لا أشعر بسعادة ودائما منهك ومتعب، فهل هذه حالة نفسية؟
2020-11-17 01:28:08 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أعاني من التعب النفسي، تزوجت منذ سنتين، أثناء الخطوبة والزواج حصل العديد من المشاكل العائلية، حاربت كل من حولي حتى استطعت أن أتم الزواج، ولكن أتممت الزواج وأنا منهك لدرجة كبيرة حتى أنني قبل يومين من الزفاف كنت أشك أن لا يتم الزواج، وفي كل خطوة من الخطوات كنت متعبا نفسيا، وكأني ذاهب إلى التعاسة والحزن وليس الفرح.
منذ سنتين إلى الآن متخبط ومتقلب وأغلب أوقاتي متعب، وأقوم بأعمالي ببالغ الصعوبة، وكثيرا ما أفكر بالاستسلام، وأنه لا توجد سعادة؛ لأني غير مقتنع بفكرة الزواج، أنا شخص خجول قليلا، وكثير من المواقف آلمتني وأوجعتني.
علما أن أول الزواج زارني أحد الأقرباء وسقطت فحمتان من الأرجيلة على الكرسي، فخرقتا الكرسي وكأنهما عينان، كما أن فستان زفاف زوجتي ثقب بشمعه يوم العرس، وأنا منذ صغري أعاني العزلة وصعوبة الاختلاط ولست اجتماعيا، هل هذا مرض نفسي يحتاج لطبيب، أم عمل خفي أم عين؟ أرجو الرد.
وشكرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
من المعلومات المتاحة والتي تحدثت عنها ذكرتَ بعض سمات شخصيتك وتطبُّعك الاجتماعي وتفاعلاتك الوجدانية، وأنا لا أستطيع أن أقول إنك تعاني من مرض نفسي حقيقة، ربما تكون لديك بعض الظواهر النفسية، هذه الانطوائية وهذه السلبية وعدم الثقة في كفاءتك النفسية، سمات وصفات مصاحبة لشخصيتك أكثر من أي شيء آخر.
وأعتقد أنك محتاج أن تُركز على الجوانب الإيجابية في حياتك أيضًا، هذه السلبيات وهذه التذبذبات الوجدانية المزاجية يجب ألَّا تُنسيك ما هو طيب في حياتك، فأنت الحمد لله تزوجت، وهذه خطوة كبيرة جدًّا، كم من الناس حُرموا من الزواج، كثيرٌ وكثيرٌ جدًّا.
وأنت - أيها الفاضل الكريم – ما شاء الله نستطيع أن نقول في بدايات الشباب، لديك طاقات، لديك إمكانات، لديك مقدرات، كلّ الذي تحتاجه من وجهة نظري هو أن تجلس مع نفسك جلسات نفسية صادقة، وتحاول أن تُقيّم نفسك بكل حيادية، لا تظلم نفسك، ولا تُضخمها. بعد ذلك ابحث في العوامل الإيجابية في شخصيتك وفي بيتك وفي زوجتك وحاول أن تُنمِّيها، وبنفس المستوى حاول أن تُقلِّص السلبيات، وهذا ممكن جدًّا.
فالأمر كلُّه يتعلق بالتكيُّف مع الظروف الإيجابية أكثر من التعلق مع الظروف السلبية، والقدرة على التغيير هي سمة وهبنا الله تعالى، لأن الله تعالى قد استودع فينا العلم، {وعلَّم آدم الأسماء كلها}، استودع فينا المهارات، استودع فينا العقل، استودع فينا الإدراك، استودع فينا الإرادة والاستطاعة لنقود حياتنا، وقال: {لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها} وقال: {لا يكلف الله نفسًا إلَّا ما آتاها}، وقال: {انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض}، وقال: {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً}.
هذه الإمكانيات العظيمة وهذه القدرات في بعض الأحيان قد تكون متجمدة، أو قد تكون خاملة، وعلينا أن نستذكرها، وأن نحرِّكها، وأن نجعلها في موضع الاستطاعة والإرادة، أن نسعى دائمًا أن نكون في مقدمة الصفوف في كل شيء.
ويا أخي الكريم: مبدأٌ عظيمٌ جدًّا، هو: يجب أن تسعى أن تكون نافعًا لنفسك ولغيرك، وكلُّ إنسانٍ لديه الإمكانات حسب ظروفه أن يقوم بذلك.
ما الذي يجعلك تكون خجولاً؟!
صِلْ رحمك، تعلَّم التواصل ولغة التواصل، تعلم الكلام وذلك بحفظ الأشياء المتداولة على ألسنة الناس، وحفظ الأمثال، وحفظ بعض الأبيات الشعرية، وحفظ بعض الأحاديث والسنن، وحفظ القرآن، تفقّد جارك، مارس رياضة جماعية ككرة القدم مثلاً مع مجموعة من الشباب، اذهب إلى الأعراس، امش في الجنائز، رفّه عن نفسك بما هو طيب وجميل مع أصدقائك، صلِّ مع الجماعة في المسجد، هذه أمور ليس مستحيلة، من واقعنا، محسوسة وملموسة، كم من الطبيبين سوف تجدهم في المسجد وتتعرَّف عليهم.
أرجو منك أن تجعل هذه المنهجية منهجية لحياتك، و-إن شاء الله تعالى- يأتي التغيُّر الإيجابي، يتحسَّن هذا النمط من أنماط حياتك، وتجد نفسك أنك في وضع أفضل، والإنسان يتطور، والإنسان يتغيّر، وهذه ميزة كبيرة جدًّا، وهي من وجهة نظري هي من الأشياء التي كرَّم الله تعالى بها الإنسان، القدرة على التغيُّر والقدرة على التطور.
أشكرك – أخي الكريم – وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد، وطبعًا إنِ استطعت أن تقابل طبيبًا نفسيًّا من أجل المزيد من العلاجات النفسية السلوكية والإدراكية؛ هذا سوف يكون أمرًا جيدًا، وإن كان الأمر بالنسبة لي واضحا جدًّا، وإنِ اتبعت الأسس المنهجية التي ذكرتُها لك -إن شاء الله تعالى- يحدث تغيير إيجابي في حياتك ونمطها.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.