ما زلت أعاني من الشكوك الكثيرة رغم تناول العلاج، أفيدوني.
2020-11-08 04:12:04 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أولا: أود أن أشكركم على الجهود الجبارة التي تقومون بها، وثانيا: أود أن يجيب على استشارتي الدكتور/ محمد عبد الغليم؛ لأنني متابع معه منذ زمن على موقعكم المحترم.
تم تشخيص حالتي على أنني أعاني من الذهان البارانوي، وأستعمل (risperdal) بجرعة 4 ملغ في اليوم، (وبروزاك) 20 ملغ في اليوم، أستعمل هذين الدوائين منذ أربع سنوات، ومع كل هذا لا زلت أعاني بكثرة من الشكوك في كل المحيطين بي، ولدي دائما ارتياب في تصرفات زوجتي وأظن أنها تخدعني، مع العلم أنني على يقين بأنها امرأة صالحة وملتزمة ولم ألاحظ أبدا عليها أي شيء.
ولدي أيضا حساسية مفرطة تجاه أصدقائي جميعا حتى كدت أفقدهم، ولم يبق لدي تقريبا أي صديق، أسيىء فيهم الظن، ولدي انعزال عن مجتمعي.
سؤالي للدكتور: ما نصيحتكم لي؟ وما هي الجرعة التي يجب علي تناولها من (ريسبردال)؟ وكم هي الفترة التي يجب أن أبقى عليها؟ (مع الإشارة إلى أن وزني يبلغ 105 كلغ).
مع العلم أن من لا يعرفني جيدا لا يمكن أن يلاحظ علي أي شيء، ولكنني أعاني جدا، حفظكم الله ورعاكم أنتظر جوابكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأشكرك على ثقتك في إسلام ويب وفي شخصي الضعيف.
أخي الكريم: الأمراض الذهانية البارونية هي من أكثر الحالات التي تستجيب للعلاج، خاصة العلاج الدوائي. والذي ألاحظه – أخي الكريم – فيما ذكرتَه أنك الحمد لله مستبصر، وحكمك على الأشياء سليم، وكامل الإدراك والوعي، وهذه خطوة متقدمة جدًّا في علاج الذُّهانيات، حين يصل الإنسان لهذه المرحلة.
نعم ما يُساورك من شكوك هنا وهناك أنت تؤمن بسخفه، ولكنّه تسلَّط عليك، وأنت مستبصرٌ به إن شاء الله تعالى. أنا أعتقد أن هذا يجب أن تتعامل معه سلوكيًّا. الخاطرة حين تأتيك وفي بدايتها وقبل أن تصبح فكرة كاملة يجب أن ترفضها، يجب أن تلفظها، يجب أن تعتمد على ما نسمّيه بـ (إيقاف الأفكار).
خاطب الفكرة أو الخاطرة قائلاً: (أنت خاطرة سخيفة، أنت فكرة سخيفة، أنا أحتقرك، أنا لن آخذ بك، ولن أحوارك، ولن أناقشك أبدًا)، وحين يأتي الفكرة حول الزوجة أيضًا طبّق إيقاف الفكرة هذه وأضف عليه: (زوجتي طاهرة شريفة، كريمة، أسأل الله أن يحفظها)، وشيء من هذا القبيح. إذًا هذا نوع من العلاج السلوكي الجيد جدًّا.
وهنالك يُسمَّى بـ (العلاج التنفيري) أيضًا يجب أن تُطبقه، حتى في الذُّهانيات تفيد، نفس هذه الأفكار أقرنها بتفاعلات أو أحاسيس مضادة لها، مثلاً: قم بشمِّ رائحة كريهة جدًّا، إذا استطعت أن تتحصّل على شيء رائحته كريهة، قم بشمِّه، وفي نفس الوقت استجلب أحد هذه الأفكار، واربط ما بين الاثنين – شمّ الرائحة الكريهة واستجلاب الفكرة – أو قم مثلاً بالضرب على يدك على سطح صلب كسطح الطاولة مثلاً، الضربة يجب أن تكون شديدة حتى تحس بالألم، وفي ذات اللحظة تفكّر في الخاطرة الظنانينة التي تنتابك، وتُكرر هذا التمرين.
هذه التمارين إذا أُخذتْ بجدّية تمارين ممتازة جدًّا، وتُفيد، علماء السلوك وجدوا أن إيقاع أي إحساس غير مرغوب فيه على النفس يُنفِّرُ الوسواس. فأرجو – أخي الكريم – أن تحرص على هذه التمارين.
أرجو أيضًا أن تُركز على الرياضة، الرياضة تُنشّط المواد الكيميائية الدماغية، وأنا أنصحك بالرياضة الجماعية. أنت ذكرت أنه نسبةً لهذه الظنانيات الكثير من الأصدقاء انفضوا من حولك، فيا أخي: يمكن الانضمام إلى مجموعة رياضية، تمارس كرة القدم، هذا قد يكون شيئًا طيبًا.
احرص على الصلاة مع الجماعة في المسجد، انضم لحلقة لتلاوة القرآن، هذا أيضًا يجعلك ترتبط بالناس، لأن الإنسان لابد ككيان اجتماعي أن يتواصل مع الناس.
وأنصحك أيضًا أن تحرص دائمًا بالقيام بالواجبات الاجتماعية، لا تتخلف من واجب اجتماعي، لبّي الدعوات، الأعراس الأفراح، قدِّم واجبات العزاء، امشي في الجنائز، عليك بزيارة المرضى، ورفّه عن نفسك أيضًا مع أصدقائك، وحاول التواصل معهم، وكن أنت المبادر بالسؤال والتواصل.
بهذه الكيفية أنا أعتقد أنك تستطيع أن تتخلص تمامًا من هذه الظنانيات. ويا أخي الكريم: دائمًا عامل الناس كما تحب أن يعاملوك، خذ هذا المبدأ، هذا مبدأ مريح جدًّا، ومفيد جدًّا، وحقيقي جدًّا. وفي ذات الوقت عامل الناس كما هم لا كما تريد، هذه أيضًا مهمَّة.
يمكن أن ترفع جرعة الرزبريادون إلى ستة مليجرام لمدة شهرين، ثم ارجع لجرعة الأربعة مليجرام. إذا سببت جرعة الستة مليجرام أي آثار سلبية - مثل الرجفة أو الشعور بالتخشب والانشداد في الجسم - فيمكن تناول عقار (آرتين) بجرعة 5 مليجرام يوميًا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.