أشعر بالذنب والندم كبير لتقصيري مع والدتي قبل موتها!
2020-12-07 00:18:16 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله.
عشت مع أمي وكانت عصبية، أي شيء يستفزها، كنت أرعاها وأفعل ما تقوله، عندما كانت تغضب مني كانت تدعي علي وتعيرني بأن كل من هم في عمري قد تزوجوا وعندهم أبناء، كنت أزعل ولا أتكلم معها، كانت مريضة وأشعر أني قصرت في حقها، كان يجب أن أكون أحن من ذلك عليها، ثم أصبحت مريضة غسيل كلى، ألوم نفسي لماذا زعلتها؟ لماذا لم أصبر عليها؟ كان في عقلي أنها ستبقى معي ولن يحدث لها شيء سيء.
استمرت علاقتنا كما كانت من قبل، وأظل ألوم نفسي، كنت أحبها مع ذلك رفعت صوتي عليها، أحزنتها، لم أُراعيها! أتساءل لماذا يا رب كنت هكذا؟! أنا أحبك وأحبها، حتى آخر شهر لها في الحياة كان نكدا، كيف سأعيش بهذا القلب المنكسر؟!
أعرف أن لو من الشيطان وكل ما يحدث بعلم الله، ولكن أقول يا ليتني فعلت كذا وكذا وحننت عليها وتجاوزت عن غضبها علي، وأبقى أتساءل لماذا صار هذا يا رب؟ لا أعرف كيف سيمضي العمر وأنا أحمل هذا الذنب في صدري؟!
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تمكين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً ومرحباً بك عزيزتي تمكين.
سوف أبدأ حيث انتهت رسالتك: "لا أعرف كيف سيمضي العمر وأنا أحمل هذا الذنب في صدري"، أقول لك غاليتي: هذا الأمر عادة يحصل عند وفاة عزيز ويشعر الآخر بأنه مقصر ويلوم نفسه وأنت ربما من كثر التعب كان يصدر منك بعض التصرفات التي لا تدل على البرّ. ولكن لا تتمادي ولا تستمري لفترات طويلة بلوم نفسك وجلد الذات ولا تعذبي روحك أكثر مما تحتمل غاليتي، فبعد أن يمر الوقت ستترتب مشاعرك.
وقولك: "وأبقى أتساءل لماذا صار هذا يا رب؟"، الشرع يقول: إن مثل هذا السؤال لا يجوز إن كان سببه تسخط القدر، أو الاعتراض على أقدار الله تعالى، أو اتهامه بعدم العدل، فهو سبحانه حكيم عدل، يتصرف في عباده بما شاء، ولا يظلم أحدا، فقد قال الله تعالى: {لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون}.
أريدك أن تسألي نفسك: ما الذي يسعد والدتك لتقوم به؟
عزيزتي: إنّ نقد الذات ومراجعتها أمر إيجابي ولكن لوم النفس المتكرر واليومي قد يؤدي إلى أمراض نفسية وتأنيب الضمير؛ قد يؤدي إلى الاحتراق النفسي.
أنت بحاجة إلى جلسة مع النفس تفكرين فيها بصورة أكثر عدلاً في حق نفسك، وإيجابية في حق أيامك القادمة، ومن المفيد لك أنّ تتخلصي من رواسب الماضي الأليم الذي لم يكن لك ذنب في أحداثه إنما الظروف الصعبة التي فرضها حصار العدو عليكم كانت سبباً مباشراً في زيادة الضغوطات النفسية عليكم جميعاً.
سيري في حياتك، ولا تجتري الماضي، وأشغلي نفسك بالبحث عن عمل يليق بفتاة مسلمة، وأكثري من الدعاء لوالدتك، واعملي على برِّ والدتك بعد وفاتها.
وأقبلي على كل يوم بروح الأمل والتوكل وحُسن الظن بالله تعالى حتى لا تدخلي في دوامة عميقة من الحزن المفرط في لوم النفس وجلد الذات.
حافظي على صديقتك الأقرب لك فلا تغلقي على نفسك؛ فأنت الآن أحوج ما يكون إلى الفضفضة والدعم النفسي .
طوري من نفسك من خلال حضور الدورات المعنية بالتنمية البشرية، ومتعي نفسك بالمطالعة؛ فهي مفيدة وتزدادين خبرة وعلم وثقافة، ولا تيأسي في البحث عن عمل وأشغلي وقت فراغك بالمشاركة بإحدى الجمعيات الدعوية الخيرية التي تعمل من أجل أرضنا الحبيبة فلسطين؛ فهذا يساعدك على بناء علاقات اجتماعية من خلال التعرف على العديد من الصديقات الصالحات.
وآخيراً: أذكرك مما ينفع الإنسان بعد وفاته الصدقة عنه، والدعاء له بالعفو والمغفرة والرحمة، فيصله ثواب ذلك ممن فعله، وقال رسولنا الكريم: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له).
والصدقات الجارية كثيرة، ومنها: وقف مصحف، وبيت لابن السبيل بناه، ومسجد شيده، ونهر أجراه، وغرس نخل، ورباط ثغر، وحفر بئر، وكفالة يتيم فإن الصدقة على اليتيم من أفضل الصدقات الجارية التي يمكن للمسلم أن يتقرب بها إلى الله ، وهي من أفضل أنواع البر عن الوالدين بعد موتهما.
أسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لولدتك، وأسأل الله أنّ يرزقك الزوج الصالح التقي النقي.