الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول:
احذر من إرسال الرسائل السلبية إلى عقلك، فإن العقل يستقبل تلك الرسائل، ويأمر بقية الأعضاء بالتفاعل معها والعمل بموجبها، فاستشارتك مليئة بالرسائل السلبية، بل كلها رسائل سلبية، ويجب عليك أن تغيرها إلى رسائل إيجابية متفائلة.
لو نظرت في سبب وقوعك في هذه المعاصي لوجدت أن السبب ضعف الإيمان، والذي يتسبب في ضعف النفس وتسويلها وتزيينها للمعاصي، إضافة إلى استيلاء الشيطان الرجيم بوساوسه وتزيينه.
عليك أن تستنهض القوى التي أودعها الله -سبحانه وتعالى- في نفسك، وأن تفعلها لأنها الآن خاملة، فإن فعلتها استطعت -بإذن الله تعالى- أن تنهض بنفسك وتأخذها إلى بر الأمان.
يجب عليك أن تصر على التوبة النصوح من هذا الإدمان على هذه المعاصي، وذلك بالإقلاع عنها والندم على ما فعلت، والعزم على ألا تعود مرة أخرى، ولو ضعفت نفسك فعدت فعد للتوبة مرة أخرى، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِيمَا يَحْكِي عَن ربِّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالى- قَالَ: أَذنَب عبْدٌ ذَنْبًا فقالَ: اللَّهُمَّ اغفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ اللَّهُ -تَبَارَكَ وَتَعالى-: أَذْنَبَ عبدِي ذَنْبًا، فَعَلِم أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنبِ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ، فَقَالَ: أَيْ ربِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ -تبارك وتعالى-: أَذْنَبَ عبدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغفِرُ الذَّنبَ، وَيَأخُذُ بِالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ، فَقَالَ: أَي رَبِّ اغفِرْ لِي ذَنبي، فَقَالَ -تَبَارَكَ وَتَعَالى-: أَذْنَبَ عَبدِي ذَنبًا، فعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنبِ، قد غَفَرْتُ لِعَبْدِي فَلْيَفْعَلْ مَا شَاءَ) متفقٌ عَلَيهِ، وقوله: (فَلْيَفْعَلْ مَا شَاءَ)، يعني: ما دام يتوب إلى الله من ذنبه ويُقْلِع ويندم فهو جديرٌ بالتوبة؛ لأنَّ الإنسان محلُّ الخطايا وليس المقصود أن الله يبيح له فعل المعصية.
يجب أن تقطع صلتك بالإنترنت لمدة حتى تقنع نفسك وتهدأ فالعقوبة للنفس تؤتي أكلها -بإذن الله تعالى-.
نوصيك بأن تحافظ على أداء ما افترض الله عليك وأهم ذلك الصلاة، وأن تكثر من النوافل فإن الحسنات يذهبن السيئات.
عليك بالصوم فإنه علاج نبوي للحد من الشهوة، يقول -عليه الصلاة والسلام-: (يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَن استطاعَ مِنكُمُ الباءةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ).
أكثر من تلاوة القرآن الكريم وسماعه، وحافظ على أذكار اليوم والليلة، ففي ذلك طمأنينة لقلبك وحرزا لك من شر شياطين الإنس والجن ووساوسهم.
لا بد من تغيير أصحابك وعليك بمرافقة الصالحين، فإن للرفيق بصماته فالصالح يأخذ بيدك ويدلك على الخير ويعينك عليه.
ستنهض -بإذن الله تعالى- ويستقيم حالك فما هنالك شيء مستحيل فكن متفائلا، وأحسن الظن بالله تعالى ولا تقنط من رحمة الله تعالى فالله سبحانه يغفر الذنوب جميعا.
باب التوبة لا يزال مفتوحا، ولا ينغلق إلا إذا بلغت روح العبد الحلقوم، أو طلعت الشمس من مغربها كما ورد في الحديث.
الزم الاستغفار، وأكثر من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).
تضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، وتحين أوقات الإجابة وسل ربك أن يمن عليك بالتوبة، وأن يصرف عنك التفكر في مشاهدة أو فعل الحرام، وأن يرزقك الاستقامة وأكثر من دعاء ذي النون: (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).
أحسن الظن بالله تعالى فإن الله -سبحانه- عند ظن عبده به ففي الحديث: (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي ، إِنْ ظَنَّ خَيْرًا فَلَهُ ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ).
نسعد بتواصلك ونسأل الله تعالى أن يمن علينا وعليك بالتوبة والاستقامة وأن يغفر لنا ولك ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا، وما هو أعلم به منا ولك منا الدعاء بظهر الغيب.
وللفائدة راجع هذه الاستشارات المرتبطة: (
3731 -
26279 –
268849 -
283567 -
278632).
والله الموفق.