مع أنني أجرب ذلك، وهذا أيضاً يؤثر على صلاتي، فدائماً يأتيني أثناء الصلاة ويجعلني أكررها فوق 10 مرات، ويجعلني أكره الصلاة، وأخاف أن أصلي لأني أصاب بنبضات قلب سريعة وغثيان، علما أني أقرأ القرآن وأحافظ على الأذكار، لكني لم أتمكن من التخلص منه.
الرجاء الرد على رسالتي فوراً وإعطائي الحلول والعلاج؛ لأنه يؤثر على حياتي اليومية كثيراً، وشكراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عائشة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في استشارات الشبكة الإسلامية.
جزاك الله خيرًا على محافظتك على الصلاة وتلاوة القرآن، أسأل الله تعالى أن يزيدك في ذلك، وأن يجعل ذلك سبيلاً لأن تطمئني طمأنينة كاملة في حياتك، وتكوني من الناجحات الصالحات.
أيتها الفاضلة الكريمة: هذا النوع من المخاوف كثير جدًّا، الخوف من الموت قد يصل به لدرجة الوسوسة، وفي مثل عمرك يكثر مثل هذا الخوف، وقد يكون الخوف مكتسب نتيجة لتجربة ما، سمعتِ كلامًا مغلوطًا عن الموت، أو توفى شخص تعرفينه حق المعرفة، وهكذا، إذًا هذه المخاوف هي مخاوف مكتسبة ومتعلمة، والشيء المكتسب أو المتعلم يمكن أن يُفقد من خلال التعليم المضاد.
قطعًا -وبفضل من الله تعالى- أنت تدركين حقيقة الموت، الموت حقيقة ثابتة ولا شك في ذلك، {إنك ميت وإنهم ميتون}، {إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر}. والإنسان لا يعرف وقت موته، وإن كان الأجل ثابت ومكتوب ومنذ أن كان الإنسان في بطن أمه.
نحن حقيقة نرى أن الخوف المحمود من الموت أمرٌ جيد جدًّا، لكن الخوف المرضي هو المفروض، الخوف المحمود هو الذي يتذكر الإنسان الموت، وأن يعمل لما بعد الموت، وأن يتجنب الإنسان أن يكون متلبسًا بالآثام والذنوب، ويأتيه الموت على هذه الحال، هذا نوع من الخوف المحمود، لكن يجب ألَّا يكون مُعطِّلاً للإنسان في حياته، أن يختلط هذا النوع من الخوف بالأمل والرجاء، رحمة الله واسعة، وما عند الله خيرٌ للعبد، والإنسان يسأل الله تعالى أن يطيل عمره في عمل الصالحات، وأن يهب الله تعالى حسن الخاتمة، هكذا يتم التعامل مع هذا النوع من الفكر الوسواسي لنحوله إلى فكرٍ إيجابي محمود.
الخوف المرضي من الموت: تجد بعض الناس يخافون من الموت دون أن يقوموا بأي شيء لما بعد الموت، وهذه مشكلة كبيرة جدًّا، إذا كنا تخاف من الموت حقيقة فعلينا أن نعمل لما بعد الموت، (مَنْ خَافَ أَدْلَجَ، وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ المَنْزِلَ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الجَنَّةُ)، وسلعة الله (الجنة) تتطلب الإيمان والعمل الصالح، {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز العظيم}.
واعلمي أن كل إنسان يكره الموت، كما قالت عَائِشَةَ -رضي الله عنها- حين قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللهِ أَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ؟ فَكُلُّنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ كَذَلِكِ، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا بُشِّرَ بِرَحْمَةِ اللهِ وَرِضْوَانِهِ وَجَنَّتِهِ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ فَأَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ)، هذا هو الوضع أيتها الابنة الكريمة، فأنا أريدك أن تخافي الخوف المحمود، الخوف الذي لخصته لك فيما مضى، وأقول لك:
تجنبي الفراغ الزمني والذهني، الفراغ الزمني والذهني أيضًا يجعل مثل هذا النوع من الوساوس تُهيمن على الإنسان. وزّعي وقتك بصورة جيدة، اجتهدي في دراستك، تواصلي مع صديقاتك، رفهي عن نفسك بشيء طيب وجميل، ابدئي مثلاً مشروع حفظ شيء من القرآن الكريم، مارسي رياضة، هذا من حقك، مارسي بعض التمارين الاسترخائية، تمارين التنفس المتدرجة وتمارين شد العضلات وقبضها ثم استرخائها، من أفضل أنواع التمارين، و-إن شاء الله تعالى- تزيل عنك تسارع ضربات القلب الذي يزعجك، وكذلك الغثيان.
طبعًا العلاج الدوائي أيضًا في حالتك سيكون مفيدًا ومفيدًا جدًّا، لكن أريدك أن تتحدثي مع والديك مثلاً حول هذا الموضوع وأنك تحتاجين إلى أحد مضادات المخاوف، وقد نصحناك بذلك، وقطعًا سوف يوافق والداك على ذلك، ويمكن أن تذهبي إلى الطبيب، الطبيب النفسي أو طبيبة الأسرة، ومن أفضل الأدوية التي سوف تساعدك عقار يُسمَّى علميًا (سيرترالين)، دواء مفيد، دواء رائع، غير إدماني، وغير تعودي، ولا يُؤثر على الهرمونات النسائية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.